اول مشفى مجاني في تل تمر .. نقص في التجهيزات والكادر واستياء المرضى

الحسكة- حسن عبدالله- NPA
يعتبر مشفى “شهيدة ليكرين” في بلدة تل تمر شرقي الحسكة, أول مشفى عام يقدم خدماته للمرضى مجاناً في البلدة والقرى التابعة لها, وتستهدف الخدمات الطبية المقدمة حوالي ثلاثة آلاف مريض من سكان البلدة والمناطق المجاورة شهرياً.
يحتوي المشفى على عدة أقسام إلى جانب تأمينه من الناحية الأمنية حيث يخضع الداخلون والمراجعون للتفتيش إضافة لتسجيل أسمائهم قبل دخول المشفى.
الأقسام
ويتراوح عدد المرضى والمراجعين والمقيمين في مشفى “شهيدة ليكرين” ما بين/200-100/ مريض يومياً، مقدماً كافة خدماته الطبية من معاينة وأدوية وتصوير أشعة وتحاليل مجاناً.
يضم المشفى إلى جانب غرفتي العمليات والقيصرية، مخبراً مجهزاً وغرفة تصوير أشعة “تم تجهيزها وافتتاحها حديثا” بالإضافة لقسم الإسعاف والنسائية والأطفال والحواضن إلى جانب سيارة إسعاف للحالات الطارئة، ويداوم في المشفى حالياً أطباء من اختصاصات النسائية والأطفال والداخلية والقلبية والعام. 
وقام عدد من العاملين في المجال الصحي بمساعدة الهلال الأحمر الكردي عام 2014 بإنشاء مشفى عام صغير في البلدة أمّن بعض احتياجات السكان من الأدوية وقدم خدمات طبية بسيطة، وذلك بعد فقدانها بسبب الحصار وانقطاع الطرق الواصلة بين البلدة والمدن المجاورة، ليقوم مسلحو تنظيم “الدولة الاسلامية” أثناء الهجوم على تل تمر 2015 بتفجير المشفى بما فيه. 
وأوضح مدير المشفى حسن أمين لـ”نورث برس” أنه نظراً للحاجة المتزايدة إلى مشفى عام بدأوا بمساعدة من الهلال الأحمر الكردي والهلال الأحمر الكردستاني بإنشاء المشفى المستحدث منذ عام.
الدعم والتمويل 
 ويؤكد أمين أن المشفى رغم النواقص “الصغيرة” إلا أنه يعد إنجازاً طبياً كبيراً وهاماً يخدم سكان البلدة والقرى التابعة لها مجاناً لمدة 24 ساعة.
ويضيف أمين أنهم يقومون بتطوير وتحسين المشفى بشكل دائم سواءاً من ناحية الكادر الطبي أو التجهيزات حسب الدعم المقدم، حيث تنحصر الجهات الداعمة لتمويلهم بالهلال الأحمر الكردي والكردستاني، ونادراً ما تقدم أطراف أو منظمات أخرى بعض الدعم.
 
وافتتح في المشفى قبل شهرين قسم الأشعة وجُهز بالمعدات، ويعمل طاقمه وفقاً لنظام المناوبات لمدة 24 ساعة، ويقدمون الخدمة بمعدل /10/ حالات يومياً.
وليد شاكر فني في قسم الأشعة يؤكد أن هناك صعوبات تواجههم في عملهم، كنقص وتأخر تأمين بعض المواد اللازمة كمواد التحميض والكاسيتات والأفلام المستخدمة في تصوير الأشعة.
ويهتم المشفى أكثر بالقسم النسائي كون الدعم الوحيد المقدم عدا عن ما يقدمانه الهلال الأحمر الكردي والكردستاني هو من قبل منظمة “يو بي بي” والمقدم لدعم القسم النسائي.
نقص في الكادر الطبي والتجهيزات
ويرى بعض المراجعين أن المشفى “هيكل فارغ” دون محتوى ومجرد مركز للخدمات الإسعافية لا يقدم أي خدمة طبية حقيقية كما تقدمه المشافي في العادة, فالمشفى غير قادر على إجراء عمليات جراحية كبيرة لعدم توفر الإمكانيات من تجهيزات وكادر.
ويشتكي آخرون من عدم وجود اختصاصيين في عدة مجالات كالعينية والأذنية والأعصاب والعظمية، مما يضطر المرضى لقصد مشفى آخر بعد قدومهم إليه.
كاميران شيخو من سكان تل تمر يقول لـ”نورث برس” إن المشفى يفتقر إلى الكادر والأدوية فهو مجرد مشفى يقدم الإسعافات الأولية وحسب، حتى ينقل المريض إلى مشفى آخر بالرغم من أن البناء جيد والأجهزة فيه متطورة.  
