نازحو حلب في اللاذقية بين المزاحمة الاقتصادية والتآلف الاجتماعي
اللاذقية – عليسة أحمد – NPA
شهدت مدينة اللاذقية على مدى سنوات الحرب تواجداً للمواطنين من محافظة حلب، أضاف لمسة جديدة وخاصة إلى حياة المدينة الساحلية، فيما كانت مغريات المدينة سبباً مهماً في جذب أعداد كبيرة من أبناء محافظة حلب ممن فضلوا الاستقرار في اللاذقية على مغادرة سوريا أو النزوح نحو دول الجوار.
وفي الوقت الذي أبدى العديد من النازحين من محافظة حلب لـ”نورث برس” حنينهم لمدينتهم، إلا أنهم فضَّلوا المكوث في اللاذقية بعد أن نقلوا مركز عملهم ونشاطهم التجاري، وباتت هناك صلات عائلية من خلال الزيجات التي حصلت في السنوات الأخيرة.
بين الحنين وصعوبة العودة
عبد القادر حلال، صناعي وتاجر لمستلزمات الأحذية تحدث لـ”نورث برس” عن رفضه الخروج من سوريا وتفضيل الاستقرار المؤقت في اللاذقية مع تطلعاته للعودة إلى حلب.
واستبعد حلال العودة حالياً لأسباب ذكرها وهي “غياب الماء والكهرباء عن الكثير من مناطق حلب والتي لا تشجع عودة الصناعي إليها مع قرب مناطق في حلب من مناطق المسلحين وافتقار المدينة لليد الصناعية الشابة”.
واعتبر توفر اليد العاملة الفتية “عاملاً أساسياً في إعادة الألق لمدينة حلب” فيما اشتكى من ارتفاع أسعار العقارات وبخاصة ضمن المدينة على عكس الريف.
ويرى عبد القادر حلال “أن الريف شهد تساهلاً كثيراً بأسعار شراء أو استئجار أي عقار، مشيراً لتفاوت ردود الأفعال بين مرحب بهم وبين اعتبارهم منافسين في سوق اللاذقية”.
تنشيط السوق ومزاحمة التاجر المحلي
تحدث عمر بكري وهو صاحب ورشة لخياطة الملابس الجاهزة أنه لمس تقبل سكان مدينة اللاذقية لهم راداً ذلك إلى ما قبل عام 2011 مؤكداً على التعاملات التجارية السابقة الكبيرة بين حلب واللاذقية.
وأشار أن تجار حلب كانوا يعتبرون اللاذقية “سوقاً جيداً لتصريف البضاعة كونها مدينة سياحية بالمجمل”.
فيما قال أحمد العلبي، وهو من تجار اللاذقية ويملك محلات لبيع الألبسة الجاهزة، أن تجار وصناعيي حلب ينشطون في السوق ما أضر بتجار اللاذقية بسبب نقل الورشات بالكامل إلى اللاذقية، ما ألغى دور التاجر كوسيط في نقل البضاعة بين المنتج والمستهلك.
وتسبب إلغاء دور التاجر الوسيط بافتتاح أصحاب الورشات محلات خاصة بهم وتصريف بضائعهم من المصنع إلى المستهلك بشكل فوري.
وأيّد المواطن سعيد شخيص حديث العلبي حول الضرر الذي تسبب به دخول تجار حلب إلى أسواق اللاذقية مشيراً إلى أن “الوجود الحلبي في المدينة خلق في بداياته مشاكل ترتبط بزيادة عدد السكان أكبر مما تتحمله مدينة صغيرة مع مفرزاتها من الازدحام وغلاء العقارات ومستلزمات المعيشية نتيجة زيادة الطلب”.
ووصف سعيد نازحي حلب القاطنين في اللاذقية بـ”شعب محب للحياة والعمل ويشبهون الصينين من خلال تماهيهم بالعمل والمجتمع”.
ودٌّ وروابط اجتماعية
ورحب عدنان البحري بأهالي حلب النازحين، مؤكداً أن علاقات صداقة وعمل نشأت بين نازحي حلب وسكان اللاذقية نتيجة الزيجات التي جرت بين الطرفين، مبدياً حزنه لمغادرة مقربين منه من نازحي حلب.
ووصفت حنان الشيخ لـ”نورث برس” علاقتها بجيرانها القادمين من حلب بـ”الرائعة” مشيرة لتعلمها بعض الأطباق من المطبخ الحلبي إضافة لملاحظتها إقبال نازحي حلب على الحياة، محبِّذة افتتاح مزيد من المطاعم ومحلات الحلويات الحلبية.
وأبدت ربيعة صبري، من أهالي حلب ونازحة إلى مدينة اللاذقية، شوقها للعودة لمدينتها رغم تفضيلها البقاء في المدينة الساحلية التي استقبلتها، إلا أن زواجها من أحد سكان اللاذقية وضع حياتها في خانة جديدة.
ورغم تصارع مشاعر أهالي حلب المتواجدين في اللاذقية ما بين شوق للعودة لمناطقهم ورغبة في البقاء والاستقرار في الساحل، إلا أن الظروف المقبلة تعد عاملاً حاسماً في اتخاذ قرار العودة أو البقاء.