ثاني أكبر سدود سوريا لا يغذي مناطق الحكومة والمعارضة بالكهرباء

منبج – فتاح عيسى/جهاد نبو- NPA
يغذي سد تشرين ثاني أكبر سد في سوريا، من حيث الحجم وكمية الطاقة الكهربائية التي تولدها وحجم المياه التي تخزنها، مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الشمال السوري دون مناطق الحكومة السورية والمعارضة.
ويقع سد تشرين على نهر الفرات في ريف مدينة منبج، شمال شرق حلب, ويبعد عن مدينة حلب /115/ كم وعن الحدود التركية /80/ كم. 
فيما يعتبر سد الفرات في مدينة الطبقة(ِغربي الرقة), أكبر السدود الموجودة في سوريا، كما يعتبر سد الحرية (البعث سابقاً),غربي الرقة,  السد الثالث، حيث تقع جميعها في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
ويحصر سد تشرين خلفه بحيرة تشرين، وتبلغ سعة الخزان المائي /9.1/ مليارم3، وكانت الغاية الأساسية من بنائه، توليد الطاقة الكهربائية.  يصل طول السد إلى /900/ م، وعرض قاعدته /290/ م، فيما يبلغ عرض السد عند القمة /20/ م، وارتفاعه /40/ م.
تبلغ مساحة البحيرة /155/ كم2، ويرتفع منسوب التخزين الطبيعي عن سطح البحر /+ 325/ م،  في حين يبلغ طول المحطة الكهرمائية /270/ م، وعرضها /72/ م، وارتفاعها /72/ م.
وضع السد فنياً 
وأفاد الرئيس المشارك لمكتب الطاقة في شمال وشرقي سوريا, ولات درويش لـ”نورث برس” أن وضع سد تشرين فنياً يعتبر جيداً مقارنة مع وضعها قبل طرد مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية” منها 2016.
وتبلغ عدد العنفات في السد ست عنفات، جاهزة للعمل بشكل كامل، وتولد كل عنفة طاقة كهربائية بمقدار/105/ ميغا واط ساعي.
وأوضح درويش أن بقية السدود الموجودة على نهر الفرات(سد الفرات وسد الحرية) ليست بالشكل المطلوب, مشيراً إلى أنه لا يوجد مصدر آخر للطاقة الكهربائية في شمال وشرقي سوريا سوى بعض العنفات الغازية في الرميلان والسويدية بإقليم الجزيرة، وهي تولد كمية قليلة من الطاقة الكهربائية.
وتم بناء سد تشرين في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، وبدأ بشكل فعال في إنتاج الطاقة الكهربائية عام 1999، ويعود تصميم السد لمعهد هيدروبروجيكت الروسي، فيما تم تمويل التجهيزات بموجب قرضين من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية.
وتم جلب المعدات الكهربائية والميكانيكية للسد من شركة سيشوان للاستيراد والتصدير الصينية، فيما تم تنفيذ الأعمال المدنية في المشروع من قبل الشركة العامة للمشاريع المائية السورية، أما تنفيذ الأعمال المدنية السكنية وملحقاتها وإكساء المحطة الكهرمائية فقامت بها الشركة العامة للبناء والتعمير السورية.
الوارد المائي
ووصل عدد العمال في السد قبل الأزمة السورية 2011, إلى/600/ موظف، فيما يعمل في السد حالياً نحو /300/ موظف بينهم /30/ مهندس.
وأوضح الرئيس المشارك لمكتب الطاقة في شمال وشرقي سوريا, أن إنتاج الطاقة الكهربائية للسدود يتوقف على الوارد المائي القادم من تركيا، مشيراً إلى أن تركيا تحارب الإدارة الذاتية عبر تحديد كميات المياه التي تضخها إلى الجانب السوري، رغم وجود اتفاقية بين سوريا والعراق وتركيا حول  توزيع المياه.
وتحتاج كل عنفة في سد تشرين إلى /450/م3 من المياه في الثانية لإنتاج طاقة / 105/ ميغا، فيما يحتاج سد الفرات إلى /240/ م3 من المياه في الثانية لإنتاج طاقة /105/ ميغا. 
وتعتبر كمية الوارد المائي القادم من تركيا متفاوتة، وتتغير من شهر لآخر، فـ”تركيا تقوم باستغلال مياه النهر للزراعة في أراضيها، ولا تحافظ على مستوى معين وثابت لكميات المياه التي يتم ضخها إلى سوريا، ولكن عندما تفيض المياه بسبب هطول الأمطار ومياه السيول والمنخفضات الجوية، تضطر تركيا بسبب عدم قدرتها على الاحتفاظ بكميات كبيرة من المياه إلى ضخها بكميات جيدة، وخاصة خلال الشهرين الماضيين” بحسب رئيس مكتب الطاقة.
وأشار درويش إلى أنه تم تقليل ساعات إنتاج الطاقة الكهربائية من /24/ ساعة يومياً إلى نحو/8/ ساعات أو/6/ ساعات خلال الصيف الماضي بسبب قلة الوارد المائي القادم من تركيا.
