الحصول على البطاقة الذكية في دمشق.. “رحلة تعيسة”” وعائلات مجبرة على خوضها

دمشق – جاد نجار –  نورث برس
 

يتذمر سكان في العاصمة السورية دمشق من مشكلات أثناء تفعيل خدمة البطاقة الذكية "تكامل" التي طرحتها الحكومة لتسهيل حصول المواطن على مواد مشمولة بدعم الأسعار، لكنها تتطلب إجراءات تتسبب غالباً بتعذر الحصول على هذه المواد.

 

وقال تركي الخلف، /70/ عاماً، وهو عسكري متقاعد لـ"نورث برس"، إنه مضطر للمجيء باستمرار إلى مركز الكواكبي لبطاقات "تكامل" ليثبت أنه معيل لعائلته، "رغم معاناتي من الأمراض وكل البرد والتعتير والعذاب".

 

وأضاف مشيراً إلى كيسه المليء بأنواع من أدوية السكّري والضغط، "أتيتُ منذ التاسعة صباحاً والآن الساعة الواحدة، لم ينادوا اسمي بعد، أتيت لتفعيل البطاقة من أجل 3 كيلو سكّر و4 كيلو رز، عندي ثلاثة شباب وست بنات وكلّهم معي في البيت رغم أن بعضهم متزوجون،، "كما تعلم الإيجارات غالية جداً والرواتب لا تكفي".

 

وقالت لين علي، معاونة مديرة مركز الكواكبي لبطاقات تكامل، إن الهدف الأساسي من التطبيق الجديد هو الحدّ من الازدحام على مراكز توزيع الغاز، ولتأمين التوزيع العادل للناس حسب الأسبقية، "لكننا نعاني هنا في مركز إصدار البطاقات أكثر من مراكز توزيع المواد النفطية".

 

 

وأوضحت، "انظر، سترى أن الكهرباء تنقطع ونفقد معها الاتصال بشبكة الإنترنت الخاصة بـ"تكامل"، ما يجعلنا جميعاً مع المواطنين لا نفعل شيئاً سوى الانتظار".
 

ويعرّف الموقع الإلكتروني لشركة "تكامل" البطاقة الذكية على أنها "مشروع أتمتة توزيع المشتقات النفطية وغيرها من المواد والخدمات على العائلات والآليات في سورية، وهو مشروع نوعي عائد لوزارة النفط والثروة المعدنية يتم تنفيذه عبر كادر وطني وبخبرات وطنية، ويهدف إلى ضبط توزيع المشتقات النفطية، والحد من التهريب والاحتكار، وضمان وصول المشتقات النفطية إلى مستحقيها بمساواة، وصولاً إلى القدرة على تطبيق العدالة في توزيع الدعم".

 

وقالت أم محمد النهار، المنحدرة من درعا والقاطنة في "نهر عيشة" إحدى ضواحي العاصمة، إن جرّة الغاز عند المعتمد منذ شهرين، وليس لديها في البيت لا كهرباء ولا مازوت، ولا تملك إمكانات تأمين جرة غاز من خارج المراكز.
 

" طلبوا مني هنا سند إقامة جلبته لهم، وقالوا لي انتظري دورك، أنا هنا  منذ السابعة صباحاً، لكن الكهرباء مقطوعة منذ ساعتين والجميع ينتظر".
 

ومع ازدياد معاناة هؤلاء الناس بسبب التطبيق الجديد الذي تبنّته المحروقات السورية بالتعاون مع "تكامل"، ينبغي أن يقوم الشخص بسلسلة طويلة من الإجراءات تبدأ بتحميل التطبيق ثم إدخال مجموعة من الرموز وأرقام البطاقة الذكية والبطاقة الشخصية ورقم الهاتف واسم أقرب معتمد غاز.
 

وبعد تكرار ذلك عشرات المرات أحياناً، وبدلاً من أن تصل رسالة لاستلام جرّة الغاز، تأتي إجابة من "كمبيوترات الشركة" بأن "العملية فشلت" أو "راجع مراكز تكامل للتدقيق" أو " رمز الإدخال غير صحيح".

 

وطلبَ وسيم العبد لله، وهو شاب عسكري قدم برفقة والده، أن نكتب بالضبط ما يقوله: " أقضي معظم أيام إجازاتي التي لا تتجاوز ثلاثة أيام هنا، بدلاً من أن أجلس مع أولادي وزوجتي وأرتاح في بيتي، وهذه ثالث مرة أقضي فيها الوقت هنا دون أي فائدة".

 

وأضاف منفعلاً: "اذهب إلى مراكز التوزيع، ستجد جرار الغاز متراكمة، لكنهم لن يسلموك ما لم تصلك رسالة إلى جوّالك، و لم يأتِ دورك، أو يقولون لك أجلب وثيقة بيان عائلي، أجلب لنا قيد نفوس، دفتر العائلة، صورة لك وصور لعائلتك وزوجتك…. ".
 

وأضاف "نحن نقضي الوقت على الطرقات متحملين هذا القهر، والله البارحة اشتريت جرّة من السوق السودا بعشرة آلاف ليرة…هل هذا حلّ؟ ليجبنا أحد ما".

 

وتجيب لين علي، معاونة مديرة مركز الكواكبي لبطاقات تكامل، أن هناك ما لا يقلّ عن مئة مواطن ينتظرون في حين لا يوجد في المركز سوى خمسة موظفين، بالإضافة إلى مشكلة وجود المركز ضمن مدرسة، "وهذا أكبر خطأ".
 

وقالت "هناك أيضاً مشكلة ترك بعض الموظفين العمل بسبب ضعف الرواتب أو تأخّرها، ويؤدي الضغط الكبير والشجار الذي يحصل بين الموظفين والناس إلى تدخل رجال الشرطة لحلّ الخلافات وتهدئة الناس".

 

وبدأ اعتماد البطاقة الذكية لتوزيع بنزين للسيارات في منتصف العام 2016، في محافظة السويداء، عبر نظام شرائح يعتمد على حجم المحرك، ومن ثم بدأ اعتمادها في محافظات أخرى، وتُعتمد البطاقة للحصول على أسطوانة غاز منزلي كل /23/ يوماً، كما تم اعتمادها لتوزيع /400/ لتر مازوت لكل عائلة بسعر /180/ ليرة، وأخيراً تم إضافة عدد من المواد التموينية.