من الولايات المتحدة إلى سوريا.. قصة ميكانيكي ساعد تنظيم الدولة الإسلامية بخبرته
الحسكة – دلسوز يوسف – NPA
“لم أكن مع فكرة الجهاد، بل جئت لسوريا لمساعدة المسلمين ضد ظلم بشار الأسد لشعبه” بهذه الكلمات يعبر الشاب الأمريكي من أصول أردنية زياد ناصر محمد، رحلة مجيئه إلى سوريا وانخراطه ضمن صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ويعرف زياد محمد نفسه بأنه من إحدى جزر الكاريبي في أمريكا الشمالية، يبلغ من العمر /29/ سنة، درس الهندسة الميكانيكية لمدة سنتين ونصف، من أب أردني وأم كندية.
ويقبع الشاب الأمريكي حالياً في إحدى المعتقلات لدى قوات سوريا الديمقراطية بشمالي سوريا، بعد تسليم نفسه في آخر معاقل التنظيم، ببلدة الباغوز بريف محافظة دير الزور الشرقي في شهر آذار/ مارس المنصرم.
بداية التطرف
تزوج محمد /5/ مرات في حياته، أربع مرات منها في سوريا، حسب قوله، وعلى غرار الآلاف من المعتقلين ينفي محمد المشاركة في أية أعمال قتالية إلى جانب التنظيم، سوى مساعدتهم في فحص الآليات وصيانتها لمدة أربع سنوات ونيف خلال فترة تواجده بسوريا.
ويروي الشاب الذي يحمل الجنسية الأمريكية لـ “نورث برس”، بأنه جاء إلى سوريا عن جهل وعدم دراية، حيث كان يعمل في محل لصيانة السيارات، قبل أن يغرر به شقيقه الأكبر الذي قتل فيما بعد بسوريا، والذي كان يحدثه دائماً عن “الجهاد”.
ويضيف: “لم أكن قط مع فكرة الجهاد، بل جئت لسوريا لمساعدة المسلمين ضد ظلم بشار الأسد لشعبه”.
ويقول محمد بأنه قبل المجيء إلى سوريا بسنتين تزوج ولديه طفل، وأنه كان يحضر لبناء منزل، قبل أن يتعرض لحادث سير أقعده في الفراش لمدة خمسة أشهر، ليفكر جلياً في “الأخطاء التي ارتكبها في حياته قبل أن يتلقى دعوة في سبيل الله”، حسب قوله.
“بعد ذلك بدأت بالعبادة وتضرعت إلى الله لمساعدتي، وفي ذلك الوقت لم أتردد إلى المحل كثيراً حتى قمت بإغلاقه، في آخر شهر رمضان قبل المجيء لسوريا بقيت في الجامع لمدة /5/ أيام وأنا أقوم بواجبات العبادة، بعدها جاءني أخي وقال لي سأذهب إلى سوريا، فقلت له لماذا لا نذهب إلى السعودية كونها قبلة المسلمين، لكنه قال لا نملك حظوظا كثيرة في الجهاد هناك”.
ومضى المواطن الأمريكي قائلاً: “قلت لأخي ماذا يمكنني تقديمه من المساعدة للمسلمين، قال يمكنك مساعدتهم في فحص السيارات والقيام بأعمال الصيانة”.
ويشير بأن زوجته رفضت المجيء إلى سوريا، ما دفعه للسفر إلى سوريا دون علمها، مدعياً بأنها كانت أصعب اللحظات في حياته بترك طفله وزوجته والقدوم إلى سوريا.
من منبج إلى الرقة
ويوضح محمد بأنه دخل إلى سوريا قادماً من تركيا، مبيناً بأنه في بادئ الأمر جاء إلى إسطنبول قبل الذهاب إلى غازي عينتاب ليدخل الأراضي السورية، وبالتحديد من مدينة جرابلس الحدودية بريف حلب الشمالي بمساعدة شخص منتمٍ للتنظيم، ويلفت بأنه لم يدرك أنه في سوريا إلا بعد مضي /10/ دقائق.
وتابع: “بعدها خضعت لمعسكر تدريبي، وعندما سألوني عن الإمكانيات التي أستطيع مساعدتهم بها، قلت بأنني ميكانيكي، بعدها قالوا لي، يجب عليك البقاء في الرباط ضد النصيريين والصحوات في بلدة أخترين التابعة لمنطقة اعزاز، ثم أخذوا المعلومات عني لأنقل بعدها إلى مكان لصيانة الشاحنات والسيارات في مدينة الباب، وحتى ذلك الوقت لم يكن هنالك ميكانيكي ذو خبرة بين صفوف التنظيم”.
ويقول محمد بأنه خلال فترة بقائه بمدينة الباب تزوج للمرة الأولى من امرأة بريطانية، قبل الرحيل من المنطقة بسبب تقدم قوات الحكومة السورية من ناحية كويرس بريف حلب، متجهاً صوب مدينة منبج.
