حظر التجول يغيّر من نمط حياة أشخاص وعائلات في القامشلي

القامشلي – عبدالحليم سليمان – نورث برس

 

بعد أن نزح من مدينته سري كانيه أواخر العام الفائت، نتيجة سيطرة الجيش التركي والفصائل الموالية له عليها، استقر الحال بالنازح الخمسيني زكي حجي، بأحد الأحياء الشعبية جنوبي القامشلي.

 

وكان "حجي" قد بدأ العمل في مكتبة لبيع القرطاسية واللوازم المدرسية منذ فترة قصيرة، إلا أن الحظر أجبره على التزام المنزل وتحمل الضغوط الاقتصادية وسط حاجته للعمل.

 

وأُجبِرَ معظم سكان القامشلي، شمال شرقي سوريا، منذ أكثر من شهر، كغيرهم على البقاء في منازلهم وإيقاف أعمالهم بسبب المخاوف من تفشي جائحة كورونا في المنطقة, لكن الحظر الاحترازي المفروض من قبل الإدارة الذاتية غيّر من نمط حياة كثيرين منهم، ما أدى إلى تغييرات مست نشاط الأفراد اليومي وامتدت لتؤثر على العائلات.

 

وأضاف "لزوم المنزل يذكّرني بتجربة الاعتقال السياسي التي تعرضت لها في أواسط التسعينات من القرن الماضي، حيث قضيت أكثر من سنتين في السجن المركزي بدمشق بعد محاكمة من قبل السلطات الحكومية".

 

" أقضي فترة المكوث في المنزل في قراءة الكتب، كما أن توفر الكهرباء خلال هذه الفترة شكل فرصة للتواصل عبر الإنترنت مع الأهل والأصدقاء داخل الوطن و خارجه".

 

واستثنى الحظر نسبة قليلة من السكان بسبب طبيعة أعمالهم، كبعض الموظفين وأصحاب محلات المواد  الغذائية وتجارها والعاملين في القطاع الصحي الذي بات حيوياً مع ظهور الجائحة في العالم.

 

واضطر طارق اسماعيل (45 عاماً)، الذي كان يعمل سابقاً موزعاً للحلويات المعلبة خلال فصل الشتاء والمثلجات خلال الصيف على مدن وبلدات الجزيرة عموماً، إلى تغيير عمله إلى توزيع أصناف من الشوكولا والبسكويت على محلات وبقاليات داخل مدينة القامشلي.

 

ويوضح ما تعرض له بعد صدور قرار حظر التجول: " كنا قد بدأنا للتو توزيع البوظة، لكننا توقفنا عن العمل بسبب الحظر".

 

ولم يكن "إسماعيل" يعود إلى منزله إلا بعد إتمام عمله الذي كان يمتد لساعات الليل، أما الآن فقد تغير به الحال ذلك أن البضاعة الجديدة لا تأخذ من وقته إلا ساعات قليلة، "أعود حالياً في الثانية بعد الظهر على أكثر تقدير".

 

ويضيف الأب لأربعة أطفال، "أصبحت أقضي ساعات طويلة مع العائلة على عكس ما كان في السابق، حيث كنت أخرج للعمل باكراً وأطفالي نيام، ثم أعود في ساعات الليل لأراهم في المشهد ذاته".

 

ويلفت اسماعيل إلى أن طول فترة الحظر والحاجة إلى العمل "تتسبب بأعباء نفسية على المرء وتزيد من الشعور بالضجر، كما أن الضغوط المعيشية على محدودي الدخل من الممكن أن يتسبب في مثل هكذا ظروف بخلافات بين أفراد العائلة"، بحسب إسماعيل.

 

و قال محمد علي عثمان، المرشد النفسي والإداري في مركز "سمارت" الذي يعنى بشؤون المجتمع المدني في القامشلي، إن الحظر غيّر من روتين العائلات، لا سيما في المدن، كما أن الروتين في حياة بعض الأفراد تغير بشكل جزئي، بينما تغيرت أحوال آخرين بشكل كبير بحسب ظروفهم قبل الحظر. مؤكداً أن هذا التغيرات شملت جوانب اقتصادية واجتماعية وأسرية.

 

وأضاف المختص أن "المشاكل التي يواجهها ابن الريف تختلف عن أقرانه في المدينة، فالهواء الطلق والمساحات الواسعة عامل مساعد في فترة الحظر، على عكس من يعيش في شقة مغلقة أو حتى في دار مسوّرة في المدينة".

 

ويرى عثمان أن عدد أفراد الأسرة عامل مهم في نوع المشاكل التي تعيشها الأسرة بالإضافة إلى طبيعة شخصية الآباء والوضع الاقتصادي.

 

وينصح الإداري في مركز "سمارت"، باتباع سلوك يدعو إلى التفاهم بين أفراد الأسر لتلافي المشاكل النفسية التي تظهر جراء قضاء فترة الحظر في المنزل، وكذلك "اتباع خطط فردية أو جماعية كالقراءة والرياضة والتواصل مع الأصدقاء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لتخفيف وطأة الحظر والمشاكل المرافقة له".

 

 

وكان الحظر قد استثنى نسبة قليلة من السكان بسبب طبيعة أعمالهم، كبعض الموظفين وأصحاب محلات المواد  الغذائية وتجارها والعاملين في القطاع الصحي الذي بات حيوياً مع ظهور الجائحة في العالم.

 

وكانت الإدارة الذاتية قد مددت مؤخراً حظر التجول للمرة الثالثة، على أن تنتهي مع بداية مايو/ أيار القادم، وسط إمكانية تمديده لمرة رابعة في حال بقيت أعداد المصابين بالفيروس مرتفعة في دول الجوار وفي الداخل السوري.