الحجر الحلبي.. عودة مهنة قديمة أنهكتها الحرب السورية رغم استمرار معوقات أخرى
حلب – نورث برس
عادت بعض معامل الحجر الحلبي للعمل بعد انحسار المعارك عن مدينة حلب ومجمل أريافها، بعد تدمير معظمها خلال السنوات السابقة نتيجة المعارك التي جرت بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلّحة.
وكانت صناعة الحجر الحلبي قد تدهورت خلال سنوات الحرب في سوريا وتبعاتها، إذ دمرت عشرات المناشر ومعامل الحجر، لا سيما في مناطق جسر الحج والسكري والشيخ سعيد جنوبي حلب، حيث تتركز أهم معامل الحجر وأكثر مناشره شهرة وإنتاجية.
وتعد صناعة الحجر الحلبي من أهم الصناعات في مدينة حلب وأكثرها قدماً، فقد اشتهرت المدينة بحجارتها البيضاء التي استمدت منها تسميتها بـ "الشهباء".
وقال أبو عبدو الريس، وهو صاحب معمل لنشر الرخام وتصنيعه في منطقة الشيخ سعيد في الجهة الجنوبية من حلب، إنه استطاع وبصعوبة بالغة تجهيز معمله الذي تضرر بشكل كبير إبان الحرب، "فصيانة الآلات وتأهيلها كانت مهمة شاقة ومكلفة، معملي عاد للعمل منذ حوالي عام".
لكنه أضاف لـ"نورث برس"، أن الإنتاج لايزال يواجه عوائق كبيرة، "أهمها الكهرباء التي لم تصلنا بعد، بالإضافة لنقص الأيادي العاملة الخبيرة، فمعظم العاملين والخبراء في هذه المهنة لم يعودوا موجودين".
ولمناشر ومعامل الحجر الحلبي دور رئيسي في عملية البناء وترميم المباني في مدينة حلب، وهو أمر يدركه أصحاب هذه المهنة الذين يواصلون العمل وتحمل التكاليف والمصاعب على أمل تحسّن قريب وعودة هذه الصناعة التراثية والموغلة بالقدم إلى ازدهارها ونشاطها كما كانت دائماً.
وقال الحاج عبد العزيز شلحاوي، وهو من أقدم أصحاب مناشر الحجر الحلبي في المدينة، لـ"نورث برس"، إن الحرب أثرت كثيراً على صناعة الحجر الحلبي وتشكيله وصقله، "حجارتنا كانت متميزة وتصدّر للعالم، وهذه الصناعة كانت تدرّ أرباحاً جيدة وتشغّل الكثير من الأيدي العاملة، وتوفر مداخيل مناسبة للعمال وعوائلهم".
وأضاف أنّ معظم المناشر ومعامل الحجر المنتشرة جنوب حلب وحتى الموجودة في منطقة الكلاسة وفي الأحياء القديمة، تفتقد لأهم عاملين وهما "الطاقة الكهربائية والطاقة البشرية فالكهرباء غير متوفرة إلّا من خلال المولدات الكهربائية الكبيرة، والأيادي العاملة المحترفة أيضاً لم تعد متوفرة كما كانت".
وتحسن الطلب على صناعة الحجر الحلبي تدريجياً مؤخراً، مع بدء أعمال للبناء، سواء في المدينة القديمة أو الأحياء الشرقية، وحتّى المشاريع السكنية الصغيرة التي تتوزع في محيط حلب.
وقال محمد طه الدرج، وهو صاحب منشأة لصناعة الشربات والتشكيلات الحجرية، لـ"نورث برس"، إنّ معظم المناشر ومنشآت صناعة الأحجار وتشكيلها تحاول معاودة العمل في ظل هذه الظروف، في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية بشكل جنوني، لاسيّما الرخام المستورد الذي يخضع لتقلبات سعر صرف الدولار.
وأضاف أن البضائع المحلية باتت مرتفعة الأسعار حتّى مع عزوف معظم المعامل عن استيراد البضائع المستوردة، لاسيما أنّ الكثير من مقالع الحجر في الأرياف الحلبية متوقفة عن العمل، "تصلنا كميات قليلة تكلفنا غالياً، خاصة مع أجور النقل المرتفعة".