وتبرر شيرين اسماعيل محمد الإدارية في المشفى ذلك بأنهم لم يتمكنوا حتى الآن من تأمين أخصائيين في طب الأعصاب والعظام والأذنية، فيضطرون لإسعاف الإصابات البالغة إلى مشافي أخرى تضم تلك الاختصاصات، مما يسبب حالة عدم رضا وأحياناً خيبة أمل لدى المرضى, مشيرة إلى أنهم يسعون إلى تلافي هذا النقص في المستقبل.
وقد تحاشى منتقدون آخرون أن تظهر صورهم أو تُذكر أسماؤهم في التقرير.
يصف(ع .س) من سكان تل تمر والمتخوف من ذكر اسمه، خدمات المشفى بكلمة واحدة “صفر” مردفاً “فقد نقلت عمتي المصابة بمرض مزمن عدة مرات إلى المشفى لكن أداء الطاقم كان ضعيفا جدا فاضطررنا لنقلها لمشافي أخرى”.
ويسرد رجل في العقد الرابع من عمره من سكان تل تمر رافضاً هو الآخر ذكر اسمه, قصته لـ”نورث برس” أنه أسعف أخاه إلى المشفى بعد أن أصيب بكسر في إحدى فقراته بحادث سير، وبعد أن “تبين لنا أن الطاقم الموجود غير قادرين على التعامل مع الحالة، طُلب منا نقله بشكل عاجل إلى مشفي الحسكة، غير أننا لم نجد سيارة إسعاف تنقله لعدم قدرته على الحركة ويحتاج الى عناية خاصة أثناء النقل”. 
 ويضيف “لكنهم قالوا لنا إن سيارة الإسعاف الوحيدة غير موجودة في المشفى، بالرغم من الحالة الخطرة للمريض اضطررنا الى إسعافه بسيارة خاصة فانتقد أحد أخوتي إدارة المشفى بانفعال، بعد ذلك تفاجآنا بسيارة عسكرية تداهم بيتنا واعتقلوا أخي معللين السبب بأنه شهّر بمشفى “بني بدماء الشهداء” وسمي باسم شهيدة وطاقمه الذي قدم الكثير من التضحيات لا يجوز انتقادهم، وهددونا في حال تكرار الانتقاد”, مشيراً إلى أنهم بعد هذه الحادثة لم يجرؤوا على ذكر أو انتقاد المشفى .
فيما تؤدي بعض الإجراءات الروتينية إلى انزعاج بعض المراجعين الذين يرون أن المشفى لا يحتاج الى هذه الإجراءات للدخول من تفتيش وتقييد الاسم والاستفسارات المرافقة له من قبل الأمنيين، كما يجب على مرافق المريض ملء استمارة قبل قبول منحه الخدمات الطبية اللازمة للمريض.
يقول خضر عيسى وهو رجل ستيني مرافق لمريضة “لا داعي لهذا التشديد فالمشفى ليس مركز أمنياً أو عسكرياً”.
ويرى البعض الآخر أن المشفى جيد والكادر يولي اهتماماً كافياً بالمراجعين، كما يهتمون بالنظافة وتوفير شروط صحية جيدة.
تقول مها الأحمد، مرافقة لطفلتها أن أداء المشفى وتنظيم العمل جيد وهو “ما دفعني أن أبقي طفلتي لمدة يومين وهي تتماثل الآن للشفاء”.
وتعرب نيروز شيخموس (35عاماً) من سكان تل تمر، ومرافقة لطفلها المريض عن ارتياحها لأداء المشفى وتعامل الكادر الطبي مشيرة إلى أنهم قبل افتتاح المشفى كانوا ينقلون مرضاهم إلى مشافي الحسكة والقامشلي حتى لو كانت حالتهم بسيطة، فوجود المشفى بجوارهم يشعرهم بالراحة ويوفر من جهدهم ومصاريفهم.
لكن شيخموس تؤكد أنهم لا يزالون يذهبون إلى الحسكة لإجراء بعض التحاليل التي لا تتوفر في المشفى، فقد تم تحويلها قبل فترة إلى مشفى الحسكة لإجراء تحاليل عامة كان يفترض أن تتوفر هنا، متمنية أن يتم تأمين النواقص بأسرع وقت ممكن. 
رغم عدم رضا البعض عن أداء المشفى يصف اختصاصيون عمل المشفى وافتتاحه في البلدة بالعمل الجبار. 
 الدكتور عبد العزيز اختصاصي طب أطفال غير متعاقد مع المشفى، أوضح أن افتتاح المشفى خطوة جبارة في مكان معدم من الناحية الصحية وأنه خطوة مناسبة في المكان والزمان المناسبين, مشيراً إلى أن هناك عقبات أمام أداءه كنقص التخصصات والكادر الطبي، وعدد الأطباء المتعاقدين والأخصائيين غير كافي لتغطية فترة الدوام لكنه يبقى انجاز مهماً يخدم السكان.
وتؤكد إدارة المشفى أن المشفى جديد ولا يمكنهم الادعاء أنه قادر على تقديم كافة أنواع الخدمات الطبية، لكنهم يسعون إلى تحسين وتطوير خدماته باستمرار.