القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس
عُرفت العاصمة المصرية القاهرة بأنها المدينة التي "لا تنام"، حيث يقطن فيها ما لا يقل عن عشرة ملايين شخص، طبقاً لتعداد العام 2018، هذا عدا الوافدين من محافظات أخرى، فلا ينقطع الضجيج والصخب عنها على مدار الـ 24 ساعة، إلا أنها تعيش ساعات أفول إجبارية مع دخول المساء، التزاماً بقرارات مجلس الوزراء المصري الوقائية لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19).
ما يسري على القاهرة تشهده المحافظات المصرية كافة التي تشهد هدوءاً وشللاً تاماً بالحركة مع دخول ساعات الحظر بداية من الثامنة مساءً، بعد أن أقرت الحكومة المصرية تقليص ساعات الحظر لتبدأ من الثامنة بدلاً من السابعة، وحتى السادسة صباحاً، لأسبوعين إضافيين.
وتحدث عدد من المصريين لـ "نورث برس" عن تجربتهم في ساعات الحظر، وكيف يقضون يومهم في ظل الإجراءات الوقائية المتخذة من قبل الحكومة المصرية لمنع تفشي فيروس كورونا على نحو أوسع.
وقالت راوية محمد (35 عاماً)، وهي ربّة منزل من سكان حي أرض اللواء بمحافظة الجيزة المصرية، إن "الالتزام بالبقاء في المنزل مساءً أمر شديد الصعوبة على أشخاص اعتادوا الخروج والحركة والزيارات والسهر، وهو حال كثير من المصريين، بالتالي ندعو أن تنفك تلك الحبسة وأن يتم السيطرة على الوباء حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه بصورة طبيعية".
وتشير إلى أنها، كربة منزل، تحاول أن تتعامل مع الملل الذي يتسرب إلى أبنائها جراء مكوثهم في المنزل طيلة اليوم، وذلك بابتكار ألعاب ونشاطات ومهام يومية لهم، إضافة إلى مشاهدة الأفلام الاجتماعية، والتدريب على المناهج الدراسية للعام الدراسي المقبل من خلال الدراسة عبر الإنترنت، وجمعيها أمور تسهم في "تمضية الوقت" لعدم الشعور بالملل والاكتئاب مما تصفها بـ "الحبسة في المنزل".
ذلك الهدوء التام الذي يصبغ شوارع العاصمة والمحافظات المصرية المختلفة، وتوازيه حالة من الوحشة يعيشها أبناء مصر الذين لم يعتد غالبيتهم ذلك "الحبس الإجباري بالمنازل" يتحول إلى صخب شبه طبيعي معتاد مع انتهاء ساعات الحظر في الصباح، وتصبح تلك الشوارع التي لا يُسمع فيها إلا حفيف الأشجار ونباح الكلاب، ملأى بالناس بشكل أشبه بالأيام العادية، باستثناء بعض الإجراءات الوقائية كارتداء الكمامة والقفازات والحرص الزائد في التعاملات.
وقالت أميرة زنباع (25 عاماً)، وهي موظفة تقيم بالقاهرة، إنها تقضي الجزء الأكبر من يومها في العمل، وأنها تضطر إلى النزول إلى عملها صباحاً والعودة إلى البيت قبل دخول ساعات الحظر بدقائق، مشيرة إلى أنها لا تشعر كثيراً بالملل أو الحاجة لتمضية الوقت، باعتبارها تحب المكوث في المنزل بعد يوم عمل طويل، وبالتالي البقاء في المنزل بشكل اضطراري أو إجباري لم يشكل أزمة بالنسبة لها، بل كان فرصة لها لمشاهدة العديد من الأفلام والمسلسلات الجديدة، لاسيما مع تقديم عروض مجانية لبعض تطبيقات الأفلام بهدف المساهمة في إبقاء الناس في المنزل.
من جانبه، يشير أحمد كامل (32 عاماً)، يعمل محرراً، إلى أنه يقضي يومه بالإضافة إلى العمل من المنزل، "في الأكل"، فهو يحب الطبخ ويحرص على استغلال وقت الفراغ الطويل في ساعات الحظر في تعلم مأكولات جديدة من مختلف الثقافات الغذائية حول العالم، مشيراً إلى أن "استغلال الوقت في تعلم شيء جديد مرتبط بشغفك وموهبتك المفضلة أمر جيد.. وأنصح الناس باستغلال الوقت في تنمية مواهبهم من خلال تعلم مهارات جديدة من الإنترنت، لاسيما أن هناك الكثير من الكورسات والدروس التعليمية في مختلف المجالات متاحة مجانيّة، وبدلاً من التذمر من طول ساعات الحظر، يمكن استغلالها بشكل إيجابي في التعلم وتنمية المهارات ولو كانت بسيطة".