فريق الاستجابة الأولية بالرقة يُفصح عن حصيلة الجثث المستخرجة من المقابر الجماعية
الرقة- مصطفى الخليل- NPA
تمخضت عن المعارك التي دارت بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي ومسلحي تنظيم "الدولة الاسلامية"(داعش) في الرقة شمالي البلاد مقابر جماعية, تم الكشف عن بعضها, في حين لا تزال عملية الكشف مستمرة من قبل فريق الاستجابة الأولية.
وتأسس فريق الاستجابة الأولية التابع لمجلس الرقة المدني في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2017, إلا أنه بدأ بالعمل في التاسع من كانون الثاني/يناير العام الماضي بعددٍ قليلٍ من الأعضاء حيث كان يترواح عددهم آنذاك 34// شخص, إداريين ومسعفين وأطباء وممرضين وغواصين وطواقم إطفاء، حسب ما أفاد به قائد فريق الاستجابة الأولية في الرقة, ياسر الخميس.
وكشف الفريق عن أول مقبرة جماعية في الرقة في الثامن والعشرين من شباط/فبراير العام الماضي وانتهى العمل منها في نهاية الشهر السادس من نفس العام, حيث تم استخراج /553/ جثة في ملعب الرشيد خلف بناء المحكمة القديمة وسط مدينة الرقة، و تم توثيق هذه الجثث ثم أخذ عينات منها وتخزينها, حسب الخميس.
وقال ياسر الخميس لـ"نورث برس" إن مهمة الفريق في تلك الفترة كانت "تنحية الجثث المنتشرة في الشوارع والقيام بفحصها وأخذ عينات منها ودفن تلك التي يتم التعرف على هويتها", مشيراً إلى أنهم صادفوا العديد من الجثث المدفونة بشكل جماعي في الحدائق والأزقة.
أضاف الخميس " انتقلنا بعدها إلى مرحلة استخراج الجثث من البيوت والأبنية المنهارة، والتي علمنا بها نتيجة البلاغات المقدمة من الأهالي".
"مهام معقدة"
وبلغ عدد المقابر الجماعية التي تم الكشف عنها إلى الآن في الرقة /14/ مقبرة، موزعة في عدد من أحياء الرقة، وبعضها في داخل الحدائق وبيوت المدنيين ومنها في الريف الجنوبي كمقبرتي فخيخة ومعكسر الطلائع, وبلغ عدد الجثث المستخرجة منها /5,044/ جثة, حسب ياسر الخميس.
ويضيف الخميس "كان من المعروف إنّ هذه الحرب سينتج عنها العديد من المقابر الجماعية بسبب شراستها, وبدأنا بعملية البحث والتقصي عنها، فأصبحت مهمتنا أكثر تعقيداً وصعوبة."
وتم استخراج 402// جثة من المقبرة الجماعية المحاذية لصالة التاج عند مدخل الرقة الجنوبي بالقرب من جسر الرقة القديم، واستمر العمل بهذه المقبرة أكثر من شهر، أما مقبرة البانوراما والتي تُعد من أصعب وأخطر المقابر الجماعية في الرقة نتيجة زراعة الألغام فيها من قبل عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) فاستخرج منها /402/ جثة.
أما المقبرة الجماعية التي تم العثور عليها بالقرب من الجامع القديم جانب السور الاثري، فأوضح الخميس أنهم استخرجوا منها 94// جثة, مبيناً أنه استغرق العمل فيها حوالي شهر.
وفي المقبرة الجماعية التي عُثر عليها في الحديقة البيضاء في الجهة الغربية من المدينة, استخرجت /33/ جثة وتم البدء باستخراج الجثث.
مقابر في المنازل
ووجدت في الرقة مقابر جماعية في منازل المدنيين, فأضاف الخميس في هذا السياق "عثر في منزل أحمد الشهابي في حارة البدو أحد أهالي المدينة مقبرة جماعية وبها /23/ جثة, أما في حي النهضة, فعثر على مقبرة جماعية جنوبي الحديقة البيضاء في حارة حي النجارين وفيها /27/ جثة، حيث استغرق انتشال الجثث منها خمسة أيام".
