رام الله ـ NPA
يُلاحظ أنّ كثافة وزخم الغارات الإسرائيلية التي كانت الفترة الماضية في سوريا والعراق قد انخفضت في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يطرح التساؤل الأكبر حيال أسباب وأبعاد هذا التراجع بالاستهداف الإسرائيلي؟.
اللافت أنّ كشف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لأوّل مرةٍ عن وقوف إسرائيل وراء هذه الغارات التي استهدفت مواقع عسكريةً تابعةً للحشد الشعبي في بلاده على مدار الأشهر الأربعة الأخيرة، تزامن مع تراجع وتيرة هذه الغارات.. فطرحت "نورث برس" تساؤلاً عما إذا كان لهذا الكشف العراقي أية علاقةٍ بنقاشاتٍ تجري إقليمياً ودولياً قد سمحت لبغداد أن تعلن مسؤولية إسرائيل رسمياً؟.
الباحث الإسرائيلي في معهد "بيغين-السادات" للدراسات الدكتور مردخاي كيدار، قال لـ"نورث برس" إنّ هناك ثلاثة تفسيراتٍ لتراجع الغارات الإسرائيلية في سوريا والعراق؛
الأوّل هو أنّ إسرائيل نجحت في ردع الإيرانيين عن بناء البنية التحتية العسكرية في هذا البلد، وبالتالي أصبح لا حاجةً للقيام بعمليةٍ إسرائيليةٍ جديدةٍ تهدف إلى إفشال التموضع الايراني.
وأمّا التفسير الثاني، بحسب مردخاي كيدار، فهو تقلص هامش الموافقة على النشاط الإسرائيلي "العمليّاتي" في سوريا والعراق من قبل روسيا وأمريكيا، خاصةً وأنّه كان هناك امتعاضٌ من هاتين الدولتين العظمتين إزاء هذه العمليات الإسرائيلية خشية من تسبّبها بتفجير الأمور بالعراق وجر المنطقة لحربٍ.
وأمّا التفسير الثالث لتراجع الغارات الإسرائيلية وربما توقفها حتى اللحظة، فقد يكون مرتبطاً بعدم توفر المعلومات الكافية والدقيقة عن تلك الأهداف الإيرانية، ما يحول دون تنفيذ أية غارةٍ إسرائيليةٍ جديدةٍ.. لكن كيدار يقول إنّه بجميع الأحوال لا يعلم السبب الحقيقي لهذا الموضوع.
وحول مصدر المعلومات الاستخباراتية التي تعتمد عليها إسرائيل لتنفيذ غاراتها في سوريا والعراق ضدّ الأهداف الإيرانية، يقول مردخاي كيدار: "إنّ إسرائيل تمكّنت طيلة الزمن من الحصول على معلوماتٍ دقيقةٍ ربما من داخل الأهداف وأشخاصٌ يعلمون مداخل ومخارج الأهداف، ما يعني أنّ المصدر المعلوماتي للاستخبارات الإسرائيلية قد يكون مُخترِقاً لإيران والميليشيات التي تدور في فلكها".
جديرٌ ذكره أنّ إسرائيل كانت تلجأ قبل الأزمة السورية لعمليات تفجيرٍ مركّزةٍ لمركباتٍ وأماكن يتواجد بها مطلوبون لها أمنياً سواءً في سوريا أو لبنان وحتى دولٍ عالميةٍ أخرى.. فهل ستضطر إلى العودة لهذا الأسلوب كبديلٍ للغارات الجوية في حال افترضنا أنّ أمريكيا وروسيا تمنعان تل أبيب من ممارسة نشاطها العسكري الجوي؟.
ولكن، يبقى ما سبق بمثابة التحليل المبني على ما يتوفر من معلومات، ما يعني أنّ عودة إسرائيل لغاراتها الجوية في سوريا والعراق حينما تحين الفرصة المناسبة، يبقى أمراً وارداً.
ولم يرشّح أي معلوماتٍ دقيقةً حول اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأجهزة أمنه مع الجانب الروسي مؤخراً، وما إذا كان ذلك الاجتماع قد نجح في تصويب مكامن الخلاف بين الطرفين بشأن النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا.. لكن مردخاي كيدار يشدّد على أنّ هناك تفاهماتٌ روسيةٌ وإسرائيليةٌ منذ ثلاث سنواتٍ بخصوص ذلك، وهي مرفقةٌ بآلياتٍ تقضي بإعطاء المعلومات الكافية في الوقت المناسب بين الدولتين. وفي حال عادت إسرائيل للإغارة على أهدافٍ في سوريا، فتكون هذه الآليات بين الطرفين فعّالةً تلقائياً ولا سيما ما يتعلق بـ"إخبار" روسيا قبل وقتٍ كافٍ بالغارة الإسرائيلية المنوي تنفيذها.