القامشلي – إبراهيم إبراهيمي/عباس علي موسى -NPA
تعاني بعض أحياء مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا في فصل الصيف، من قلّة مياه الشرب, مما يضطر سكان تلك الأحياء لشرائها من الصهاريج الجوّالة.
ومنها تلك الأحياء التي تقع في المنطقة الممتدة ما بين سيطرة الإدارة الذاتية وسيطرة الحكومة السورية؛ بحيي السياحي والوسطى, وأكثرها تضرّراً حي شدوان.
ويشتكي سكانها اضطرارهم لشراء ألف ليتراُ من مياه الشرب يوميا بمبلغ ألفي ليرة سورية ما يعادل(ثلاثة دولارات ونصف الدولار).
يقول محمد علي (60 عاماً) من أهالي حي شدوان لـ”نورث برس” “أنا في الطابق الرابع ولا تصلني المياه, وميزانيتي لا تتحمّل شراء المياه يوميا بمبلغ ألفي ليرة سورية”.
مياه آبار غير معقّمة
في مدينة القامشلي, هناك ثلاثة مصادر لتعبئة مياه الصهاريج الجوّالة، الأولى, بئر في قرية نافكري غربي القامشلي/5/كم، ويتبع البئر للإدارة الذاتية, وتوزّع صهاريجها المياه من البئر على المؤسّسات التابعة لها, كما وتوزّع المياه مجاناً على المواطنين في حال التقدّم بطلب.
أما الثاني, فهو بئر خاص في منطقة الصناعة, والثالث, بئر الحزام القريب من دوار المطار, وهو بئر خاص يمتلكه شخص يدعى “أبو دلو” حيث يقوم بتعبئة أكثر من/7/ صهاريج يومياً.
يقبض أبو دلو عن كل صهريج ماء بسعة /6/ آلاف ليتر ألف ليرة سورية(أقل من دولارين), ويبيع أصحاب الصهاريج كلّ ألف ليتر ماء بقيمة الفي ليرة سورية, ولم يعلّق أبو دلو لدى محاولة مراسلنا سؤاله عن هذا السعر الغالي, فقط اكتفى بقوله “هناك دائرة المياه وباستطاعتك مقابلتهم”.
بعد التقصّي تبيّن أنّ الآبار غير مرخّصة, وأيضا الصهاريج التي تبيع المياه بدون تراخيص, وبدون مراقبة صحية وتعقيم، ورجّح دلبرين محمد من منظمة “كسكاي” (منظمة مدنيّة تعنى بالبيئة) في تعليقه على الموضوع قد “يؤدي شرب مياه الصهاريج إلى أمراض خطيرة وتفتح الباب أمام احتمالات كثيرة، ومن المتوقع أن تحتوي على ميكروبات وملوثات”.

دلبرين محمد من منظمة “كسكاي”
كما أكّد الصيدلاني عبد الحميد رمضان أنّ احتمالية الإصابات ببعض الأمراض كالتسمّمات والمغص، وارد جداً، موضحاً إنّ عدد المرضى الذين يتناولون دواء الأمراض المعوية الناتجة عن التلوّث ازداد في فصل الصيف, و”أغلب الظنّ أنّ المياه غير المعقّمة تسبب الأمراض المعوية, لكن الأمر يحتاج إلى دراسة وتحليل للمياه”.
تهرّب من المسؤولية
الأحياء التي تنقطع فيها مياه الشرب تتبع إداريا لسيطرة الإدارة الذاتية, وتتزوّد أنابيب مياه تلك الأحياء من محطة الجقجق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية, وفيها ستة آبار, اثنان منها معطّلة, والباقية تضخّ المياه أربع ساعات في الليل, ومثلها في النهار.
وتقع دائرتا المياه التابعتان للإدارة الذاتية والحكومة السورية في مبنى واحد في مدينة القامشلي, للتنسيق في شؤون المياه.
وحول السؤال المتعلّق بسبب انقطاع المياه عن تلك الأحياء, تقول أفين جمال الدين محمد، رئيسة قسم الدراسات في دائرة المياه التابعة للإدارة الذاتية بالقامشلي لـ”نورث برس” إنّ “محطة الجقجق تتبع لسيطرة الحكومة السورية, وليست تابعة لدائرتنا”.

أفين جمال الدين محمد، رئيسة قسم الدراسات في دائرة المياه التابعة للإدارة الذاتية بالقامشلي
وعن السؤال إذا ما كانت صهاريج المياه الجوّالة مرخّصة من دائرتهم أجابت “موضوع تراخيص الصهاريج ليست من شأن دائرة المياه”.
وفي مقابلة لـ “نورث برس” مع زوزان إبراهيم، الرئيسة المشاركة لمركز تطوير البيئة والبلديات في القامشلي, وحول الموضوع ذاته, أجابت بأنّ “موضوع تراخيص صهاريج المياه ليست من شأن البلدية؛ لأنّ دائرة المياه مستقلّة, والصهاريج تتبع لدائرة المياه” بحسب قولها.

زوزان إبراهيم، الرئيسة المشاركة لمركز تطوير البيئة والبلديات في القامشلي
وفي لقاء مع فريال محمد الرئيسة المشاركة لـ”ناحية قامشلو الشرقي”, للاستفسار عن الموضوع نفسه, رفضت التعليق على الموضوع وإجراء المقابلة.
مشكلة دون حل
مضت سنوات على شبكات المياه في مدينة القامشلي, ولا شك أنّها بحاجة إلى عمليات إصلاح وتجديد, ولا شكّ أنّ صحة السكان أمانة بيد المسؤولين والإداريين فيها, لكنّ لم تتبنَّ أيّ من دوائر الإدارة الذاتية موضوع ترخيص صهاريج المياه, ومراقبة مياه الآبار, وتولّي أمر تعقيمها أو تنظيم آلية للحدّ من الأضرار أو تقييدها, ما يجعل باب التساؤل مفتوحاً, والمشكلة مستمرة إلى أنّ يدق ناقوس الخطر على المياه شريان الحياة.