طوابير أفران دمشق تجبر السكان على الانتظار وسط مشكلات أخرى

 

دمشق – نورث برس

 

يصطف العشرات من سكان أحياء العاصمة دمشق ضمن طوابير غير منسقة تتداخل مع بعضها البعض أمام الأفران, للحصول على حاجتهم من الخبز، وسط مشاجرات وتبادل للشتائم نتيجة الازدحام.

 

واعتاد سكان دمشق قبل الأزمة السورية، التوجه صباحاً للأفران لشراء الخبز طازجاً، أمّا الآن فبات تحصيل الخبز صعب المنال، رغم عدم الاكتراث بجودته.

 

وقالت أم علاء (اسم مستعار)، /46/عاماً، التي تقف ضمن المكان المخصص للنساء في فرن "ابن العميد" بمنطقة ركن الدين, إنها ترتاد المخبز كل يومين، وتضطر للانتظار،" بمعدل ساعة وربع تقريباً للحصول على ربطة خبز واحدة".

 

وأضافت، خلال حديثها لـ "نورث برس"، أن الفوز بربطة الخبز في هذه الأيام يعتبر "إنجازاً حقيقياً"، مشيرة إلى أن عدداً من النسوة اللواتي يقفن قبلها في الطابور هن "بيّاعات".

 

وبالفعل يقف أطفال ونساء على مقربة من الطابور أمام باب الفرن أو بمحاذاته, يقتسمون أمكنة الوقوف وأوقات البيع، وينادون " مية الربطة, خود ولا توقف"، في إشارة إلى أن شراء الربطة بسعر مضاعف "مئة ليرة" لن يكبّد الشخص انتظاراً قد يطول.

 

ويبلغ سعر ربطة الخبز المباعة في المخبز /50/ ليرة، في حين يصل ثمن شرائها عن طريق الباعة والسماسرة إلى /100/ ليرة وأحيانًا تصل إلى /150/ ليرة، عدا عن بعض مناطق الغوطة التي يصل فيها سعر ربطة الخبز إلى /200/ ليرة سورية.

 

وأشار الأربعيني أبو مثنى (اسم مستعار)، من سكان حي ركن الدين، إلى أعداد الباعة المنتشرين على رصيف الفرن، "الباعة أكثر عدداً من المشترين، يقفون ضمن الطوابير، ويشترون كميات أخرى من الخبز، ثم يبيعونها بسعر أغلى".

 

واتهم أبو مثنى، في حديثه لـ "نورث برس"، موظفين من داخل الفرن بعقد اتفاقات "سمسرة" مع الباعة في الخارج، مشيراً إلى مشكلات أخرى ترافق الازدحام، كالمشاجرات والسرقة، ومن بينها فقدانه لهاتفه أثناء انتظاره في الطابور.

 

لكن الكثير من السكان، مثل إسراء أم راما ذات الـ /43/ عاماً، يفضلون تجنب كل المشاكل والمشاجرات واغتنام الوقت، عبر "الشراء من الباعة أو الحصول على الخبز المحسّن من السوبر ماركت بسعر أعلى".

 

بينما تبقى المشكلة، بحسب إسراء، في أنّه ليس بمقدور كل المواطنين دفع نقود إضافية لشراء الخبز المحسّن أو شراء الربطة بسعر مضاعف من الباعة بالقرب من الأفران، " /50/ ليرة سورية فارق السعر للربطة الواحدة، تشكل عبئاً على عائلة لها ميزانية مخصصة ودخل محدود، ولكننا في وضع حرج".

 

ويتركز عمل الأفران العامة في سوريا على البيع بشكل مباشر للمواطنين، إلى جانب المخصصات التي يمنحونها للمعتمدين، والذين بدورهم يبيعونها في محالهم ومراكزهم بسعر قد يعلو /50/ ليرة أو أكثر عن السعر المحدد في الأفران.

 

وشدد جليل إبراهيم، مدير المؤسسة السورية للمخابز في دمشق، خلال اتصال هاتفي لـ "نورث برس، على أنّ إنتاج مادة الخبز يغطي كامل استهلاك البلاد، بل "إن الإنتاج يفوق الاستهلاك".

 

وأعاد إبراهيم الزيادة في الطلب إلى الأحوال المعيشية التي تمرّ بها البلاد، واصفاً الازدحام بالأمر "الطبيعي في هذه الظروف"، ومؤكداً أن لا نيّة لرفع سعر الخبز الذي يعدّ "خطاً أحمر".

 

وكان معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، جمال الدين شعيب، قد تحدث الشهر الفائت، لوكالة "سانا" الرسمية، عن هدف قرار جديد حدد ساعات عمل الأفران "لمنع عملية التلاعب وسرقة الخبز أو المخصصات، والتركيز على جودة الخدمة وتأمين المادة التي كانت تفقد صباحاً بسبب القيام بالعجن والخبز ليلًا".

 

وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية قد خصّصت الرقم /119/ لتلقي الشكاوى التموينية وتقول إن بإمكان المواطنين إرسال الشكاوى حول الأفران عبر تطبيق "عين المواطن" على الإنترنت، إلا أنّ العديد من الأشخاص لا يثقون بجدوى هذه الآليّة في حلّ مشكلاتهم مع المواد التموينية التي يصعب الحصول عليها يوماً بعد آخر، وفق ما تحدث سكان لـ "نورث برس".