طبيب يتحدث عن تهجير تركيا والمعارضة لسكان قريته وتحويلها لمنطقة عسكرية وصلاة قادتهم في منزله المنهوب

عين العرب / كوباني – فتاح عيسى / فياض محمد – نورث برس

 

يروي طبيب أشعة منحدر من ريف مدينة تل أبيض / كري سبي، حكاية الاستيلاء على منزله، وتهجير أبناء المكونين الكردي والأرمني بشكل كامل من مدينتهم، وعائلات من المكون العربي الذين رفضوا دخول تلك الفصائل إلى مدينتهم أو كانوا يعملون ضمن مؤسسات الإدارة المدنية فيها.

وأوضح الطبيب محمد عارف علي، لـ"نورث برس" أن فصائل عسكرية تحت مسمى "الجيش الوطني السوري" التابع لتركيا، سيطرت على منزله الذي كان بمثابة مضافة، ومنازل أقربائه في قرية طنهوزة / تنوزة الواقعة على بعد /7/ كم غرب مدينة تل أبيض من بينها فصيل أحرار الشرقية.

 

صلاة المعارضة في منزله المنهوب

 

وأضاف الطبيب علي أنه شاهد الصور والفيديوهات الخاصة بسيطرة تلك الفصائل على منزله، على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية.

 

وأشار إلى أن تلك الفصائل هدمت تمثالين لأسدين كانا موجودين عند مدخل المضافة، إضافة لفرش سجاد من محتويات منزله في ساحة المضافة، ليؤدوا صلاتهم الجماعية يوم الجمعة عليها، في أرض ومنزل جرى الاستيلاء عليهما.

 

وأردف بأنهم جلبوا مكبرات صوت من مسجد القرية الذي يبعد عن منزله مسافة /400/ متر وعلقوها في ساحة منزله.

 

لا سماح بالعودة

 

الطبي علي شدد على أن قيام تلك الفصائل بتلك الأعمال والنشاطات في ساحة منزله يعود لمساحته الواسعة من جهة، ولإيصال رسالة مبطنة بأنهم لن يسمحوا لأهالي القرية والمنطقة بالعودة لمنازلهم من جهة ثانية، وذلك في تأكيد على عملية التغيير الديمغرافي التي يخططون لها.

 

ويضيف متحدثاً عن وجود "دليل حي" على ما سبق من حديثه وهو اعتقال شخص من قريته يبلغ من العمر /72/ عاماً أثناء عودته إلى منزله في قرية طنهوزة، بعد تلقيه ضمانات من قبل الفصائل المسيطرة على القرية.

 

ولفت الطبيب إلى أن الفصائل المسلحة في قريته تطلب من أبناء الرجل المعتقل لديهم يطالبون بفدية قدرها /30/ مليون ليرة سورية مقابل إطلاق سراحه

 

القصف التركي استهدف القرى الكردية فقط

 

يتابع علي حديثه مشدداً على أن أغلب أهالي قريته نزحوا إلى مدينة عين العرب / كوباني، فيما نزح الجزء الآخر إلى مدينة الرقة، لافتاً إلى أن حركة النزوح حدثت مع  دخول الفصائل الموالية لتركيا والجيش التركي إلى المنطقة في التاسع من شهر تشرين الأول/أكتوبر الفائت.

 

الأهالي وفقاً للطبيب نزح غالبيتهم في الساعة التاسعة مساءً، بعد أن تم قصف القرى المجاورة لهم، واستشهد مدنيان من جيرانهم، حيث أُفرغت المنطقة من سكانها في اليوم الثاني لبدء العملية العسكرية.

 

ويضيف قائلاً: "فصائل المعارضة والقوات التركية قصفت القرى الكردية، وجرى تحييد كثير من قرى المكون العربي عن القصف إلى أن بدأ اجتياح الفصائل المسلحة للمنطقة وتم اعتقال الأشخاص غير الموالين لتلك الفصائل أو غير موالين لتركيا".

 

وأضاف الطبيب علي أن منزله في القرية كان "مركزاً لأخوة الشعوب" حيث تم عقد آخر اجتماع لعشائر الفرات في منزله في القرية في الأول من شهر أيلول / سبتمبر الفائت.

 

تحصينات عسكرية في القرية

 

وفيما يتعلق بآخر الأخبار عن منزله، أوضح الطبيب علي، أن تلك الفصائل لا تزال موجودة في منزله، ويقومون بعمل تحصينات قرب القرية، كما تم توطين عائلات المسلحين في منازل أقربائه في القرية، لافتاً إلى أن جزء من القرية تم تحويلها لمقرات عسكرية، أما الجزء الآخر فتم توطين عائلات المسلحين فيها.

 

نهب الممتلكات وتهجير السكان

 

كما أضاف أن جيرانه من المكون العربي أخبروه عبر الهاتف أنه تم إفراغ كافة المنازل التي يمتلكها السكان من محتوياته، وتم نهب ممتلكاتهم بشكل كامل، وأن المنازل أصبحت خالية، وكذلك تم سرقة بذار الفلاحين من القمح والشعير ونهب مخازنهم، وكل ما تركوه خلفهم من الجرارات والآليات الزراعية.

 

وأوضح بأن غالبية القرى الحدودية التي تم احتلالها وتهجير سكانها تعود ملكيتها للسكان من المكون الكردي، وهي تقارب /100/ قرية بينها قرية ومزرعة تعود ملكيتها للأرمن، وعدة قرى تعود ملكيتها للعرب، وفيما يتعلق بنسبة الكرد في المدينة فكانت تتراوح بين /20 و35/ بالمئة قبل النزوح الأول نهاية عام 2012، أما في القرى فكانت تتراوح بين /40 و50/ بالمئة.

 

النزوح الثاني

 

وأضاف علي أن هذا النزوح يعتبر الثاني لهم من مدينتهم تل أبيض / كري سبي، بعد أن نزحوا من القرية نهاية عام 2012، بسبب سيطرة فصائل المعارضة المسلحة عليها.

 

ولفت إلى أن النزوح الأول كان بسبب نفس الوجوه تحت تسميات مختلفة مثل الجبهة الشامية ومن ثم جبهة النصرة وبعدها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

 

ونوه أيضاً إلى أنه أثناء سيطرة "داعش" على المدينة كان منزله وقريتهم غير مسكونة، ثم أثناء حملة "داعش" على مدينة عين العرب / كوباني نهاية عام 2014، تم جلب عائلات "داعش" من خارج مدينة تل أبيض / كري سبي، وإسكانها في منازل قريتهم.    

 

ومن نزوح إلى نزوح، يبقي طبيب الأشعة المهجّر عينه مفتوحة نحو مسقط رأسه، لعله يوماً ما يستطيع أن يدفئ عظامه من شعاع الشمس المشرقة على قريته وسكانها الأصليين لا من جاءت بهم تركيا بهدف التغيير الديموغرافي.