أضرار بشرية ومادية كبيرة بسبب الفيضانات بريف الرقة الجنوبي

الرقة- مصطفى الخليل- نورث برس

 

تسببت الفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة في منطقة الكسرات بريف الرقة الجنوبي، بخسائر بشرية وأضرار كبيرة في المحاصيل الزراعية من قمح وخضراوات خلال الأيام الفائتة.

 

وفقد ستة أشخاص من عائلة واحدة لحياتهم في قرية العكيرشي، /18/ كم جنوب شرق الرقة، الجمعة الماضي، بسبب الهطولات المطرية، فضلاً عن تخريب مساحات واسعة من الأراضي المزروعة.

 

كما أدت مياه الأمطار التي ملأت الأودية بغزارة في ريف الرقة الجنوبي، لتهدم بعض الأبنية وجدران بعض المنازل في المنطقة، وخرجت الكثير من مصارف المياه المحيطة بالأراضي الزراعية المروية عن الخدمة بسبب الأتربة التي جرفها الفيضان، وطالت الأضرار إسفلت الطريق العام "الرقة- دير الزور" الذي يمر عبر قرى الكسرات بدءاً من مدخل جسر الرقة القديم على نهر الفرات، وصولاً إلى مدينتي السبخة ومعدان، ثم إلى مدينة دير الزور شرقي البلاد.

 

فرق الطوارئ

 

ولم يكن فيضان ليلة الجمعة الأول هذا الموسم، فقد سبقه فيضان آخر بيومين لكنه أخف وطأة وضرراً من هذا الأخير، حيث تسبب بغمر مخيم في شرق رطلة، يقطنه نازحون من حلب.

 

وتدخلت على إثره فرق الإنقاذ والطوارئ وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) في الرقة، لإنقاذ قاطني المخيم البالغ تعدادهم أكثر من/500/ شخص، كاد الفيضان أن يودي بحياة قسم كبير منهم غرقاً، حسب ما أفاد رئيس شعبة الري في ريف الرقة الجنوبي، أحمد الخليل، لـ"نورث برس".

 

أما في يوم الخميس الماضي، أي بعد الفيضان الأول، كانت الأنواء الجوية توحي بمنخفض جوي يطال المنطقة عامة، ما أدى لتدخل آليات ثقيلة تابعة للجان مجلس الرقة المدني، وبالرغم من قيامها بتعزيل مصارف المياه والفوهات المطرية بشكل إسعافي، إلا أن حجم مياه الفيضان في ليل الجمعة كان كبيراً ولا يمكن السيطرة عليه، حيث فتحت الآليات المنافذ والعبارات في ريف الرقة الجنوبي(الكسرات) بغية تسليك مرور مياه الفيضانات، في حال حدوث هطولات مطرية غزيرة.

 

وناشد رئيس شعبة الري في ريف الرقة الجنوبي، وسكان متضررون من المنطقة، المنظمات الإغاثية بضرورة تعويضهم عن الخسائر والأضرار التي لحقت بمنازل الأهالي ومزروعات فلاحي ريف الرقة الجنوب بسبب تلك الفيضانات.

 

الضحايا نازحون

 

يروي بعض كبار السن، من أهالي الكسرات، أن العاصفة المطرية التي ضربت المنطقة ليلة الجمعة؛ لم يشهدوا مثلها من قبل، واصفين إياها بـ"الشديدة"؛ فالخسائر كبيرة هذه المرة وطالت أرواحاً بشرية أيضاً.

 

ففي حادثة هي الأولى من نوعها في عموم الرقة، تتسبب الفيضانات بوفاة ستة أشخاص من عائلة واحدة، ثلاثة أطفال وثلاث نساء مساء الجمعة، كانوا قد نزحوا فيما مضى من قرية الرحبي الواقعة تحت سيطرة قوات الحكومة السورية إلى قرية العكيرشي.

 

 وبحسب ما روى صاحب المنزل، الذي كانت عائلته تتشارك السكن مع العائلة النازحة في المنزل، أنهم فوجئوا بدخول المياه إلى داخل المنزل إثر ارتفاع مستوى مياه الفيضان في الوادي المحاذي من جهة الغرب، حيث تمكن هو وأفراد عائلته من إنقاذ طفلين ورجل من العائلة النازحة، فيما تسبب الفيضان بغرق ستة أفراد منها.

