لاجئون على الحدود اليونانية التركية يدفعون ثمن الصراعات الدولية

اسطنبول ـ سامر طه ـ نورث برس

 

يدفع اللاجئون على الحدود اليونانية التركية ثمن الصراعات الدولية خاصة بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

 

ولا تزال تركيا تستخدم ورقة اللاجئين وتلوح بها للضغط عبرها على الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو للوقوف إلى جانبها في عمليتها العسكرية ضد قوات الحكومة السورية ومن خلفها روسيا في إدلب.

 

وفي نهاية شباط /فبراير الماضي، فتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبواب الهجرة أمام جميع اللاجئين ومن مختلف الجنسيات المقيمين على الأراضي التركية باتجاه أوروبا، وذلك بالتزامن مع استهداف قوات الحكومة السورية لجنود أتراك في إدلب السورية.

 

وفي بداية آذار/مارس الجاري قالت الأمم المتحدة إن نحو /13/ ألف لاجئ، باتوا يتمركزون الآن، على طول الحدود التركية اليونانية، التي يبلغ طولها /212/ كيلومترا.

 

وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، السبت التاسع والعشرين شباط/فبراير المنصرم، إن عدد اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين، العابرين أراضي بلاده باتجاه أوروبا ،قد ارتفع إلى /47/ ألف شخص.

 

ويعاني مئات الآلاف من المهاجرين الذين عبروا من البوابة التركية في مدينة أدرنة باتجاه اليونان الويلات، فتم حصرهم بين البوابتين التركية واليونانية فلا هم قادرين على تجاوز الحرس اليوناني ولا على العودة لتركيا لأنهم وقبل خروجهم قد تخلوا عن كل شيء في تركيا، وعودتهم تعني تكبيدهم مصاريف كبيرة غير قادرين على تحملها أساساً.

 

وللوقوف على ذلك كان لـ"نورث برس" هذه اللقاءات مع بعض اللاجئين في أدرنة، حيث تحدث أحدهم، (رفض الكشف عن اسمه)، بأن المعلومات المتوفرة لديهم تفيد بعدم تقديم الطعام لهم والذي بدأ من الثامن عشر من الشهر الجاري، حيث باشرت السلطات الأسبوع الماضي، بتخفيض الوجبات لوجبة واحدة يومياً، بالإضافة لتقييد خروج الناس إلى المدينة للتسوق.

 

وقال اللاجئ، إنه وقبل الأسبوع الماضي "كان الوضع أسهل حيث كان يتم تقديم وجبتين يومياً والدور لم يكن طويلاً، أما اليوم فالدور يحتاج لأربع ساعات تقريباً وغالبا ما نصل لنجد الكميات قد انتهت".

 

وأشار إلى أن الوضع تأثر كثيراً بعد انتشار فيروس "كورونا" حيث عمدت كوادر المنظمات إلى المغادرة خوفاً على صحتهم، "مع العلم أن المنظمات كانت تتعاون معنا بدرجة جيدة ولكن الأعداد الضخمة كانت تشكل عبئاً كبيراً عليهم".

 

وكانت تركيا بدأت بتسيير رحلات مجانية منتظمة من اسطنبول باتجاه الحدود اليونانية في مدينة أدرنة على مدار /7/ أيام متواصلة مطلع الشهر الجاري، في إطار سعيها للضغط على الاتحاد الأوروبي ولتقليل عدد اللاجئين المقيمين على أراضيها ولتخفيف حدة الضغط الداخلي الذي تواجهه من قبل الشعب والمعارضة على الحكومة التركية بهذا الخصوص.

 

وقال معتز سراج المتواجد على الحدود في مدينة أدرنة، إنه "من لحظة وصولنا الحدود اليونانية ومحاولة عبورها كان حرس الحدود اليوناني شديد جداً في التعامل معنا حيث جوبهنا بالغازات المسيلة للدموع وأحياناً بالرصاص المطاطي وأحياناً أخرى بالرصاص الحي، وكان كل من يتجاوز الحدود ويتم رؤيته يتم القبض عليه وضربه بشكل وحشي، وسلبه كل مقتنياته وحرقها أمامه وإعادته إلى الجانب التركي حتى بدون ملابس".

 

وأشار معتز أن هناك حالات لنساء عراقيات مفقودات مع أطفالهم أو بناتهم، "كما قامت السلطات التركية بالفصل بين العرب والأفغان بعدما حصل اعتداء من قبل الأفغان على بعض التجمعات وقاموا بحرق خيمهم"، بحسب معتز.

 

وفي الأول من الشهر الجاري، قالت السلطات اليونانية إنها منعت ما يقرب من /10/ آلاف مهاجر من اجتياز الحدود مع تركيا.

 

وقالت الشرطة اليونانية إن ما لا يقل عن /500/ شخص قد وصلوا جزر لسبوس وساموس وكيوس على متن سبعة قوارب، حيث تكتظ المخيمات باللاجئين.

 

وأفادت وسائل إعلام باندلاع اشتباكات بين قوات الشرطة اليونانية وآلاف اللاجئين الذين وصلوا حدود البلاد من تركيا، عقب إعلان أنقرة عن "فتح أبواب أوروبا" أمامهم.

 

واستخدمت الشرطة اليونانية، الغاز المسيل للدموع ضد اللاجئين الذين تجمعوا عند معبر حدودي مع محافظة أدرنة التركية، وقام بعضهم برشق عناصر الأمن اليوناني بالحجارة، بحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس".

 

وتحدث "محمد.ع" أحد اللاجئين السوريين المتواجدين على الحدود، عن المعاناة التي تعرضوا لها، حيث كان المبيت تحت شوادر من النايلون تم توزيعها عليهم من قبل بعض المنظمات هناك، "فبادر الناس إلى الاستعانة بأغصان الأشجار مع الشوادر لصنع شيء يشبه الخيم للنوم فيها، بالإضافة لبعض الخيم الفردية التي استطاعوا شرائها من هناك".

 

وأشار محمد، إلى أنه قبل وصولهم إلى معبر "بازار كوله" قام البوليس التركي بتأمين باصات ونقلهم بها إلى منطقة على الحدود اليونانية يفصل بينهما نهر وطلبوا من الجميع النزول هناك وعبور النهر باتجاه الأراضي اليونانية، فرفضوا النزول وطالبوا الباصات الرجوع بهم باتجاه المعبر الرئيسي وبعد جدال طويل مع بعض عناصر الأمن التركي رضخوا لمطالبهم وعادوا بهم وأنزلوهم في منطقة تبعد عن معبر "بازار كوله" مسافة ساعتين من المسير.

 

وختم كلامه قائلاً أنه سيعود إلى اسطنبول هو ومجموعة من السوريين اليوم بعدما أنفقوا كل ما بحوزتهم من نقود، "وأن هناك المزيد ممن يفكرون بالعودة خاصة بعد تفشي الوباء الجديد ووصوله إلى تركيا واليونان".

 

وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد عقدوا اجتماعا طارئاً بالعاصمة الكرواتية زغرب، بعد إعلان تركيا فتح أبوابها أمام اللاجئين ليعبروا اتجاه أوروبا، أعلنوا فيه رفضهم قرار تركيا فتح حدودها مع اليونان أمام اللاجئين، وأعربوا عن قلقهم البالغ من الوضع على الحدود اليونانية التركية.