وتابع الخميس قائلاً "في منزل فياض العكاري جنوبي المستودع الأصفر وسط المدينة عثرنا على 41// جثة, وفي مقبرة حديقة حارة البدو شرقي مدرسة هواري بومدين وجدنا /14/ جثة".
مقابر في الريف الجنوبي
وفي مقبرة فخيخية الواقعة في قرية فخيخة جنوبي الرقة على ضفة نهر الفرات اليمنى وضمن أراضي القرية الزراعية تم العثور على /673/ جثة, حيث استغرق انتشال الجثث حوالي خمسة أشهر.
وحالياً يقوم فريق الاستجابة الأولية باستخراج الجثث من المقبرة الجماعية التي وُجدت في معسكر الطلائع القديم في الريف الجنوبي بالقرب من قرية فخيخة , حيث بدأ العمل فيها في العاشر من شهر حزيران/يونيو الماضي وتم استخراج 540// جثة حتى اليوم ومازال العمل جارياً بها.
"آثار نفسية"
وعن الصعوبات التي يعاني منها فريق الاستجابة الأولية في انتشال الجثث من المقابر الجماعية يقول الطبيب الشرعي في فريق الاستجابة الأولية، محمود الحاج حسن، لـ"نورث برس" إن "استخراج الجثث من أصعب المهام و أكثرها قسوة و لهذا العمل أثر على حالتنا النفسية والجسدية إضافة لخطر الإصابة بالألغام"، مشيراً إلى أنهم عثروا على الكثير من الجثث الملغمة والبعض منها يحتوي على أحزمة ناسفة، "وهو دليل على أنها تعود لعناصر من تنظيم الدولة الإسلامية".
وعن مهام قسم الطب الشرعي في فريق الاستجابة الأولية، يقول الحاج إن "مهمة الطب الشرعي هي التعرف على الجثث؛ وأخذ عينات لحفظها وتوثيقها من أجل فحص الحمض النووي، وطبعاً لا يوجد لدينا في عموم سوريا جهاز لفحص الـ DNA , لذا نقوم بإرسال هذه العينات إلى خارج البلاد".
وبيّن محمود أنهم طالبوا الدول المانحة والمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني الحصول على هذا الجهاز مع طاقمه الفني ، ولكن "حتى الآن لم نحصل إلا على الوعود".
التعرف على الجثث
وتابع الطبيب الشرعي في فريق الإستجابة الأولية يتم "التعرف على الجثث من خلال الفحص لمعرفة هويتها وجنسها سواء كانوا مدنيين أم مقاتلين، ومن خلال الفحص الأولي نستطيع تحديد جثث مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، عن طريق اللباس و السلاح والشعر", منوهاً أنهم يستطيعون تحديد العرق سواء أكان أوروبي أم أفريقي أم آسيوي أم شرق أوسطي.
وبالنسبة لجثث النساء أوضح محمود أنهم يحددوها عن طريق حجم و شكل الحوض ومقاسات بعض العظام، كعظام الجمجمة والجبهة، مؤكداً أنهم عثروا على جثث متفسخة وأشلاء كما وجدوا جثث موضوعة في أكياس، وفيها عظام مكسرة.
ونوه محمود أنه هناك جثث لأشخاص ماتوا نتيجة وفاة طبيعية كالأشخاص الذين كانوا يتواجدون في المستشفيات, قائلاً "غالبية الجثث في المقابر الجماعية دُفنت تحت إشراف عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، أما الجثث التي وُجدت في المنازل فهذه قام الأهالي بدفنها اضطرارياً بسبب استحالة وصولهم إلى المقابر العادية آنذاك، نتيجة اشتداد الحرب".
يذكر أنه بلغ عدد الجثث المنتشلة من المقابر في الرقة حسب إحصائية أدلى بها ياسر الخميس لـ"نورث برس" إلى/4800/ جثة في الشهر الماضي، تم التعرف على 320// جثة منها وتم تسليمهم إلى ذويهم, ليزداد هذا العدد ويصل إلى /5044/ جثة, هذا الشهر.