نازحو إدلب يفترشون العراء في عفرين بعد منع إنشاء مخيمات لهم

 

عفرين- نورث برس

 

يلجأ النازحون الفارون من القصف في أرياف إدلب وغربي حلب إلى افتراش العراء وبناء خيم عشوائية في عفرين وأطرافها شمال غربي سوريا, في ظل موجة البرد وانخفاض درجات الحرارة.

 

وتشهد منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها, موجة نزوح كبيرة من مناطق إدلب والريف الغربي لمدينة حلب, جراء العملية العسكرية التي تشنها القوات الحكومية بإسناد جوي من الطائرات الروسية.

 

وتمنع تركيا تقديم الخيم للنازحين القادمين من إدلب وريف حلب الغربي أو بناء مخيمات خاصة بهم من قبل المنظمات العاملة بالمنطقة, حيث يقتصر تقديم الخيم على منظمة الهيئة الإغاثية الإنسانية التركية  "IHH" والهلال الأحمر التركي فقط, وفق ما أكده مراسل "نورث برس".

 

وقال ياسر الشامي (اسم مستعار)، وهو من النازحين من دمشق لمنطقة إدلب قبل عامين، إنه نزح مع عائلته إلى مدينة عفرين بعد تقدم القوات الحكومية في ريف إدلب, وهو غير قادر اليوم على تأمين لقمة عيش لأطفاله الذين يسكنون خيمة "ممزقة", ولا يستطيعون النوم نتيجة البرد القارس, لافتاً إلى أنه طلب تبديلها أكثر من خمس مرات إلا أن المنظمة التركية رفضت طلبه.

 

 

وتسبب تدفق النازحين نحو عفرين بإنشاء أكثر من خمسة مخيمات عشوائية داخل المدينة, متوزعة على حي المحمودية، والكراج القديم، ومؤسسة الموارد المائية، وطريق "المشفى العسكري".

 

وذكر مصدر خاص من مدينة عفرين، رفض ذكر اسمه لاعتبارات أمنية, لـ"نورث برس"، أن منظمة "أفاد" (إدارة الكوارث والطوارئ التركية)، طلبت من المتجمعين في مخيم عشوائي على طريق "المشفى العسكري"، المغادرة إلى خارج عفرين, كما أنذرت المنظمة ذاتها القاطنين في مخيم قرب مؤسسة الموارد المائية لإزالة خيامهم ومغادرة المكان.

 

وشددت تركيا خلال مخاطبتها رؤساء المجالس المحلية في المنطقة ومدراء المنظمات الإنسانية على رفضها لإنشاء أي مخيم في منطقة عفرين لاستقبال نازحي إدلب والريف الغربي لمدينة حلب, باستثناء ناحية جنديرس التي قام واليها قبل أيام بالسماح ببناء مخيمات ضمنها.

 

وتم إنشاء مراكز إيواء مؤقتة  للنازحين في صالة "زاغروس" على طريق راجو- عفرين وصالة "الأمل" على طريق كفر جنة- عفرين, إلا أنها لا تستوعب الأعداد الكبيرة من النازحين القادمين إلى المنطقة.

 

وقال أبو أحمد (اسم مستعار)، وهو نازح من بلدة تل مرديخ بريف إدلب ويسكن في مخيم عشوائي على أطراف حي المحمودية، إنه قام بصنع خيمة عن طريق خياطة قطع الشوادر, لافتاً إلى أنه اليوم عاجز عن توفير احتياجاته, وبحاجة ماسة للمساعدات الغذائية وتخديم مخيمهم  بمياه الشرب والمرافق الصحية , كونه لا يملك ثمن المياه أو شراء خزانات لتعبئتها.

 

وتسبب ارتفاع آجار المنازل في مدينة الباب عائقاً كبيراً أمام بعض النازحين من التوجه إليها, حيث وصل آجار المنزل الفارغ  إلى مئة دولار أمريكي (أكثر من /100/ ألف ليرة سورية)، وفق ما أكدته مصادر محلية لـ"نورث برس".

 

ولم يكن الحال أفضل في إعزاز، إذ قامت المكاتب العقارية في المدينة باستغلال النازحين ورفع أسعار الآجارات ليصل آجار الغرفة الواحدة لقرابة /50/ دولار أمريكي شهرياً، وفقاً لمصادر من المدينة.

 

وقال أبو قصي(اسم مستعار)، وهو أحد الناشطين في الشمال السوري، إن "الرحمة لم تعد موجودة والجميع أصبح ينظر للنازح  كنظرة الصياد لفريسته، همهم الوحيد جمع الأموال عن طريق مأساة النازحين". 

 

 

وفي الوقت نفسه، يتعرض سكان منطقة عفرين الأصليين لمضايقات من قبل فصائل المعارضة المسلحة التابعة لها بهدف تهجيرهم من المنطقة, إذ قال رزكار (اسم مستعار)، من سكان عفرين، إنه غير قادر على العودة لمنزله في القرية قرية شيخ روز التابعة لناحية بلبل, "لأن فصائل المعارضة تمنعه من دخول القرية أو نقل شيء من أثاث منزله.

 

"لا يختلف حالي عن باقي النازحين في المنطقة بل أنا أسوأ حالاً منهم، فالمنظمات ترفض تسجيلي لأنني من أهالي المنطقة".

 

وأكد رزكار أن المئات من منازل مدنيي عفرين، أصبحت مقرات عسكرية، وهي تتسع لمئات العوائل النازحة، "لو أن هذه الفصائل تعمل بصدق، لأفرغت هذه المنازل (التي حولتها لمقرات) وأسكنت نازحين فيها"، على حد قوله.

 

وفي سياق متصل، أفاد مدير مخيم كفر نبودة بريف إدلب الشمالي، فريد شاليش، لـ"نورث برس"، أن قائداً عسكرياً في  "فيلق الرحمن" التابع لتركيا قام بتهديد عائلات من ريف حماة تقطن في منازل أهالي عفرين المهجرين في قرية "شيخ خورزة" التابعة لناحية بلبل بمنطقة عفرين للخروج من المنازل، وذلك "بغرض جلب عائلات من أقربائه، وأخبرهم أنه في حال رفضهم الخروج، سيحرك الأرتال لإخراجهم بالقوة".

 

وتشهد مدينة عفرين منذ سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة عليها في آذار/ مارس من العام 2018 عمليات تهجير وتوطين وصفتها منظمات حقوقية دولية بـ"التغيير الديمغرافي"، ويعيش فيها 35% فقط من سكانها الأصليين، مقابل الأعداد الكبيرة من مهجري المناطق الجنوبية السورية وحمص وحماة، والذين قدموا برفقة مسلحي المعارضة الموالين لتركيا.

 

وبلغ عدد النازحين في شمال غربي سوريا (مدينتا حلب وإدلب وأريافهما)، ما يقارب /932/ ألفاً، يتوزع / 308/  آلاف شخص منهم في المخيمات العشوائية والمنتظمة، و/119/ ألف شخص يقيمون في العراء وتحت الأشجار، وفق ما وثقه
فريق "منسقو استجابة سوريا" في بيان نشره في /18/ شباط / فبراير الجاري.