الرقة – أحمد الحسن – نورث برس
تشهد مدينة الرقة، شمالي سوريا، استعداداً من قبل المزارعين في ريفها للبدء بزراعة القطن هذا الموسم خلال الشهر الجاري، وسط تراجع ملحوظ في الاهتمام بهذا المحصول في الرقة، بسبب غلاء المستلزمات الأساسية له من مواد وبذار وأسمدة ومبيدات، بالإضافة إلى شكوى المزارعين من قلة الدعم المقدم من قبل المجلس المدني بالمقارنة مع أنواع أخرى من الزراعة.
وبدأ مزارعو الرقة، منذ بداية نيسان/ أبريل الجاري، بتجهيز أراضيهم لهذه الزراعة، وذلك من خلال حرث الأرض وتقسيمها ورش الأسمدة الترابية المخصصة لهذه المرحلة من الزراعة، تمهيداً لعملية زرع البذار والتي تتم عن طريق الأيدي العاملة.
وقال علي العيسى (28 عاماً)، وهو مزارع من قرية "كبش غربي" غرب الرقة، إنهم باشروا بزراعة الأرض بموسم القطن الذي تسبب غلاء مستلزماته الأساسية بتراجع زراعته هذا العام.
"يحتاج الدونم الواحد إلى أكثر من (35) ألف ليرة سورية بشكل مبدئي لزراعته بالقطن، موزعة بين ثمن البذار والسماد الترابي والأيدي العاملة اللازمة لزراعة البذار".
وأضاف العيسى أنه لم يتم تأمين أي مساعدة لهم حتى اللحظة ، وأنهم يضطرون إلى الاستدانة من أصحاب "خانات تربية المواشي" والصيدليات الزراعية لسد حاجتهم من الأسمدة العضوية والبذور، والتي غالباً ما يحتسب ثمنها بالدولار وبأسعار باهظة.
"يزيد ثمن كيس السماد في السوق السوداء عن (٣٠) ألف ليرة سورية، كما أن ثمن الكيلو الواحد من البذار يزيد عن (٨٠٠) مئة ليرة سورية، حيث يحتاج الدونم الواحد إلى أكثر من (١٠) كغ من البذار لزراعته، ناهيك عن أجرة عامل السقاية والأيدي العاملة الأخرى ".
ويشتكي مزارعو القطن في ريف الرقة من عدم تشجيع هذه الزراعة، فهم يشترون المواد الأساسية بالدولار الأمريكي، بينما يتم شراء إنتاجهم بالليرة السورية، بالإضافة إلى تحكم التجار بأسعار المحصول، وذلك لعدم تكفل لجنة الزراعة بشراء إنتاجهم، حسب قول مزارعين من ريف الرقة.
وقال خلف العبد (٢٥عاماً)، وهو رئيس ورشة لعمال القطن في مزرعة تشرين شمال مدينة الرقة، ، إن العامل الواحد يستلم (350) ليرة سورية لقاء كل ساعة من العمل في الأرض، يضاف إليها مبلغ (100) ليرة لرئيس الورشة كونه يلتزم بمصاريفهم، " قد يكون هذا المبلغ كبيراً بالنسبة لصاحب الأرض، لكنه قليل بالنسبة للعامل بسبب غلاء المعيشة".
من جانب آخر، قال أحمد المكري (٣١عاماً)، وهو صاحب جرار زراعي من قرية كبش وسطي، /35/ كم شمال مدينة الرقة، إن حرث الدونم الواحد يكلف أكثر من ستة آلاف ليرة سورية، بسبب ارتفاع أسعار المازوت في السوق السوداء، "تشهد المحطات ازدحاماً دائماً، ويتم إغلاقها في العاشرة صباحاً بسبب حظر التجول المفروض من قبل الإدارة الذاتية للوقاية من فيروس كورونا".
وأضاف أن قطع الغيار وأسعار الصيانة باهظة أيضاً ويرتبط سعرها بصرف الدولار، "لذلك نضطر إلى رفع السعر كي نستفيد بدورنا ونتمكن من إعالة أنفسنا".
وطالب المكري من الجمعيات التعاونية للفلاحين في ريف الرقة ولجنة الزراعة في الرقة، أن يتم تقديم تسهيلات لحصول أصحاب الجرارات على المازوت، ليتمكنوا من إتمام أعمالهم الزراعية".
وتتضمن الخطة الزراعية هذا العام بزراعة القطن في ريف الرقة بنسبة تصل إلى /٣٥ %/ من مساحة الأراضي الزراعية، بحسب جمعيات فلاحية في المنطقة.
وقال رئيس الجمعية الفلاحية في قرية كبش غربي، عبود الخلف، لـ"نورث برس"، إنّ السبب الرئيسي في تراجع الإقبال على زراعة القطن في الرقة هو الغلاء العام، وبشكل خاص ارتفاع تكاليف زراعة القطن، حيث يكلف زراعة كل دونم واحد من الأراضي الزراعية حوالي /70/ ألف ليرة سورية حتى وصوله إلى مرحلة الإنتاج، "تتجاوز تكلفة زراعة الدونم الواحدة (٣٥) ألف ليرة سورية، بالإضافة إلى ثمن الأسمدة المخصبة والمبيدات اللازمة والتي يدفع كل مزارع في معظم الأحيان أكثر من (٤٠) ألف ليرة سورية لتأمينها".
وأشار الخلف إلى وجود شكاوٍ من قبل المزارعين حول السعر الذي حددته الإدارة الذاتية لشراء القطن، وهو /350/ ليرة سورية للكيلو الواحد، وأنهم بصدد دعم المزارعين بمادة المازوت وتقديم الأسمدة الخاصة بالدفعة الثانية، "لتشجيعهم على الزراعة ودعم القطن في الرقة".
وأوضح أن الجمعية الفلاحية ستقدم هذه المواد بالتنسيق مع لجنة الزراعة عبر المجالس المحلية في القرى.
وتعتبر زراعة القطن في مدينة الرقة زراعة أساسية وهامة، وتشغل حيزاً واسعاً من مجمل مساحة الأراضي مقارنة مع مناطق سورية أخرى، وذلك لتوفر الأراضي الزراعية الخصبة وتوفر المياه اللازمة لري هذه المحصول كونه من المحاصيل الصيفية التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، ناهيك عن وفرة الأيدي العاملة الخبيرة في هذا المجال.