غايات الصراع على معابر الحدود السورية – العراقية

حسين زيدو – كاتب صحافي

تمتد الحدود السورية – العراقية مسافة ما يقارب /600/ كم، وتبدأ من حدود المملكة الأردنية الهاشمية جنوباً وحتى الحدود التركية شمالاً، وتتخلل هذه المسافة /4/معابر حدودية، تعتبر لغايات عديدة ذات أهمية استراتيجية للقوى التي سيطرت عليها خلال سنين الحرب السورية.

منذ بدء الأزمة السورية تتصارع قوى عديدة على طرفي الحدود السورية العراقية، للتحكم بالمعابر، وطبقت القوى التي سيطرة على المعابر قوانينها الخاصة بشأن حركة مرور الناس، وحركة التصدير والاستيراد، بما يتناسب مع غاياتها ومصالحها.

معبر سيمالكا ( فيش خابور): هو معبر حدودي يقع في أقصى شمال الحدود السورية العراقية، ويُعتبر منفذاً برياً وحيداً لمناطق شمال وشرقي سوريا نحو الخارج، وهو معبر خارج سيطرة الحكومة السورية، وتعتبره الحكومة السورية معبراً غير رسمي.

وتم فتح معبر سيمالكا (فيش خابور) الحدودي بين إقليم كردستان العراق ومناطق شمال شرقي سوريا في العام 2013، وذلك إثر اجتماع عُقد في مدينة هولير / أربيل بين ممثلين من "مجلس شعب غربي كردستان" و"المجلس الوطني الكردي"، برعاية رئيس الإقليم مسعود البرزاني آنذاك، وتم إقرار فتح المعبر الحدودي.

ويسيطر على معبر سيمالكا من جهة الغرب قوات الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية منذ العام 2013، وتطبق قوانينها على المعبر من حيث عبور الناس إلى العراق وبالعكس، كما للمعبر قوانين تخص تصدير المواد واستيرادها، ويسيطر على المعبر من جهة الشرق قوات تابعة لإقليم كردستان العراق، ولأجل عبور الناس المدنيين والمرضى والمواد التجارية، ينسق إقليم كردستان العراق مع الإدارة الذاتية في الجهة الأخرى.

وتكمن أهمية معبر سيمالكا الحدودي للطرفين المسيطرين؛ بأنه منفذ تجاري بين الطرفين، حيث يُصدّر التجّار المواد الزراعية والحيوانية من شمال وشرقي سوريا نحو إقليم كردستان العراق، كما يُصدّر الإقليم من خلال المعبر المواد الغذائية والإنشائية نحو شمال وشرقي سوريا.

كذلك يعتبر نقطة عبور دولية هامة، حيث استجلب التحالف الدولي لمحاربة تنظيم " الدولة الإسلامية" عبره، كافة معداته الحربية ومستلزماته الأخرى، إلى شمال وشرقي سوريا، ولهذه الغايات بقي المعبر سالكا ما بين الطرفين وبمباركة من التحالف الدولي.

معبر اليعربية / تل كوجر (ربيعة):

يقع معبر اليعربية الحدودي أو معبر ربيعة بين مدينة اليعربية السورية في منطقة الجزيرة السورية، ومدينة ربيعة العراقية.

وفي عام 2013 وقع المعبر من الجهة السورية تحت سيطرة الفصائل المتشددة، إلى أن استطاعت وحدات حماية الشعب استعادت السيطرة على معبر اليعربية، في أواخر العام 2013.

كما سيطرت قوات البيشمركة من جهة العراق على المعبر، وبلدة ربيعة في الأول من تشرين الأول / نوفمبر من العام 2014.

ويعتبر معبر اليعربية ذو أهمية حيوية في مجال التجارة، كون المعبر هو المنفذ ما بين سوريا والعراق على الطريق الدولي(M4)، لكن المعبر بقي مغلقا طيلة سنوات الحرب السورية، ولم يفتح إلا أمام الحالات الإنسانية ولفترات محدودة.

