البحث عن الأمان يدفع نازحين من مناطق المعارضة والحكومة للاستقرار بمدن شمال وشرقي سوريا
منبج- عين العرب / كوباني – جهاد نبو / فتاح عيسى – NPA
تسبّبت الأزمة السورية التي تستمر في عامها التاسع بنزوح الملايين من السوريين، عن منازلهم وقراهم وبلداتهم ومدنهم، ولجوئهم إلى خارج سوريا، إضافةً إلى النزوح الداخلي ضمن الأراضي السورية، هرباً من العمليات الأمنية والعسكرية، وبحثاً عن الأمان والاستقرار.
ومن المدن والمناطق التي اُتُّخذت كملاذ آمن للمدنيين في ظل هذه الحرب، مناطق شمال وشرقي سوريا التي تديرها الإدارة الذاتية، حيث يعيش نحو مليون نازح من مناطق سورية أخرى، ضمن الجزيرة ودير الزور ومناطق منبج والطبقة والرقة وتل أبيض وعين العرب / كوباني، وذلك بحسب تصريحاتٍ إعلاميةٍ لمسؤولين في الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا.
كما تعيش /7603/ عائلة نازحة من مناطق الشهباء وحدها في مدينة منبج، التي تعيش استقراراً بعد إنهاء سيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) عليها، وتشكيل الإدارة المدنية فيها، في آب / أغسطس عام /2016/، إضافةً إلى نازحين من مدن حمص وحماة وريف حلب ودير الزور.
أسباب النزوح
ويقول عبد الحنان حسين البالغ من العمر /44/ عاماً وهو أحد النازحين من ريف مدينة الباب التي تسيطر عليها جماعات المعارضة المسلّحة المدعومة من تركيا، لـ"نورث برس"، بأنّ سبب نزوح أهالي مدن "جرابلس والباب واعزاز" إلى مدينة منبج، وباقي المناطق في شمال وشرقي سوريا، يعود للانتهاكات التي يرتكبها مسلّحو فصائل "درع الفرات" الذين تدعمهم تركيا، من أعمال قتلٍ وتشليحٍ ونهبٍ وخطفٍ.
ويضيف حسين أنّ أهالي مناطق ريف حلب الشمالي، تركوا منازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم، بحثاً عن الأمان والاستقرار، مشيراً إلى أنّ أغلب الأهالي الذين لا يزالون يعيشون في تلك المناطق، "لا يستطيعون الخروج من منازلهم بسبب عمليات الخطف والتشليح والانتهاكات التي تُمارس بحقهم من قبل المسلّحين." وفق تعبيره.
ونزح حسين مع أفراد عائلته من ريف مدينة الباب إلى مدينة عفرين في البداية ومن ثم اتجه نحو مناطق ريف حلب الشمالي، بعد سيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية على عفرين في آذار / مارس من العام 2018، ثم انتقل إلى مدينة منبج التي يعيش فيها حالياً.
المنطقة الآمنة
وحول "المنطقة الآمنة" التي كُثِرَ الحديث عنها مؤخراً، أكّد حسين أنّ أهالي مدن جرابلس واعزاز والباب، هم بحاجة إلى "منطقة آمنة"، وليس مدن تل أبيض وباقي مناطق شمال وشرقي سوريا، وذلك كي يستطيع النازحون والوافدون، العودة إلى منازلهم في تلك المناطق.
ويردف حسين المتحسِّر على قريته التي لم يرها منذ سبع سنوات، بأنه حالما أراد العودة لقريته فإن "التهمة جاهزة لاعتقاله واعتقال آخرين"، موضحاً أن أملاكه من بيتٍ ومحلاتٍ وأراضيٍ تم الاستيلاء عليها من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في البداية، ومن ثم مسلّحو فصائل "درع الفرات".
وفي الوقت الذي يطالب فيه حسين قوات سوريا الديمقراطية بـ"تحرير مدن الباب واعزاز وجرابلس" على غرار مناطق شرق الفرات، يؤكد على أن مكونات المنطقة في شمال وشرقي سوريا تحمي أراضيها وتحافظ عليها وسط روابط اجتماعية واقتصادية وثيقة تجمع بين سكان المنطقة والوافدين إليها.
