دمشق – نورث برس
لم تتوصل وزارة الموارد المائية مع وزارة الصحة والأخرى المعنية في الحكومة السورية إلى حل نهائي لحماية المياه العذبة والمالحة "البحر" من التلوث، حتى الآن في ظل مشكلات في مياه الشرب لمناطق من دمشق وريفها، ومع تقصير من قبل المجتمع المحلي والمؤسسات الرسمية في حماية حرم مصادر المياه وتحصينها.
وفي الوقت الذي لا يكفي ما تفعله المؤسسات المعنية من مزج الكلور مع الماء لتعقيمه، تتسبب الإضافة غير المدروسة للكلور إلى الماء وصب مخلفات الصرف الصحي في الأنهار بمشاكل عدة على البيئة والإنسان على حد سواء، بحسب ما أفاد به مختصون لـ"نورث برس".
مخاطر صحية
قالت الكيميائية ابتسام النحاس، عضو مجلس إدارة الجمعية الكيميائية السورية والخبيرة في تحليل جودة مياه الشرب، لـ"نورث برس"، إن مياه الشرب يجب أن تكون "خالية من أي تلوث جرثومي أو كيميائي أو عضوي"، لتجنب تسببها بأمراض من بينها السحايا واليرقان والتيفوئيد والكوليرا.
وأضافت أن مخلفات المصانع أو المشافي التي ليس لديها محطات معالجة، تتسبب بملوثات أخرى، و"هنا يجب إلزام جميع المعامل و المشافي بتركيب محطات معالجة في ظل وجود مخلفات طبية ومعادن ثقيلة، وجميعها تسبب السرطانات، وقد لا تظهر الأمراض بشكل مباشر".
وتكون المنشآت الصناعية ملزمة عادة بوضع محطة معالجة في بداية الاستثمار، ولكن بعضها أوقفت عمل تلك المحطات مع مضي الوقت، ما يستوجب الحرص والمتابعة، بحسب الكيميائية ابتسام النحاس.
وأصيب العشرات من سكان منطقة وادي بردى في ريف دمشق، بداية العام الجاري، بحالات تسمم تخللتها عوارض إسهال وإقياء شديدين، بسبب استخدامهم مياهاً ملوثة من بئر لمياه الشرب، وقال مدير صحة دمشق ياسين نعنوس، حينها للصحف الرسمية، إن /79/ من أبناء منطقتي أشرفية الوادي وجديدة الشيباني في ريف دمشق نقلوا للعلاج في المشافي.
النفايات العضوية
قال الاختصاصي في الكيمياء التحليلية في كلية العلوم بجامعة دمشق، الدكتور عصام القلق، لـ"نورث برس"، إن وكالة حماية البيئة وضعت مع الوكالات العالمية شروطاً وتوصيات للماء الصالح للشرب، ومن ضمنها "أن لا يحتوي على مبيدات ومواد عضوية وأن لا يحتوي كذلك العصيات البرازية التي تأتي إما من تسرب براز الإنسان إلى مياه الشرب أو نتيجة البراز غير الإنساني الذي يوجد في الآبار".
ولتمييز وجود تسرب من عدمه، يؤكد القلق على ضرورة إجراء تحاليل بشكل دائم، " خاصة أن الأوبئة الأكثر انتشاراً وخطراً هي تلك التي تأتي من براز الإنسان".
وأشار القلق إلى أن استعمال الكلور في سوريا يكون إما بشكل كلور حر CN2 أو بشكل أملاح أمنية، "وبالطبع له تأثير سيء جداً، خاصة إذا تحول إلى مركبات أخرى عضوية (مشتقات الكلور) من الممكن أن تكون مسرطنة، وذلك إذا وجدت مادة كلور أفورم ملقاة في نهر أو منتج ما، فتتحول تحت تأثير أشعة الشمس إلى مركبات خطيرة ومسرطنة"، مضيفاً أن المشكلة نفسها تظهر عندما تلقي بعض المصانع الدوائية وغيرها بمخلفاتها في الأنهار وخاصة الكلورية منها.
زيادة نسبة الكلور تضر ولا تنفع
تشترط وكالة حماية البيئة أن تكون هناك مواصفات معينة في مياه الشرب ويجب أن تتطابق نتائج التحليل لمعايير الوكالة، وحتى مياه الشرب المعبأة يجب تحليلها ومعالجتها، فاستخدام "كلورينا" المطهر يجب أن يكون بنسب معينة في مياه الشرب والمسابح في حين يمكن للإفراط فيها أن يؤثر على البيئة.
ويضاف الكلور عادة إلى مصدر المياه العام وإلى حمامات السباحة العامة والخاصة ويستخدم على نطاق واسع كمبيد للجراثيم، ويوجد بإحدى الصيغتين، كلور حر فعال أو كلور مرتبط فعال، ويقتل الجراثيم والفيروسات عند إضافته إلى مصادر المياه العامة، حسب ما أوضح الدكتور عصام القلق.
في حين أوضحت ابتسام النحاس أن جميع المعقمات هي خاصة للجراثيم فقط وليست للملوثات العضوية والمعدنية، "فالكلور آمن في حال كانت المياه محصنة ولا توجد فيها ملوثات عضوية أو مياه مكشوفة"، مشددة على ضرورة أن يكون هناك حرم لمياه الشرب.
وبالرغم من تأكيدات المختصين من أن تلوث المياه تتسبب بأمراض عدة انتشرت مؤخراً بين المواطنين، إلا أن وزارة الصحة امتنعت عند الإدلاء بأي تصريح حول الموضوع لنورث برس مبررة ذلك بأن الحديث عن المشكلة يتسبب بحالة ذعر وهلع بين الناس.