وأردف: “في منبج حاولت ترك عمل صيانة الآليات لكنهم رفضوا، بعدها جاءني أحد الإخوة (مسلح في التنظيم) وسمح لي بالذهاب إلى الرقة لإكمال عملي هناك،
لكني أردت ترك مجال فحص السيارات وأنتقل إلى عمل أساسيات الصيانة، ثم تركت العمل كونه لم يعد ملائماً، ما خلق بيني وبين الأمير مشاكل كثيرة، لذا بقيت لمدة شهر في المنزل كعقوبة، بعدها سجنت لمدة أسبوعين”.
اضطراب في صفوف التنظيم
ويشير إلى أنه عقب الإفراج عنه عاد مجدداً إلى عمله في مجال فحص السيارات، منوهاً بأنه رأى الوضع مريباً بين صفوف التنظيم، بسبب تقدم قوات سوريا الديمقراطية، وقوات الحكومة السورية والسيطرة على نقاط التنظيم من ناحيتي تل أبيض والطبقة باتجاه الرقة.
وأضاف: “حاولت تركهم والذهاب إلى تل أبيض للابتعاد عن الرقة في محاولة للعودة إلى كندا، لكني لم أتمكن من الوصول إلى تل أبيض حيث تم القبض علي مجدداً، واعتقلت لمدة شهر هذه المرة، ورغم ذلك لم أتغير كثيراً، فحب التنظيم لم يخرج من قلبي”.
ويؤكد محمد أنه في المعتقل تم معاقبته وتم التحقيق معه، على أساس أنه جاسوس، في ظل اشتداد المعارك، الأمر الذي ولدّ اضطراباً في صفوف التنظيم، منوهاً بأن التنظيم سامحه بعد ذلك وأفرج عنه.
ومع بسط قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها على المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، تراجع محمد معهم إلى الوراء ضمن نطاق سيطرة التنظيم، حتى ضاق الخناق عليه في جيوب صغيرة شرقي نهر الفرات بدير الزور، ليقوم بتسليم نفسه في قرية الباغوز آخر جيب للتنظيم بشمال وشرقي سوريا.
تزوج 4 مرات في سوريا
خلال الفترة التي أمضاها في سوريا، تزوج الشاب زياد محمد /4/ مرات من زوجات تحملن جنسيات مختلفة (بريطانيا – مالديف واثنان من روسيا).
ويقول محمد بأن ثلاثا من زوجاته قتلن في المعارك، حيث قتل واحدة في قرية المراشدة، واثنتان في الباغوز الواقعتان على ضفاف نهر الفرات شرقي محافظة دير الزور، كما يشير زياد إلى أن ثلاثة من أطفاله أيضاً قتلوا في الباغوز، أثناء القصف المتبادل بين التنظيم وقوات سوريا الديمقراطية.
ويوضح زياد أنه طلّق زوجته الكندية السابقة، فيما زوجته المتبقية، والتي تحمل الجنسية الروسية برفقة عدد من أطفاله، موجودون حالياً في إحدى المخيمات بشمال سوريا.
وخلال المعارك في الباغوز، أصيب محمد بشظايا في كليته وظهره ولا يزال مستمراً بعلاجه، وبحسب إدارة المعتقل فإنهم يتابعون أوضاع المعتقلين المصابين في الحرب عن كثب، والاعتناء بهم، مؤكدين بأنهم ينقلون المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة أو يستلزم العلاج خارجاً إلى المشافي التابعة لهم.
نفي
ويشير محمد بأنه على مدار أكثر من أربع سنوات قضاها بين صفوف التنظيم، لم يقتل أحداً ولم يشارك في أية معارك، بل كانت مهمته صيانة الآليات فقط، حسب ادعائه.
غير نادم
ويبين المواطن الأمريكي بأنه غير نادم كثيراً على مجيئه لسوريا، مبرراً ذلك بالقول “سوريا أفضل من أمريكا، لأنه لا توجد فيها الأعمال الفاحشة كالمثليين والمشروبات الكحولية المنتشرة في أمريكا”.
ويختتم العضو في التنظيم حديثه، بأن كل ما يرغب به الآن هو معرفة ما حل بزوجته وأطفاله والاطمئنان على أوضاعهم، ويشير إلى أنه لا فرق لديه إن حُكم في سوريا أو في بلاده ففي كلتا الحالتين هو مجرد معتقل.
يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي، اعتقلت الآلاف من أعضاء التنظيم سواءً خلال المعارك التي خاضتها ضد التنظيم أو الذين سلموا أنفسهم في المعقل الأخير لهم ببلدة الباغوز شرقي دير الزور.
وطالبت تلك القوات المجتمع الدولي بإنشاء محكمة دولية لأعضاء التنظيم على الأراضي السورية التي تسيطر عليها في شمال وشرقي سوريا.