مع مخاطر "كورونا".. تركيا تحرم أكثر من مليون نسمة بالحسكة من غسل أياديهم
هوشنك حسن – نورث برس
في ظل عدم وجود دواء لفيروس كورونا حتى الآن، يُجمع الأطباء والخبراء حول العالم على أن تكرار غسل اليدين يعتبر من الإجراءات الوقائية الهامة لمنع الإصابة بالفيروس القاتل الذي بات يجتاح العالم.
لكن انقطاع المياه عن نحو/1،2/ مليون نسمة في مناطق شمال وشرق سوريا، يُجبرهم على عدم التقيد بالشروط الصحية بعد أن أوقف الجيش التركي محطة علوك لضخ المياه بريف مدينة سري كانيه، مجدداً مساء أمس السبت، وهو إجراء يقوم به الجيش التركي للمرة الثالثة خلال شهر مارس/آذار الجاري.
وتقع محطة علوك /5/كم شرقي سري كانيه، التي سيطرت عليها القوات التركية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، حيث تغذي مناطق واسعة تبدأ من ريف منطقة زركان/أبو راسين شمالاً، مروراً ببلدة تل تمر ومدينة الحسكة، وصولاً إلى الهول وحتى مركده، وانتهاء ببلدة صور جنوباً على امتداد نحو 200 كلم، وفق مصادر الإدارة الذاتية.
في أواخر شباط/ فبراير الفائت، أوقفت تركيا ضخ المياه لمدة عشرة أيام، لتعاود قطعها في /21/ آذار/ مارس لنحو /5/أيام، وبعد أربعة أيام على إطلاق المياه، عادت للمرة الثالثة إلى إيقاف محطة علوك "مساء أمس السبت" دون أن توضح الأسباب الموجبة لذلك.
ويأتي هذا رغم أن ممثلة اليونيسف في سوريا "فران إكويزا" كانت قد أشارت في بيان لها الأسبوع الماضي، إلى الخطر الناجم عن إيقاف ضخ المياه من محطة علوك حيث إن تعطيل محطة المياه في خضّم الجهود الحالية لاحتواء انتشار فيروس كورونا "يضع الأطفال وأسرهم في خطر غير مقبول".
واعتبرت المسؤولة في اليونيسف أن "غسل اليدين بالصابون مهم في مكافحة كورونا، وأن المياه النظيفة وغسل اليدين تنقذ الأرواح".
وقالت الرئيسة المشاركة لمديرية المياه التابعة للإدارة الذاتية، سوزدار أحمد، لـ "نورث برس" إن أوامر إيقاف الضخ تأتي من ضباط في الجيش التركي، وبالرغم من المحاولات اليومية لعمال المحطة بالوصول إلى هناك بغية تشغيلها لكنهم يقابلون برفض الجيش التركي، كما حدث الأسبوع الماضي أيضاً.
وتطالب تركيا، الإدارة الذاتية بتغذية منطقة سري كانيه/ رأس العين، التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة التابعة لتركيا، بـ /30/ ميغاواط من الكهرباء، مقابل إعادة ضخ المياه من محطة علوك، وهي الكمية التي تصفها الإدارة الذاتية بـ "الكبيرة"، بحسب وصف الرئيسة المشاركة لمديرية المياه.
وحثّت اليونيسيف تركيا على عدم استخدام المياه ومحطات المياه لتحقيق مكاسب عسكرية أو سياسية، لأن الأطفال سيكونون أكثر المتضررين وفي مقدمة من سيعانون، بحسب ما جاء على لسان ممثلتها في سوريا.
ومع ازدياد الحديث عن خطر فيروس كورونا وإعلان الحكومة السورية عن 9 إصابات في مناطقها ووفاة أول مصابة سورية به في دمشق، تزداد مخاوف سكان مناطق شمال شرق سوريا، لكن ندرة المياه يعيق اتخاذ إجراءات وقائية ضد الفيروس.
وتقول السيدة ساكينة سليمان (52 عاماً)، من سكان مدينة الحسكة، بأنها قللت من عدد مرات غسل يديها نتيجة نقص المياه النظيفة المتبقية في خزان المياه بمنزلها.
في غضون ذلك تلقي أزمة المياه بثقلها في الظروف الحالية على حالة الحظر والإجراءات الوقائية في مدينة الحسكة والأرياف التابعة لها، ذلك أن المواطنين قد يضطرون إلى خرق حالة لحظر و الخروج لتأمين حاجاتهم من المياه في ظل الامكانيات المحدودة التي توفرها البدائل الأخرى لتأمين المياه.
ورغم إعلان دائرة المياه في الحسكة التابعة للإدارة الذاتية عن عزمها الأسبوع الفائت، حفر نحو 50 بئراً لتقديم المياه للأهالي، كحل جذري لمسألة الابتزاز التركي في هذا الملف، إلا أن حفر هذه الآبار يحتاج إلى فترة إضافية قد تستغرق نحو شهر لحين وضعها في الخدمة، الأمر الذي قد يزيد من خطورة انتشار الوباء، طول هذه الفترة الطويلة نسبياً.
ويؤمن السكان في مدينة الحسكة وريفها احتياجاتهم من المياه عبر صهاريج متنقلة خصصتها الإدارة الذاتية، لتجلب المياه من ناحية تل براك ومناطق مجاورة، لكن بُعد المسافة والعدد الكبير للسكان بالمقارنة مع عدد الصهاريج، يجبر المدنيين على الانتظار لأيام حتى الحصول عليها.
وتظهر الأرقام الرسمية أن طاقة جميع الصهاريج التي كانت تعمل لتأمين الاحتياجات لا تتعدى 4 آلاف متر مكعب، في حين أن مدينة الحسكة كانت تحتاج إلى ضخ نحو 10 ألاف متر مكعب يومياً.
وكانت القوت الروسية في القاعدة الروسية في مطار القامشلي، قد حمّلت في مؤتمر صحفي بداية مارس/ أذار الجاري، القوات التركية المسؤولية في عرقلة تشغيل محطة علوك بريف مدينة سري كانيه، وذلك بعد نحو أسبوع من قيامها بقطع المياه للمرة الثانية.