منطقة ديرك في مثلث الحدود مع العراق وتركيا.. إضاءة على كنائسها وتاريخها في ظل الهجمات التي طالتها
المالكية / ديرك – سولنار محمد / بحري حسن – NPA
تتبع منطقة المالكية / ديرك، التابعة إدارياً لمقاطعة القامشلي، العديد من القرى والنواحي والبلدات، وهي تقع في مثلث الحدود السورية – التركية – العراقية، فيما تعتبر المدينة مركزاً رئيسياً لجميع القرى المحيطة بها.
وتتمتع المدينة بموقع استراتيجي هام من حيث وقوعها في المثلث الحدودي، فيما تبعد مسافة 190// كم عن مدينة الحسكة، و/90/ كم عن القامشلي، ونحو 900// كم عن العاصمة دمشق.
يعتبر تاريخ المدينة حديثاً نسبياً، حيث يعود إلى العقد الأول من القرن العشرين، بدأت كقرية صغيرة اسمها (ديرك) نسبة إلى دير قديم من القرون المسيحية الأولى، ممّا يدّل بشكل واضح أن أهلها الأوائل كانوا من المسيحيين.
وهناك روايةٌ أخرى حول اسم المدينة، وهي أن (ديرك) اسم كردي مكوّن من مقطعين، دو: بمعنى اثنين، رك: بمعنى طريق، أي ذو الطريقين، وذلك نسبةً إلى الطريق التجاري الذي كان يتفرّع في ديرك إلى طريقين، وهما: طريق "كانيا العسكري"، وطريق "معمل السجاد".
توالت على ديريك فترات تاريخية عدة، وكانت تُحسب حتى مطلع القرن العشرين من ضمن أراضي الإمبراطورية العثمانية، ففي أحداث "سفر برلك" والمجازر التي ارتكبتها السلطنة العثمانية من خلال الكتائب الحميدية، نزح إلى المنطقة أغلب المسيحيون في "آزخ" وباقي القرى من الشمال وعمّرها الأزخينيون.
حتى مطلع عقودٍ مضت، كانت المالكية / ديرك ذات أغلبية آزخينية مسيحية، حيث وجِدَ الكرد بأعداد قليلة في البداية، لكنهم اليوم يؤلفون القسم الأكبر من سكانها.
وكانت ديرك تقع ضمن الدولة العثمانية وتابعة لمنطقة عين ديوار (مركز المنطقة)، وبعد انهيار الدولة العثمانية وتطبيق الانتداب الفرنسي على سوريا، حوّلها الفرنسيون إلى مركز المنطقة عام 1938.
سُمّيت المدينة في عام 1957 باسم المالكيةـ نسبة إلى العقيد عدنان المالكي، ووضِع لها بعد ذلك مخطط عمراني حديث، ووسّعت مساحة المدينة بشكل كبير.
ويسكن ديرك خليط سكاني متباين، حيث يقطنها اليوم العرب والسريان والآشور والكلدان والكرد والأرمن، حيث قدرت دراسة مسحية ميدانية نسبة الكرد في المدينة بأكثر من /75%/ من عدد السكان، وفي منطقة المالكية / ديرك ككل بحوالي /72.4%/ من عدد السكان بما يعادل /80/ ألف نسمة حسب تعداد 2004.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد عوائل السريان بالمدينة قبل الأزمة السورية، بلغ /1200/ عائلة، أما الآن فهي نحو /500/ عائلة فقط بسبب الهجرة.
في حين يبلغ تعداد الكلدان /163/ عائلة، فيما كان الأرمن سابقاً يبلغ تعدادهم /150/ عائلة، أما الآن فيبلغون فقط /70/ عائلة، بالإضافة الى عدد قليل جداً من الآشوريين والروم والبروتستانت، بحسب مصادر مسيحية من المالكية / ديريك.
الكنائس
يوجد في مدينة ديرك / المالكية وريفها عدة كنائس وهي كالتالي:
- كنيسة العذراء الأثرية: وهي كنيسة قديمة كانت حتى أوائل الخمسينات من هذا القرن، عبارة عن تلٍ من التراب، تم فيما بعد إزالة الأنقاض وترميمها مع الحفاظ على أساساتها، والبلاط الحجري الخاص بها، وانتهى تجديدها في عام 1958.
