ديريك.. زفاف دون حفل وغياب مظاهر تقليدية بسبب كورونا
ديريك – سولنار محمد – نورث برس
كان حيدر عمر (29 عاماً) من أهالي قرية (بستا سوس) بريف ديريك الجنوبي يحلم بأن يقيم عند زواجه حفلة زفاف كبيرة يحضرها جميع الأهل والأقارب والأصدقاء الذين كانوا ينتظرون هذا اليوم، إلا أن المخاوف من انتشار فيروس كورونا وإجراءات فرض حظر التجول في المنطقة دفعته إلى الاكتفاء بإقامة حفلة صغيرة.
يقول عمر في حديث لـ"نورث برس"، "كنت أودُ إقامة فرح كبير كغيري من أخوتي وكعادة الأهالي في قريتنا، حيث يجتمع الجميع في صالة كبيرة، لكن الظروف لم تسمح لنا بتحقيق ذلك بسبب فيروس كورونا".
وأعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا في الـ/23/ من آذار/ مارس الفائت، قراراً بمنع التجول في كافة مناطقها، وذلك للوقاية من فيروس كورونا الذي وصل إلى الدول المجاورة.
في غضون ذلك تم إغلاق معبر سيمالكا الحدودي مع إقليم كردستان العراق في ريف ديرك، ومنع الرحلات بين مناطقها والسفر إلى مناطق الحكومة السورية التي أعلنت عن وجود حالات كورونا في مناطقها، وقامت الإدارة الذاتية بإيقاف العملية التربوية والتعليمية وبدأت بحملات تنظيف وتعقيم شاملة لكل المؤسسات والمنشآت العامة في سبيل منع تفشي الوباء العالمي في مناطقها.
ولحيدر ستة أخوة وأربع أخوات، وهو الابن الأصغر لأبويه المسنين اللذين يعيش معهما في قريته، بينما اقتصرت حفلة زفافه على أفراد عائلتي العريس والعروس.
لم تستطع والدته الامتناع عن البكاء متأثرة برؤية ابنها مع عروسته عندما قدما إلى ساحة المنزل، وأرادت أن تفرح به كغيرها من الأمهات وتقيم له فرحاً كبيراً ولكن الظروف كانت أكبر من إرادتهم، على حد قولها.
ولم يقتصر تأثير المخاوف من فيروس كورونا وإجراءات الوقاية منه على حفلات الزفاف فقط، بل إنها غيرت طريقة تعامل السكان مع الكثير من العادات الاجتماعية الأخرى، سواء في الأفراح أو الأتراح، فنزهات الربيع والأمسيات الرمضانية والزيارات الجماعية للمرضى والتبريكات بمناسبة الزواج أو الشفاء، كل ذلك تغير حين أصبح الناس يكتفون بقيام القليلين بالواجب بدل الجميع، خلافاً للعادات والتقاليد الاجتماعية التي التزموا بها منذ القديم.
لوقت قصير لم يتعدَّ الساعة، شكل حوالي خمسة عشر من العائلتين حلقات الدبكة المعروفة في المنطقة، قبل أن يتم إعلان انتهاء الاحتفال بسرعة، خلافاً لحفلات الزفاف السابقة التي كانت تمتد لساعات من الليل.
"دعونا الأقرباء فقط، تمنيت لو كانت الظروف مواتية لدعوة جميع المعارف والأهل والأصدقاء".
وتقول أخت حيدر بشيء من الحزن "قمنا بجلب العروس دون إقامة حفلة واقتصرنا على دعوة الأهل فقط، أشعر أن فرحتنا ناقصة بغياب أهلنا وبسبب عدم تمكننا من إقامة عرس كبير".
لكنها تعود لتظهر فرحها من أجل العروسين ولأن البعض من أقاربهما تمكنوا من الحضور، فبرأيها "الفرح الحقيقي هو المحبة والألفة بين الأهل ووجودهم بجانب بعضهم في كل الأوقات" على حد تعبيرها.
وكانت الإدارة الذاتية قد مددت الحظر للمرة الثانية، في /21/ نيسان/ أبريل الجاري، إلى الأول من أيار/ مايو المقبل، وذلك كإجراء احترازي لمنع تفشي فيروس كورونا في شمال وشرقي سوريا.
أما أخوات العريس فقد حاولن جاهدات أن يُفرِحن أخاهن، وغنين له بعض الأغاني الفلكلورية الكردية التي تشتهر بها منطقة "الكوجرات" في ديريك.
وقالت درة عمر، إحدى شقيقات العريس، إن "انتشار فيروس كورونا وحظر التجول منع سكان القرية من الخروج، ما تسبب بغياب بعض مظاهر العرس التقليدية".