توزيع الكهرباء 
و”يتم توزيع الطاقة الكهربائية من السدود بحسب حاجة كل منطقة وقدرة السدود على تلبية هذه الاحتياجات وبحسب الوارد المائي القادم من تركيا,  فمنطقة كوباني/عين العرب ومنبج تصلها قرابة /50/ ميغا واط ساعي، أما الطبقة تصلها حوالي/20/ ميغا والرقة تصلها /60/ ميغا فقط, لأن محطات ومنشآت التحويل قيد الصيانة، فيما تصل إلى ريف دير الزور/20/ ميغا بسبب التخريب الحاصل في محطات دير الزور، أما الجزيرة فيصلها حوالي /100/ ميغا كونها من أكثر المناطق اتساعاً” بحسب المسؤول في مجال الطاقة.
ويختلف إنتاج الطاقة الكهربائية في السدود الثلاثة بحسب الفصل المناخي،  ففي الصيف والشتاء هناك حاجة لإنتاج كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية، فيما ساعات إنتاج الكهرباء تعتبر محددة، وكل مناطق شمال وشرقي سوريا تصلها نفس عدد الساعات من حيث الإنتاج، لكن الاختلاف يكمن في التوزيع بسبب التقنين، فمنطقة الجزيرة مثلاً تصلها حالياً /24/ ساعة يومياً ولكن محطات التحويل تقوم بالتقنين على بعض المناطق والمدن.
التنسيق 
وأكد الرئيس المشارك لمكتب الطاقة في شمال وشرقي سوريا, ولات درويش, أنه لا يوجد أي تنسيق مباشر بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية من حيث إدارة السدود على نهر الفرات.
بدوره أوضح المهندس الفني في غرفة عمليات سد تشرين, محمد خليل, أنه نتيجة ظروف الوارد المائي يتم تشغيل ثلاث إلى أربع عنفات في وقت الذروة، وأن الوارد المائي حاليا يصل إلى أكثر من /700/ م3 في الثانية، مشيراً إلى أن الأمور الفنية والتقنية والكهربائية والمخبرية “ممتازة” في سد تشرين.
وكانت شبكة الكهرباء السورية مترابطة بشكل حلقي، فجميع المحطات الكهربائية، والمائية والغازية والحرارية تم ربطها معاً، فيما كان سد تشرين سداً احتياطياً، ويتم تشغيله وربطه بالشبكة في وقت الحاجة لتكميل الطاقة للشبكة العامة، حيث كان يتم إيقاف السد والاعتماد على محطات الحرارية والغازية عند انخفاض منسوب المياه.
ويتضمن السد عدة أقسام منها (دائرة الميكانيك، دائرة الكهرباء، دائرة المخبرية، دائرة العمليات ..) والتي تقوم بدورها في صيانة العنفات، كما أن السد محمي بعدة طرق، وتحافظ هذه الحمايات على التجهيزات الفنية في حالات (إيقاف طارئ، فصل شبكة، ..) حيث تقوم العنفة بحماية نفسها بنفسها.
ويوضح خليل, أن السد ينتج كهرباء بمقدار/ 220-230/ كيلو فولط من الشبكة العامة، ويتم تحويلها إلى محطات “المبروكة وتشرين” والمحطات تقوم بتحويلها إلى/ 66 / كيلو فولط، وهي بدورها تقوم بشكل تسلسلي بتحويلها إلى /20/ كيلو فولط للمحطات التحويل الكهربائية في المدن والتي تقوم بتوزيعها لسكان المدن والريف.
فيما يقوم السد بتغذية محطة الخفسة بريف حلب الشرقي والتي تسيطر عليها الحكومة السورية بالكهرباء، لكي تقوم المحطة بدورها بتغذية أهالي منبج بالمياه المعقمة.
 استملاك الأراضي
 وقامت الحكومة السورية باستملاك أراضي قرية القشلة القريبة من سد تشرين (3 كم غرب سد تشرين) لإنشاء السد, لتقوم في عام 1988   بتقديم تعويضات للأهالي تضمنت /5 / أطنان من مادة الأسمنت وطن واحد من مادة الحديد, إضافة لتعويض الأهالي بأراضي في بلدة مسكنة بنفس المساحة تقريباً، وتعويض من فقد منزله في المشروع بعد تقييم سعره بمبالغ تراوحت بين /30/ ألف و/50/ ألف ليرة سورية, حسبما ما أفاد به مواطنون من أهالي قرية القشلة.
وأوضح أحد المواطنين من القرية, أن الأهالي استفادوا من خدمات تعبيد الطرقات ووصول الكهرباء ومحطات ضخ المياه إلى القرية، ولكنهم فقدوا أراضيهم الزراعية التي كانوا يزرعون فيها القطن والذرة, مشيراً إلى أن الكهرباء تصل حالياً  إلى القرية بمعدل /20/ ساعة يومياً, مع فقدان شبان القرية فرص العمل التي تقتصر على صيد الأسماك في مواسم معينة.
وكانت قد قامت قوات سوريا الديمقراطية  بطرد مسلحي تنظيم “الدولة الاسلامية”  من سد تشرين في الـ 26 من كانون الأول/ديسمبر 2015.