من حمص إلى منبج
وفي مدينة منبج يعيش أيضاً المواطن حيان نظمي الرفاعي (52 عاماً) مع زوجته وأولاده الأربعة، والذي نزح من حي البياضة في حمص قبل خمس سنوات، حيث يقول، إنه فرَّ مع عدة عوائل من مدينة حمص وتركوها، عندما اندلع القتال بين القوات الحكومية والمعارضة المسلّحة.
ويؤكّد الرفاعي أنّ المعارك بين الطرفين "تسببت بوقوع انتهاكاتٍ على أساسٍ طائفي، بحق الأهالي"، مشيراً إلى أنهم يعيشون حالياً بأمانٍ واستقرارٍ، ووضعهم المعيشي جيدٌ في مدينة منبج.
فوضى أمنية في جرابلس
وفي مدينة عين العرب / كوباني ، يسكن علي يوسف الجادر (45 عاماً) مع أفراد أسرته، في حي داخل المدينة التي ليست ببعيدة عن مدينته جرابلس النازح منها قبل نحو ست سنواتٍ، بسبب سوء الأوضاع الأمنية، في المدينة التي تعيش فوضى أمنية، نتيجة الاغتيالات، في ظل ازدياد أعداد عناصر المجموعات المسلّحة ووجود غرباء عن المدينة فيها.
ويضيف الجادر أنّه انتقل إلى مدينة عين العرب / كوباني، بحثاً عن الأمان والاستقرار الذي تعيشه المدينة منذ عدة سنوات، إضافة لتوفر الخدمات الأساسية ووجود فرص عمل، مؤكداً أن الوضع المعيشي في المدينة أفضل بكثير من جرابلس، التي يكثر فيها من وصفهم بـ"قطّاع الطُرق الذين تكاثروا في المدينة بسبب الفوضى الأمنية".
من تدمر إلى كوباني
فيما تعيش في ريف كوباني الشرقي، حُكم حمدو الخريط، (42 عاماً)، وهي سيدة أرملة نزحت مع أبناءها وبناتها، من بادية تدمر قبل عدة سنواتٍ، بسبب الأحداث والمعارك التي جرت بين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وقوات الحكومة السورية التي جرت في منطقتهم، ما أدى لخروج البادية عن سيطرة الحكومة وسيطرة التنظيم عليها، الأمر الذي أدى لمشاكل أمنية شكلت خطراً على حياة المدنيين فيها.
وتقول الخريط إنهم يعيشون حالياً في ريف كوباني بأمانٍ واستقرار، مضيفةً أنّ ما يُعكّر صفوهم هي "التهديدات التركية التي تطلق بين فترة وأخرى ضدّ مدن شمال وشرقي سوريا".
وتضيف الخريط أنهم لا يستطيعون الرجوع إلى مناطقهم بعد سيطرة قوات الحكومة السورية عليها، بسبب "الخوف على أولادهم الذين لا يملكون هوياتٍ وإثباتاتٍ شخصية حالياً، إضافة لمشكلة التجنيد الإجباري التي تستمر لعدة سنوات"، مؤكّدة أنّ "وضعهم المعيشي حالياً أفضل بكثير على ما كان فيه في منطقتهم".
يذكر أنّ أعداد النازحين والمهجَّرين ضمن الداخل السوري بلغ أكثر من /920/ ألف شخص من كانون الثاني / يناير، حتى نيسان / أبريل 2018، وفقا للأمم المتحدة، واستمرت الدول المجاورة، بما فيها تركيا والأردن ولبنان في منع السوريين من طلب اللجوء على حدودها، رغم مخاطر العنف، وبحلول أيلول / سبتمبر من العام 2018، لجأ /5.6/ مليون سوري خارج البلاد، غالبيتهم في البلدان المجاورة.
ويوجد أكثر من مليون لاجئ سوري مسجّل لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في لبنان، في حين سجلت تركيا حتى أيار / مايو من العام 2018، /3.6/ مليون لاجئ سوري تقريبا في البلاد، وفي الأردن سجل حوالي أكثر من 666// ألف لاجئ سوري حتى حزيران / يونيو 2018.