- كنيسة مارت شموني: كنيسة القدّيسة مارت شموني، حيث بنى السريان أول كنيسة في المالكية على اسم القديسة مارت شموني عام 1932 تيمناً بكنيستها في آزخ.
وقد شُيّدت أولاً باللبَن الترابي المسقوف بالأخشاب، ثم أُعيد بناؤها من الحجر الأسود والإسمنت، حيث تم تقديسها في عام 1945، وفي تموز 2006 أُعيد إعمارها بعد توسيعها على نمط حديث بسبب تهالك بناءها القديم. - كنيسة مار دودو: كنيسة القديس مار دودو، في أوائل السبعينات من القرن المنصرم، وشهدت الضاحية الغربية من المالكية نشاطاً عمرانياً ونظراً إلى ازدياد هذه الضاحية، لا سيما وإن الكنيسة الأولى (مارت شموني) لم تعد تستوعب كافة المصلّين، خاصةً أيام المناسبات والأعياد الدينية.
نظراً للمكانة السامية التي يحتلها القديس "مار دودو" في قلوب أبناء "بازبدي" عامة، وأبناء "أسفس" خاصة ، فقد تقرر بناء كنيسة باسم هذا القديس في الضاحية الجديدة.
وفي عام 1982 وُضع حجر الأساس وحين اكتمالها تم تقديسها عام 1990 على يد راعي الأبرشية المطران أوسطاثيوس متى روهم.
- كنيسة مار يعقوب: مزار القديس مار يعقوب النصيبيني، بُني هذا المزار عام 1935 من اللبن الترابي، فوق مرتفع من ركام أبنية لقرية مجهولة الهوية، لم تُعرف أخبارها ولا اسمها حتى الآن، فيما بعد تم تجديد بناء المزار من البلوك والإسمنت وتم تقديسها في عام 1970 بعد انتهاء عمليات التجديد.
- كنيسة مار جرجس: وهي الكنيسة الكلدانية، حيث يعود الحضور الكلداني في المالكية إلى بدء نزوح العائلات المسيحية من تركيا إبان الحرب العالمية الأولى سنة 1917 هرباً من المذابح التي تعرضوا لها على أيدي الأتراك العثمانيين، من القرى والمدن التركية القريبة من الحدود الشمالية الشرقية لسورية وخصوصاً من المنصورية وجزيرة ابن عمر.
وبـُنيت كنيسة مار كيواركيس الحالية في المالكية سنة 1961 في عهد المطران إسطيفان بلو، وخدمة الأب زكا الراهب، أما بناء الكنيسة الأول فيعود إلى ثلاثينات القرن الماضي.
- كنيسة العذراء للسريان: وهي كنيسة أثرية، تُعد من أقدم كنائس الأبرشية، وأكثرها شهرة، إذ يُرجح أنها بُنيتْ في القرن الرابع الميلادي أو الخامس الميلادي، بعد إزالة الأتربة والعثور على الأساس والقاعدة ، وفيما بعد جرى تجديد البناء بعد المحافظة على شكله الأثري القديم.
- الكنيسة الإنجيلية: حين ابتدأ سكان آزخ والقرى المجاورة لها بالنزوح عنها إلى سورية، نتيجة تعاظم الاضّطهاد عليهم نزح معهم الإنجيليون أيضـاً، وبنوا لهم بمجهوداتهم الخاصة وإمكانياتهم المحدودة حينها كنيسةً صغيرة من الطين، وكان افتتاحها للصلاة بصورتها الحالية في العام 1968.
- كنيسة مارت شوشان: كنيسة القديسة مارت شوشان، أُقيمت هذه الكنيسة في قرية الحكمية التي تبعد حوالي عشرة كيلو مترات إلى الشمال الشرقي من المالكية/ديريك.
- كنيسة العذراء للأرمن: كنيسة الأرمن الأرثوذكس، حيث بدأ قدوم الأرمن إلى المنطقة، حوالي العام 1936 حيث سكنوا قرية عين ديوار وبعدها مدينة المالكية / ديريك، حيث بنوا كنيسة صغيرة، اطلق عليها اسم القديس مار يعقوب النصيبيني، كمـا تم بناء كنيسة جديدة أطلق عليها اسـم "كنيسة السيدة العــذراء".
وهذه الكنائس مقسمة بين الطوائف الدينية كالتالي: السريان /6/ كنائس، الكلدان كنيستان، الأرمن كنيسة واحدة.