السوريون يتركون بصمة هائلة بقطاع “الأغذية” في مصر

القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
"جئت إلى مصر في الشهر الثالث من العام 2013، نزلت وعائلتي لدى أحد أقاربي الذي أمنَّ لي عملاً بمدينة السادس من أكتوبر، ثم بيتاً مناسباً في المدينة ذاتها.. أنا معلم شاورما بالأساس، وكان هدفي من العمل خلال الشهور الأولى في مصر أن أتعرف إلى السوق ومن ثمّ أبدأ مشروعي الخاص، وبدأت بهذا المحل برأس مال قليل".
يروي محمد أبو أيهم /42/ عاماً لـ "نورث برس" قصة بداية مطعمه الخاص في إحدى ضواحي مدينة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة) والمختص بالوجبات السورية الجاهزة، قائلاً "إن السوق المصرية واسعة وتستوعب الكثير، نظراً لارتفاع عدد السكان، وانفتاحهم على الثقافات الغذائية المختلفة، ومذاقهم الطيب الذي جعلهم يفضلون كثيراً الأكلات السورية التي نقدمها إلى جانب الأكلات المصرية أيضاً؛ لإرضاء جميع الأذواق".
مطاعم سورية
مطاعمٌ سوريّة حققت شهرة واسعة في مصر طيلة السنوات الماضية، حتى أنه عبر ردهات مواقع التواصل الاجتماعي يمزح البعض سائلين: "من أي أبٍ سوري سوف نُفطر اليوم؟"، في إشارة لمفارقة أن بعضاً من تلك المطاعم السورية تحمل اسم "أبو فلان"، وقد صارت الأكلات السورية، مع توسع وتعدد المطاعم السورية وانتشارها في مختلف محافظات الجمهورية، خياراً رئيسياً للمصريين كلما كان الحديث عن الطعام الجاهز.
متاجر سورية
للسوريين حضور بارز بقطاع التجزئة ومحال البقالة المنتشرة في عدد من المحافظات المصرية، فضلاً عن متاجر الخضروات والفاكهة، من الأسواق الرئيسية مثل (سوق العبور) وحتى الأسواق الشعبية المنتشرة على صعيد مراكز ومحافظات الجمهورية، إضافة إلى الحضور اللافت والمُميز للسوريين بمحال المعجنات والمكسرات والمحمصات، و الحلوى (سواء المحال والشركات الرسمية أو فرشات الحلوى بالطرق والشوارع الرئيسية)، وقد صارت المحال معروفة بالاسم لدى المصريين، وخياراً مفضلاً ينافس كبريات المطاعم المحلية والعالمية الموجودة على أرض مصر في اختيارات وتفضيلات المصريين، خاصة مع انخفاض أسعرها نسبياً، وكذا مذاقها الطيب والمختلف عن الأكلات التقليدية. إن حضور السوريين يظل طاغياً بقطاع الأغذية بصورة عامة في مصر، وليس فقط الأطعمة الجاهزة كما يتصور البعض.
محمد.س (اسم مستعار)، شاب سوري في بداية الثلاثينات من عمره، يعمل بسوق العبور (سوق رئيسية للبيع بالجملة والتجزئة، تمد القاهرة الكبرى وضواحيها بالمواد الغذائية المختلفة)، يقول لـ "نورث برس" إنه جاء إلى مصر في أواخر العام 2012، ومنذ ذلك الحين يعمل بالسوق في مهنة والده السابقة بمساعدة معارف سابقين سهّلوا له عمله منذ اليوم الأول لنزوله. ويشير إلى أنه يختص بشكل أساسي في الفاكهة التي يتعاقد على شرائها من المزارعين ويقوم بتوزيعها بالجملة والقطّاعي للراغبين.
حققت تلك المحال السورية شهرة واسعة إلى جانب شهرة محال العطور والأقمشة السورية التي بزغ فيها السوريون بصورة كبيرة في مصر. وقد حجزوا لأنفسهم مكاناً مُهماً في تلك القطاعات المؤثرة. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي 2018 قدّرت الحكومة المصرية نسبة الزيادة باستثمارات السوريين في مصر بنحو 30% زيادة، بحسب البيانات التي كشفت عنها وزارتا الاستثمار والتعاون الدولي والتجارة والصناعة، وذلك من خلال /818/ شركة جديدة (في أول 9 أشهر من 2018 فقط)  وبقيمة نحو /54/ مليون دولار عن نفس فترة المقارنة من العام الماضي، ليصل بذلك إجمالي عدد الشركات السورية في مصر التي تم تأسيسها أكثر من خمسة آلاف شركة.
ولا يوجد إحصاء رسمي أو غير رسمي دقيق يقدر قيمة استثمارات السوريين في مصر بقطاع الأغذية بصورة مستقلة. لكن الزائر إلى مصر يستطيع بسهولة التعرف إلى اتساع رقعة المساهمة السورية في ذلك القطاع من خلال المحال التي لا يكاد حي يخلو من واحد أو أكثر منها بالعديد من المحافظات المصرية، منها من حقق شهرة واسعة تخطت محيط عمله الرئيسية وافتتح فروعاً مختلفة تغطي عدداً من المناطق المُهمة تجارياً، ومنها من حقق شهرة في محيطه فقط.