 

 بعض أفراد العائلتين، أجبروا على الصعود إلى سقيفة الحمام بعد أن غمرت المياه المنزل، فيما لم يتمكن الآخرون من الوصول للسقيفة لتسحبهم المياه معها إلى الفيضان في الخارج.

 

مزارعو الخضار

 

وكان مزارعو الخضار في منطقة الكسرات يترقبون خلال الأسابيع القليلة القادمة، حسب أقوالهم، إلى بيع منتجات أراضيهم من الكوسى والخيار في الأسواق المحلية في الرقة، والذين امتازوا عن غيرهم من مزارعي الخضار في أرياف الرقة، بتغطية شتلات الخضروات منذ بداية زرعها في الأرض بنايلون مخصص لحمايتها من الصقيع والبرد، بطرق أقرب ما تكون  إلى البيوت البلاستيكية، ولكن بشكل مبسط.

 

وتبلغ تكلفة تغطية الدونم الواحد بالنايلون ما بين /500/ ألف إلى /600/ ألف ليرة سورية، حسب ما ذكره المزارع أحمد العيسى من منطقة الكسرات.

 

ويصف العيسى الخسائر التي تعرضت لها منطقة الكسرات بـ"الكبيرة جداً"، فقد تعرض موسم الخضار لهذا العام بالكامل للتلف، بعد أن كلَّف المزارعين مبالغ طائلة أثناء زراعته، قائلاً " اشترينا البذور كلها بالعملة الصعبة، أما كيس سماد اليوريا الواحد فيبلغ ثمنه /35/ ألف ليرة سورية".

 

وطالت الأضرار نحو /1500/ دونم مزروعة بالقمح في قريتي رطلة والعكيرشي شرقي الرقة، وتسببت بتلف/1500/ دونم كانت مزروعة بالخضروات، حسب شعبة الري في ريف الرقة الجنوبي.

 

وتعتبر مشكلة الأضرار التي تخلفها الفيضانات الناتجة عن الأمطار في عموم منطقة ريف الرقة الجنوبي مشكلة قديمة، كون منطقة الكسرات تقع بمحاذاة سلسلة جبال البشري من الجهة الجنوبية، ويحدها سرير نهر الفرات من الجهة الشمالية، في واد ضيق ينحدر شمالاً ويُشتهر بخصوبته، فيما تصب عدة أودية من سلسلة جبال البشري، يسمى الواحد منها باللهجة الدارجة في المنطقة (الشعيب).

 

وفي السنوات التي تشهد زيادة في معدلات هطول الأمطار، وخاصة في الربيع، تتجمع السيول القادمة من أماكن بعيدة من عمق البادية السورية في هذه الأودية، لتنحدر منها إلى ريف الرقة الجنوبي وصولاً إلى مجرى نهر الفرات، ما تسبب خلال السنوات الماضية بأضرار في المنازل وتلف في المزروعات ونفوق أعداد من رؤوس الماشية.

 

"تضرر المنازل"

 

وبالرغم من مناشدة أهالي الكسرات لمجلس الرقة المدني، ولمرات عدة، لحل هذه المشكلة القديمة والمتجددة كل عام، إلا أن مطالبهم تلك لم تجد آذاناً صاغية، كما يقول بعث الحاج لطوف، وهو أحد سكان الطرف الشرقي لقرية رطلة التي تجاور وادياً تسبب بأضرار بليغة لمرات عديدة فيما مضى.

 

ويضيف الحاج لطوف حانقاً " لولا تدخل  الدفاع المدني في الرقة، لفقدنا أطفالنا في الفيضان".

 

ونتيجة الفيضان انغمرت أرضية منزل الحاج لطوف ومنازل جيرانه بمياه الفيضانات، ما أدى لتشكل تكهفات في أرضية منزله وتهدم بعض جدرانه بسببها.

 

وناشد الحاج لطوف المسؤولين في الريف الجنوبي ومجلس الرقة المدني بالالتفات لحل مشكلة الوادي الذي تسبب فيضانه بخسائر كبيرة، حسب تعبيره.