حظر التجول بسبب "كورونا" يحرم معيلي عائلات من قوت يومهم في الرقة

الرقة – مصطفى الخليل – نورث برس

 

يعاني ذوو الدخل المحدود في مدينة الرقة، ممن يعتمدون في معيشتهم على أجر يومي لعملهم، من صعوبات في تأمين احتياجاتهم المعيشية في ظل حظر التجول القائم بسبب المخاوف من انتشار فيروس كورونا المستجد، الأمر الذي أدى إلى عدم تمكنهم من ممارسة عملهم.

 

واعتاد يوسف محمد علي(33 عاماً)، من حي الدرعية أكثر أحياء الرقة فقراً، وغيره من العمال على المجيء بشكل يومي منذ أكثر من/17/ عاماً إلى ساحة المتحف، عله يجد من يطلب "عاملاً" ليؤمن قوت عائلته اليومي.

 

وساحة المتحف أو سوق الزلم، اسمان للمكان ذاته وسط مدينة الرقة عند تقاطع شارعي القوتلي والمنصور، وهي ساحة شهير، تقع قبالة متحف الرقة الأثري وتعتبر عنواناً دائماً منذ عقود للباحثين عن العمل أو لمن يريدون عاملاً لقاء أجر يومي.

 

يقول محمد علي إنه لم يرزق بعمل منذ فترة الحظر، لكنه وبالرغم من الإجراءات المشددة من قبل قوى الأمن الداخلي (الأسايش) لايزال يواظب على المجيء إلى هذا المكان يومياً.

 

"السلطات التي تفرض الحظر على الناس، عليها أن تؤمن قوتها اليومي، قوت الطبقة الكادحة، الآن لا يوجد في جيبي سوى/500/ ليرة سورية( أقل من واحد دولار)، لا تكفي لشراء بطاطا أو خبز لأولادي".

 

وأضاف، مبتسماً، أنه لا يعرف الفيروس الجديد لكنه يعرف الفقر جيداً لأنه قضى معظم أيامه السابقة في السعي لقوت يومه، "الموت بالإنفلونزا أهون عندي من رؤية أطفالي يعانون الجوع".

 

وبالرغم من إجراءات الحظر المشددة التي يفرضها أفراد قوى الأمن الداخلي في الرقة، إلا أن يوسف يقول إنهم يغضون الطرف أحياناً عنه وعن عمال المتحف الآخرين، "تعاطفاً معهم"، لكن دوريات الأسايش تمنعهم من الوصول للساحة حيث اعتادوا أن يتجمعوا في انتظار أصحاب الأعمال.

 

وأدت ظروف حظر التجول خلال الأيام الثلاثة الأولى إلى توقف معظم سكان الرقة عن أعمال البناء وصيانة المنازل، والتي كان معظم عمال الأجر اليومي يعتمدون عليها، بالإضافة لتأجيل أعمال عديدة توقفت بعد إجراءات الحظر التي لا تسمح للناس بالتنقل ما بين ريف الرقة والمدينة ولا التجول ضمن المدينة، باستثناء الحالات الخاصة فقط كحالات الإسعاف والحالات المرضية، بحسب ما أوضحه إداري في قوى الأمن الداخلي في الرقة.

 

وفي مكان آخر من مدينة الرقة، بجانب دوار البانوراما، قبالة مدخل جسر الرقة الجديد، يقطن علي الزيدان(41 عاماً) هو وعائلته المكونة من سبعة أطفال ووالديه، في منزل مكون من غرفتين ومطبخ مسقوف بالتوتياء.

 

يتساءل الزيدان، كيف يمكن له أن يلتزم بالجلوس في المنزل، وكيف له أن يؤمن خبزه اليومي ومعيشته، وإجراءات فرض حظر التجول لا تخوله السماح له بمتابعة عمله المعتاد كسائق سيارة أجرة، "رغم أن الحظر جيد بالنسبة لنا، وهو مفيد لصحتنا".

 

واستدرك " لكن يجب على من فرض الحظر، أن يعرف أنه لدينا التزامات، من مصاريف معيشة يومية، وخبز وأمبيرات، ومصاريف البيت لا ترحم".

 

ويرى هؤلاء، وبينهم أرباب عائلات ونازحون من مناطق أخرى، أن مسؤولية أحوالهم تقع على عاتق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أولاً والمنظمات الإنسانية ثانياً، في منحهم استثناءات للعمل خلال فترة الحظر أو أن يتم تعويضهم ليتدبروا أمورهم المعيشية.

 

وقال لؤي العيسى، رئيس مكتب المنظمات في مجلس الرقة المدني، إن خططهم تقتصر على مشاريع صحية وتقديم الخبز في بعض المخيمات وحملات التوعية بشأن مخاطر فايروس كورونا، وذلك بالتنسيق بين مجلس الرقة المدني وبعض المنظمات الإنسانية.

 

ورجح العيسى استصدار قرارات يوم السبت القادم من قبل مجلس الرقة المدني تستثني العمال من الحظر شريطة المحافظة على معايير السلامة الصحية في هذه الفترة وعدم التجمع، مضيفاً أن بعض المنظمات المحلية باشرت اليوم بتوزيع "كروت المول" في حي رملية شمال شرقي الرقة، وقدمت أخرى سلالاً غذائية وصحية لبعض قاطني المخيمات.