معبر البوكمال (القائم):

يقع معبر البوكمال الحدودي ما بين مدينة البوكمال السورية في محافظة دير الزور، ومدينة القائم العراقية في محافظة الأنبار، ويعد معبر البوكمال المنفذ الرئيسي بين حكومتي سوريا والعراق في الوقت الحالي، كونه المعبر الوحيد على الحدود السورية العراقية تحت سيطرة الحكومة السورية من جهة الشرق.

ففي آذار / مارس 2013، سيطر مسلحو "جبهة النصرة" على المعبر، من ثم سيطر مسلحو تنظيم "الدولة الإسلامية" في العام  2014 على المعبر، وفي صيف 2017 استعادة الحكومة السورية سيطرتها على معبر البوكمال.

ويعتبر معبر البوكمال نقطة استراتيجية في معادلات القوى المتصارعة، وتتمسك الحكومة السورية بالمعبر لاعتبار المعبر هو المنفذ البري الوحيد للحكومة السورية نحو العراق وإيران، كما يعتبره الجانب العراقي ومن خلفه إيران البوابة الرئيسية للنفاذ براً إلى سوريا، وتقديم الدعم اللوجستي للحكومة السورية، ولهذه الأسباب تتعرض منطقة المعبر لهجمات الطائرات الإسرائيلية والأمريكية أحيانا، وذلك لقطع شريان التواصل ما بين سوريا وإيران الحليفتين.

معبر الوليد (التنف):

معبر الوليد الحدودي المعروف في سوريا باسم "التنف" نسبةً للمنطقة؛ هو معبر حدودي رسمي بين سوريا والعراق، ويقع معبر الوليد في منطقة البادية الصحراوية، بالقرب من أقصى نقطة غرب العراق وشرق سوريا باتجاه الأردن.

ويعد معبر الوليد نقطة عبور الحدود الرئيسية على الطريق السريع بين دمشق وبغداد، ويعتبر من أكثر المعابر التي تصارعت القوى عليها، وذلك لغايات ومصالح استراتيجية تمس مصير الدول الإقليمية.

فيما سيطر مسلحو تنظيم "الدولة الإسلامية" في أيار / مايو 2015 على المعبر، وانتشر آنذاك مسلحو التنظيم وسيطروا على كامل الحدود السورية العراقية، عدا بضعة كيلومترات من شمالي الحدود؛ أي القسم الواقع تحت سيطرة القوات الكردية في الطرفين.

وفي شهر آذار / مارس 2017، سيطر مسلحو "جيش مغاوير الثورة" بدعم أمريكي على المعبر من جهة سوريا، وكانت القوات الأمريكية قد تمركزت قبلها في منطقة التنف.

وفي حزيران / يونيو 2017 استطاع الجيش العراقي بالتحالف مع العشائر العراقية، وبدعم من التحالف الدولي بقيادة أمريكا، السيطرة على المعبر من جهة الشرق، وانتزاع المعبر من يد مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية".

وتعتبر الدول الإقليمية منطقة التنف ذات بعد استراتيجي مهم؛ كونها نقطة الوصول ما بين دول عديدة (سوريا، العراق، الأردن)، وأعطت أمريكا -قديماً وحديثاً- أهمية قصوى لمنطقة التنف، وذلك لغايات تتعلق بأمن إسرائيل وحماية مصالحها في الخليج العربي، فكان معبر التنف مدخلاً للقوات الأمريكية في العام 2003، عند اجتياحها العراق، وأنشأت أمريكا لاحقا قاعدة عسكرية في منطقة التنف، ومنعت وصول قوات الحكومة السورية إلى تلك المنطقة، وتصدت لتقدمها عدة مرات.

لعبت المعابر ما بين سوريا والعراق دوراً استراتيجياً طيلة سنوات الحرب السورية؛ لأن المعابر استخدمت من قبل كافة الأطراف المتصارعة في سوريا لغايات عسكرية، وتم جلب المقاتلين والعتاد العسكري من خلال المعابر، كما لا تزال المعابر الأربعة تخدم العمل العسكري أكثر من العمل المدني؛ كونها تقع تحت نفوذ قوى عديدة.