إدلب ـ نورث برس
حمّل سكان المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في الشمال السوري، الضامن التركي، مسؤولية استعادة قوات الحكومة مساحة واسعة من الريف الغربي لحلب وتقدمه باتجاه مناطق أخرى في إدلب، مطالبين بضرورة توضيح الأسباب التي أدت إلى خذلان المدنيين، إضافة إلى خذلانه فصائل المعارضة العسكرية المحسوبة عليه.
ويعيش الأهالي بشكل عام في منطقة إدلب وما حولها حالة من الترقب الحذر لما ستؤول إليه التطورات، خاصة وأن قوات الحكومة السورية مستمرة في حملتها العسكرية التي بدأتها منذ مطلع شهر كانون الثاني/ يناير 2019، "إذ أن الأمور لا تسير كما تشتهي رياح السفن التركية"، الأمر الذي يزيد من حالة قلق المدنيين.
وقال أحد سكان منطقة إدلب لـ "نورث برس"، إن "تركيا مسؤولة أمامنا كسكان الشمال السوري المحرر، عما يجري في إدلب وما حولها وعليها أن تتحمل المسؤولية"، خاصة أن سكان تلك المناطق ساندوها في عمليتي (درع الفرات) و(غصن الزيتون) و(نبع السلام)".
وأوضح أحد الناشطين الميدانيين من ريف مدينة اعزاز شمالي حلب، ويدعى أبو العبد الحلبي، لـ "نورث برس"، أن "ما يجري جعلنا نشعر بحالة من اليأس، نريد أن نفهم إلى أين سنذهب بأنفسنا" في ظل التقدم المتسارع للقوات الحكومية وحليفها الروسي، "وبالمقابل لا يوجد أحد يسأل عنا" (في إشارة للضامن التركي).
ومنذ أواخر شهر كانون الثاني/يناير الماضي، وحتى شهر شباط/فبراير الجاري، تمكنت قوات الحكومة السورية من تحقيق عدد من الإنجازات ودحر فصائل المعارضة المسلحة المحسوبة على تركيا، أهمها إعادة افتتاح مطار حلب الدولي، وفتح طريق دمشق – حلب الاستراتيجي، وتأمين مدينة حلب بالكامل.
وأشار الناشط الميداني، إلى أن ما يجري "هو جريمة حقيقية وبكل المقاييس" وتتحملها كل الدول دون استثناء سواء كانت عربية أو إسلامية أو دولية كلها تتحمل المسؤولية بشكل كامل، "لأنهم جميعا يشاركون في عملية قتل وتهجير المدنيين الأمر الذي سينعكس سلبا على المنطقة وسط مخاوف من ارتكاب المجازر".
وأضاف أن القضية ليست قضية عشرات أو مئات أو آلاف الأشخاص، بل أصبح الموضوع يتجاوز الملايين من المدنيين، "إذ يوجد ما يقارب سبعة مليون في مناطق (درع الفرات) و(غصن الزيتون) وإدلب وشمالي إدلب كلهم رافضين لأي تواجد لنظام الأسد أو روسيا أو إيران".
وأشار الناشط الميداني إلى أن أهالي تلك المناطق باتوا لا يثقون بالمواقف التركية، خاصة بعد الهجمة الأخيرة وتقدمات قوات الحكومة الكبيرة غربي حلب، "فقد الداخل السوري ثقته بتركيا نتيجة التخاذلات الكبيرة، "فتركيا موقفها ضعيف بالنسبة للداخل السوري".
ولن تتمكن تركيا من مواجهة روسيا التي تملك قوة تسليح وعتاد كبيرة، حتى وإن كانت تعد من دول حلف الناتو، "إلا أن الناتو تخلى عنها"، وهذا الأمر سيجعل تركيا في مواجهة مباشرة مع روسيا ولكنها تحاول تجنبها، على حد قول الناشط
ولم يقتصر الأمر على تقدم قوات الحكومة السورية غربي حلب وعلى طريق دمشق حلب، بل تحاول القوات وحسب مصادر إعلامية متعددة التقدم للسيطرة على طريق "حلب- اللاذقية"، كما أنها توجه أنظارها نحو التقدم باتجاه "معبر باب الهوى" الحدودي مع تركيا، إذ أنها وعقب سيطرتها على كامل ريف حلب الغربي باتت لا تبعد أكثر من /20/ كم عن المعبر شمالي إدلب.
وكانت ما تسمى عملية "غصن الزيتون" انطلقت بدعم من الجيشين التركي و"السوري الحر" في عشرين كانون الثاني/يناير 2018، واستمرت حتى الثامن عشر من آذار/مارس 2018، وتم خلالها السيطرة على ما يقارب من مئة قرية وبلدة في منطقة عفرين وما حولها شمالي حلب.
وفي الرابع والعشرين من آب/أغسطس 2016، أطلقت تركيا ما تسمى عملية "درع الفرات" العسكرية في منطقة جرابلس وما حولها بالشمال السوري، بالتعاون مع بعض فصائل "الجيش الحر".
وعن رأيه بالتطورات قال مصدر في الجيش الوطني لـ "نورث برس"، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إن "تركيا كصديق وحليف لنا هي في صلب ما يجري في الشمال السوري" في إشارة إلى أنها معنية بشكل أو بآخر بكل التطورات وتخليها عن المعارضة العسكرية في هذا التوقيت بالذات نقطة ليست في صالحها.
ووسط كل ذلك تحاول تركيا وبشتى الوسائل احتواء التطورات الميدانية على الأرض، إلا أن كل الطرق المؤدية إلى روما ما تزال مسدودة بوجه تركيا، بسبب موقفها الذي بات حرجا أمام تقدم قوات الحكومة السورية، وأمام رفض أي محاولة للتفاوض معها إلا بعد تطهير المنطقة من "هيئة تحرير الشام/النصرة سابقا"، حسب روسيا.
وفي الخامس من شباط/فبراير الجاري، أمهل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قوات الحكومة السورية حتى نهاية الشهر ذاته للانسحاب من المناطق المحيطة بنقاط المراقبة التركية، مهددا أنه في حال لم تتم الاستجابة لذلك فإن القوات التركية سوف تشن عملية عسكرية إن لزم الأمر في إدلب، وقبل أيام صرّح أردوغان أن عملية إدلب ليست مستبعدة وقال "قد نأتي على حين غرة".