نقص المساعدات يدفع نازحي مخيم "واشوكاني" لفتح بسطات بيع لكسب قوت يومهم

الحسكة – جيندار عبدالقادر / دلسوز يوسف – نورث برس

 

يلجأ نازحون من رأس العين/ سري كانيه في مخيم "واشوكاني"، شمال غربي الحسكة، مؤخراً إلى العمل كباعة على بسطات في المخيم لتأمين احتياجاتهم اليومية وسط نقص في المساعدات المقدمة من إدارة المخيم والمنظمات الانسانية التي تراجع دورها في مناطق شمال شرقي سوريا عقب العملية العسكرية التركية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

 

ويأوي مخيم "واشوكاني" ما يقارب /8000/ شخص، غالبيتهم نساء وأطفال، وسط ترقب وصول نازحين آخرين إلى المخيم من مناطق ريفي تل تمر الشمالي و زركان شمال الحسكة والتي تشهد قصفاً يومياً للقوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها.

 

وتحدياً للظروف المعيشية الصعبة، يحاول الكثيرون في المخيم وخاصة ذوي الدخل المحدود تدبير أمورهم من خلال افتتاح مشاريع صغيرة لتأمين قوت يعيلون به أسرهم.

 

في الشارع الرئيس في المخيم، يفترش محمود محمد (40 عاماً) ،وهو نازح من قرية أم الخير بريف مدينة سري كانيه، بسطة صغيرة لبيع مواد غذائية وأساسية بعد جلب البضاعة من أسواق مدينة الحسكة يومياً.

 

وقال محمد ، لـ" نورث برس"، إنه يعيش منذ نحو شهرين في المخيم بعد بقائه فترة عند أقربائه في منطقة جبل كزوان(عبدالعزيز)، وهو يعمل على البسطة بأجر يومي ليعيل أسرته المؤلفة من /6/ أفراد.

 

وأضاف "هذه البسطة ليست لي لكني أعمل فيها  لقاء /1000/ ليرة سورية كأجر يومي ، فسابقاً كان لدي بقالية في القرية لكن بسبب ظروف النزوح أبيع المواد على بسطة في هذا المخيم".

 

محمود ليس الوحيد الذي بدأ العمل، بل افتتح العديد من نازحي سري كانيه/ رأس العين منذ نزوحهم من مدينتهم، مشاريع صغيرة للتأقلم مع الواقع الجديد، لكن الفرصة ليست متاحة للكثيرين منهم، ممن يعانون البطالة في ظل عدم كفاية المساعدات الإنسانية.

 

ويعاني عماد شيخموس (40 عاماً)، مشكلة كبيرة حيال تأمين احتياجات عائلته بعد أن فقد ممتلكاته عقب الهجمات التركية على سري كانيه جميع ممتلكاته التي نهبت من عناصر من الفصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا، "نتواصل مع بعض الأصدقاء والجيران المتبقين في المدينة، يقولون إن المسلحين ضيقوا الخناق عليهم وباتت المدينة تفتقر إلى أدنى مقومات الأمان والخدمات".

 

وكان الرجل الأربعيني قد أصبح عاطلاً عن العمل بعدما كان مزارعاً في ريف رأس العين/ سري كانيه، لتعتمد عائلته بعد النزوح على راتب ابنها الموظف لدى الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى المساعدات "غير الكافية" التي تقدمها المنظمات وإدارة المخيم.

 

بالقرب من عماد، تجلس والدته المسنة حليمة أمين (80 سنة)، وهي تتحسر على الأيام التي عاشتها  في منزلها قبل أن تهجره وتفترش الأرض داخل خيمة كنازحة، " كنا مستورين في منازلنا أولادنا يعملون ونعيش حياة هانئة ".

 

وتأمل المسنة التي توزعت التجاعيد على وجهها ، بالعودة إلى ديارها مجدداً والانتهاء من الظروف المعيشية الصعبة الراهنة.

 

وكانت العملية العسكرية التركية في شرق الفرات في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر، قد تسببت بنزوح نحو /300/ ألف شخص فروا من مناطق سكنهم ونزوحهم، بحسب إحصائيات منظمة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش).

 

وكانت الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا قد أسست مخيم "واشوكاني" /13/ كم غربي الحسكة، ومخيم "تل السمن" /30/كم شمالي الرقة لاستقبال النازحين من منطقتي رأس العين وتل أبيض عقب سيطرة الجيش التركي والفصائل الموالية له عليهما.

 

وقال خالد خلو، الرئيس المشارك لإدارة مخيم "واشوكاني" إن لديهم مشروعاً لإنشاء سوق في المخيم لم ينفّذ بعد، إلا أن هذه البسطات التي افتتحها نازحون "تؤمن دخلاً للبائع الذي هو نازح أيضاً، وتفيد كذلك القاطنين المخيم، إذ تصبح بديلاً عن الذهاب إلى المدينة لشراء حاجياتهم، وبالتالي تخفف تكاليف إضافية تثقل كاهلهم".

 

وأضاف خلو، لـ"نورث برس"، أنه سيتم إنشاء سوق في المخيم وسيكون أصحاب المحال من ضمن النازحين في المخيم، كما أنه سيسمح لقاطني المخيم "بإنشاء محال لهم على نفقتهم الخاص في حال أرادوا ذلك".

 

أما بخصوص المساعدات الإنسانية، قال رئيس إدارة المخيم: "إدارة المخيم هي من تقدم الجزء الأكبر من المساعدات وتقوم بتأمين الخدمات للنازحين، في حين أن المنظمات العاملة قليلة وتقدم مساعدات محدودة تشمل المنظفات وبعض الألبسة المستعملة".

 

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في /23/ شباط/ فبراير الماضي، قد أوصى مجلس الأمن الدولي بفتح معبر تل أبيض على الحدود السورية التركية لنقل المساعدات الإنسانية لسكان شمال شرقي سوريا بعد إغلاق معبر اليعربية الحدودي بقرار من المنظمة الدولية.

 

واعتبرت الإدارة الذاتية حينها، على لسان الرئيس المشترك لمكتب الشؤون الإنسانية، المقترح الأممي "شرعنة للاحتلال ومساهمة في عملية التغيير الديمغرافي الذي يحصل في المناطق التي تحتلها تركيا" مطالبة بإخراج المساعدات الإنسانية من "التداول والابتزاز السياسي سواء بيد النظام السوري أو التركي".