تركيا.. أصحاب مهن سوريون تضرروا بالتزامن مع قرارات الحكومة لمواجهة "كورونا"
اسطنبول ـ نورث برس
فرضت القرارات والتدابير التي تتخذها الحكومة التركية ،مع دخول أزمة "كورونا" شهرها الثاني، بطالة إجبارية على السوريين أصحاب المهن الذين تضرروا بشكل كبير جراء ذلك.
وبدت علامات القلق والانزعاج واضحة على كثير من أصحاب المهن، الذين رأوا أن الحال لم يعد يطاق وسط غياب التدخل من قبل الحكومة التركية للنظر في أوضاعهم، أسوة بالسكان وأصحاب المهن الأتراك الذين تعتبر نسبة تضررهم أقل.
توقف الدخل
وقال "علوان أبو الحارث"، وهو لاجئ من محافظة الرقة السورية، ويعمل في مكتب لبيع العقارات وتأجيرها في مدينة إسطنبول، لـ "نورث برس"، إن "مجال عملي تأثر كثيراً بالقرارات التي تفرضها الحكومة التركية على صعيد تقييد الحركة وفرض حظر التجول الطوعي، حيث بدأت حركة البيع والشراء تتراجع بشكل كبير، يضاف إلى ذلك أن المدينة لم يعد يتواجد فيها سياح، خاصة وأننا على أبواب موسم السياحة الذي يتحرك فيه سوق العقارات وتأجير المنازل".
وأضاف أن "هذه الأوضاع أجبرته على إغلاق مكتبه والجلوس في المنزل، وبسبب سوء الظروف يخشى أن يلجأ للاستدانة من أصدقائه من أجل تسيير أموره، بسبب توقف مصدر رزقه".
وأشار "أبو الحارث" إلى أنه " ومن خلال الواقع الحالي نلاحظ أن الجمعيات السورية عموماً تأخذ وضعية اللامبالاة أو كما يسميها المصريون وضعية حزب الكنبة".
وبات كابوس البطالة هاجساً يؤرق أصحاب مهن أخرى تم رصد آرائهم وأحوالهم، وحجم الضرر الواقع عليهم، وسط غياب أي انفراجة قريبة تلوح في الأفق.
وقال "مقداد خوام"، وهو لاجئ من ريف دمشق يعمل كـ "معلم حرفة حدادة" في إسطنبول، لـ "نورث برس"، إنه " بعد حادثة كورونا، تراجع الشغل بشكل كبير لدرجة أن الورش جميعها توقفت عن العمل، وحتى أرباب العمل الأتراك أيضا لم يعد بإمكانهم أن يدفعوا لنا المستحقات في الفترة الحالية ما دفع بنا للتوقف".
وأضاف "خوام" أن "تلك المهنة هي مصدر دخلي الوحيد والتي من خلالها أتدبر أموري وأسدد التزاماتي، لكن اليوم انقطع مصدر رزقي ودخلي الوحيد، وربما اضطر حالياً للاستدانة أو انتظار من سيرسل لنا حوالة من الخارج، هذا إن توفر من سيرسل لنا".
وتضمنت القرارات التي تتخذها الحكومة مجموعة من التدابير لمواجهة "كورونا"، أهمها إغلاق المرافق العامة والأسواق الكبيرة، وتقييد حركة المواطنين، إضافة لإغلاق صالونات الحلاقة الرجالية والنسائية.
مجازفات
وفي هذا الصدد، قال "أحمد الحلبي"، وهو لاجئ من حلب وصاحب صالون للحلاقة في إسطنبول، لـ "نورث برس"، إن "الضرر كبير جداً، والتركي صاحب المحل الذي استأجرته يطالبني بدفع الإيجار رغم علمه بقرارات حكومته التي أجبرتنا على إغلاق الصالون".
وأضاف أنه "حتى في منزلي ممنوع عليّ العمل، لأنه في حال اشتكى عليّ أحد من الجيران فإن المخالفة ستكون كبيرة جداً تتجاوز ثلاثة آلاف ليرة تركية".
