الرابحون والخاسرون من إقالة بولتون

الرياض ـ NPA
سادت أجواءٌ احتفاليةٌ في الأوساط الدبلوماسية الإيرانية بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقالة مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، الذي يُعد من أشد خصوم إيران في الإدارة الأمريكية.
وبعد ساعاتٍ من إقالة بولتون، كشف الرئيس الأمريكي، أنَّه يرغب في الجلوس مع روحاني. إلاَّ أنَّ طهران لا تبدو مستعدةً لذلك. فقد قال روحاني، أمس الأربعاء، إنَّ على الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها عن "دُعاة الحرب" في إشارة إلى بولتون.
ويزيل رحيل بولتون، النهج المتشدّد تُجاه إيران من فريق الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، ويُزيدُ فرص اتخاذ خطواتٍ للشروع في مفاوضاتٍ بعد تصاعد التوتر منذ أكثر من عام.
ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء في إيران عن الرئيس حسن روحاني قوله: "ينبغي لأمريكا أن تُدرك أنَّ عليها أن تنأى بنفسها عن دُعاة الحرب".
وأضاف: "سياسة المقاومة التي تتبعها إيران لن تتغير ما دام عدونا (الولايات المتحدة) يواصل الضغط على إيران".
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن مبعوث طهران لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي قوله: "رحيل مستشار الأمن القومي جون بولتون من إدارة الرئيس دونالد ترامب لن يدفع إيران لإعادة النظر في الحوار مع الولايات المتحدة".
وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر: "بينما كان العالم يتنفس الصعداء للإطاحة برجل الفريق باء في البيت الأبيض، أعلنت واشنطن فرض المزيد من عقوبات الإرهاب الاقتصادي على طهران".
وأضاف: "التعطُش للحرب والضغوط القصوى ينبغي أن تزول مع غياب أكبر داعية للحرب (بولتون)".
ودأب ظريف على القول إنَّ "الفريق باء"، والذي يضم بولتون، قد يدفع الرئيس الأمريكي للدخول في صراع مع طهران.
واختلف ترامب وبولتون في عددٍ من الملفات، تم الحديث عن عددٍ منها، مثل أفغانستان. حيث يعارض بولتون مشروع المبعوث الأمريكي، والسياسي المخضرم، زلماي خليل زاد، ولا يؤيد ترك أفغانستان لحركة طالبان.
وكان بولتون ممن دعموا بقوةٍ الانتشار العسكري في العراق وأفغانستان في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش، وثابر على انتقاد أي تنازلاتٍ تقدم للخصوم. كما هناك خلافاتٌ بينهما بخصوص السياسة المطلوب اتباعها تُجاه روسيا، وكذلك كوريا الشمالية، ويتفقان تُجاه الصين.
أما إيران، فأمكن قراءة الخلاف بين الطرفين نظراً لسعي ترامب الشديد لعقد صفقة مع إيران تتضمن لقاءً مع الرئيس الإيراني حسن روحاني. ويدعو جون بولتون منذ زمن بعيد إلى انتهاج خط متشدِّد مع طهران. في 2015 نشر مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" بعنوان "لوقف إيران يجب قصف إيران".
ورشح ترامب ثلاثة أشخاص لخلافة بولتون وهم، كيث كيلوج، مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس مايك بنس، وبرايان هوك، المستشار السياسي لوزير الخارجية مايك بومبيو، وريك واديل، مسؤول الأمن القومي السابق.
وقد تؤدي الإطاحة ببولتون إلى بروز مخاطرٍ جادةٍ في سوريا والعراق. فالرئيس الأمريكي يستعد للانتخابات الرئاسية العام المقبل، وهو يرى أنَّه لم يحقق وعوده على صعيد السياسة الخارجية، خصوصاً مسألة إعادة القوات الأمريكية من الخارج.
وتبدو ثلاثة مناطق تحتل الأولوية في هذا السياق: أفغانستان والعراق وسوريا. ويتواجد بضعة آلاف من الجنود الأمريكيين في هذه المناطق لمحاربة التنظيمات المتطرفة.
وبينما حقَّقت واشنطن مكاسباً كبيرةً في سوريا بدون خسائر تُذكر، فإنَّ الأصوات العراقية الموالية لإيران تتصاعد لإخراج القوات الأمريكية من قاعدتين عسكريتين، هما بلد شمال بغداد، وعين الأسد في الأنبار. وفي أفغانستان تبلغ تكاليف الحرب مليار دولار أسبوعياً.
ويتواجد بضعُ مئاتٍ من القوات الأمريكية في شمال شرقي سوريا للإشراف على الحرب ضدَّ تنظيم "الدولة الإسلامية". وتتولى هذه القوات التنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية لضمان عدم عودة التنظيم مجدداً.
ورغم أنَّه لم يتم الحديث عن وجود خلافات بين ترامب وبولتون حول سوريا، إلاّ أنَّ المؤكَّد أنَّ بولتون من الساعين لإبقاء القوات الأمريكية فترة أطول مما يستطيع ترامب تقديمه رغم عدم وجود مؤشراتٍ على تغيير في السياسة الأمريكية المتبعة.
وإذا تم حساب الرابحين من إقالة بولتون، ستكون إيران في المقدمة، وقد تستفيد طالبان أيضاً عبر تقوية موقعها التفاوضي حول الانسحاب الأمريكي.