وقال، "أحاول أن أخاطر في بعض الأحيان من أجل أن أكسب لقمة العيش، وأقوم بخرق القرار من خلال التوجه إلى صالوني بعد مواعدة عدد من الزبائن، وأعمل على حلاقة شعرهم داخل الصالون بعد أن أغلق الباب الخارجي، أي أنه بتنا نعمل مثل اللصوص لنلبّي ما علينا من التزامات، وسط غياب أي معلومات تفيد بأن السماح لنا باستئناف عملنا قد يكون قريباً".
وشهدت حركة الأسواق والبيع والشراء تراجعاً كبيراً بعد إجراءات الحكومة التركية التي فرضتها منذ شهر آذار/ مارس الماضي، الأمر الذي وجه ضربة موجعة لأصحاب مهن أخرى كانوا ينتظرون موسم الربيع والصيف لانتعاش أعمالهم، "إلا أن الرياح سارت بعكس ما تشتهي السفن".
استدانات
وقال" أبوعبدو المالح"، وهو لاجئ من دمشق وصاحب مهنة تصنيع المفروشات في إسطنبول، لـ "نورث برس"، "لقد تضررت كثيراً بسبب أزمة كورونا والقرارات التي تصدر بخصوصها، حتى أن كل معارض المفروشات في المدينة أغلقت أبوابها ولم يعد يأتينا أي عمل، وبالتالي أنا أتوجه كل يوم إلى عملي من دون أي فائدة".
وأضاف أنه "في فترة سابقة توقف عملنا كون الحكومة التركية فرضت علينا ترخيص المحل والعمل، فاضطررنا للتوقف فترة من الزمن، ولكن في هذه الأيام التي نعتبرها موسماً مهماً لنا، جاءت أزمة كورونا وجاءت قرارات الحكومة ما انعكس سلباً على عملنا".
أما " قيس عباس"، وهو سوري من ريف حماة يعمل في مجال التحف وصمديات الكريستال، فقال لـ "نورث برس"، إن "مهنتي تأثرت كثيراً منذ أول حصيلة أصدرتها الحكومة التركية عن مصابي كورونا في البلاد، حيث أغلقنا ورشة العمل لدينا بسبب توقف المصانع، وتوقف من يأخذون أعمالنا لبيعها بالجزئي أيضاً، فجلسنا في منازلنا ولم يعد هناك دخل يومي".
وأضاف "عباس" أنه "لم يعد بإمكاني تأمين احتياجاتي بسبب عدم حصولي على دخل من العمل، وبالتالي لا يوجد أي بدائل لأعمل بها، وهذا الوضع دفع بي لأن أتصرف بالمال الذي كنت أدخره سابقا من أجل الزواج، والاَن تصرفت به لأدفع أجرة منزلي وفواتير الماء والكهرباء والغاز".
وأشار إلى أن "أحد الأصدقاء أيضا أخذ مني بعض المال كي يلبي احتياجات أسرته بعد أن فقد عمله ولم يعد بإمكانه العمل، حيث أن صاحب المنزلين اللذين نسكنهما رفض مساعدتنا بالعفو أو تأجيل أجرة المنزل لفترة، والاَن لم يعد لدي أي من المال حيث تراكمت علي الديون في البقالة التي آخذ منها احتياجاتي بالدين بعدما فقدت عملي".
ومع تضرر أصحاب المهن السورية في إسطنبول خاصة وتركيا عامة، بدأت الأصوات تتعالى عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أمل أن تصل الرسالة لمن يهمه الأمر من صناع القرار، إذ طالب كثيرون بضرورة أن تتم مخاطبة أصحاب المنازل والمحال التجارية الأتراك بضرورة تخفيض أو تأجيل إيجارات المنازل، محذرين من خروج الأمور عن السيطرة، خاصة وأن من واجب الدولة التركية أن تدفع أو تساعد قدر الإمكان.