السويداء- NPA
يشكل ملف الاستنكاف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، أحد أكثر الملفات الضاغطة على أهالي محافظة السويداء، حيث يترك أثره على تفاصيل حياتهم، التي تعتبر معلّقة إلى أن يحل هذا الملف.
وقال سمير.ع (24 عاماً)، من أبناء السويداء ومطلوب للخدمة العسكرية الإلزامية، في حديث مع وكالة “نورث برس”، “كنت أدرس في جامعة دمشق، لكن لظروف اقتصادية سيئة، لم أتمكن من الترفّع في دراستي، وبحسب قانون الجامعة لم يعد يحق لي الحصول على تأجيل دراسي، فعدت إلى السويداء”.
وأضاف “حالياً أعمل في أحد محال المدينة، صحيح أن دخلي ليس جيداً لكني على أقل تقدير، أستطيع تأمين مصروفي الشخصي، لكن بالمقابل هذا الدخل لن يسمح لي بتأمين مستقبلي وأن أتزوج أو أمتلك منزلاً، كما أني لا أستطيع السفر خارج البلد، وقد كان ذلك حلمي في حال أن تخرجت من الجامعة، لكي أستطيع شراء منزل وأن أتزوج، وإلا سأمضي عمري في بيوت الإيجار”.
من جانبه، قال سامح.خ (35 عاماً)، من أبناء ريف السويداء، في حديث مع “نورث برس”، “استنكفت عن الخدمة العسكرية الاحتياطية، بالرغم من أني فصلت من عملي، وخسرت وظيفتي التي قضيت بها عشرة أعوام، ومنعت من أن أحصل على تعويضاتي، واليوم أنا محروم من التصرف بأملاكي أو السفر أو إجراء أي معاملة رسمية”.
وأضاف “أنا غير آسف على الوظيفة، فعملي اليوم يأتيني بضعف راتبي، كما يساعدني أخي المهاجر بمبلغ شهري، ما يساعدني بتأمين احتياجات عائلتي، لكن شعور القلق يرافقني دائماً، لكني لا أملك أي خيار، فكيف يمكن أن ألتحق بالخدمة، لكي أستلم راتب لا يكفي لمصروفي الشخصي، وأترك زوجتي وأطفالي لقدرهم، إضافة إلى سوء أوضاع الخدمة والتنكيل والابتزاز الذي يتعرض له العساكر”.
بدوره قالت مصادر اجتماعية من السويداء، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، في حديث مع “نورث برس”، “المشكلة أن من يبحث عن حل لمشكلة الاستنكاف عن الخدمة العسكرية، يختصر الأمر بأن هناك مجموعة من الشباب تستنكف عن الخدمة وأنه يجب أن يلتحقوا بها، بغض النظر عن كل الأسباب المعقدة، بل ويعتبر الحديث بها محرّم ومجرم، فقبل عام 2011، كانت العائلات تحتفل بإنهاء الخدمة العسكريةـ إضافة إلى تفشي فساد قضايا الإعفاء من الخدمة والفرز والتفييش”.
وتابعت “بعد عام 2011، دخل الجيش في الصراع المسلح الداخلي، وراحت تنتشر القصص الضاربة للثقة بين العسكري وقائده، إضافة إلى تدهور واقع الخدمة، إضافة إلى كثرة القتلى والجرحى، في وقت ساد انطباع عام يفضي إلى أنهم يهملون ولا ينالون الرعاية الحقيقية، مع مرور سنوات دون أن يعلم العسكري متى ينهي خدمته، في وقتٍ زادت فيه حملات الاعتقال لإجبار الشباب على الخدمة، الأمر الذي تسبب بالنفور أكثر”.
ولفتت إلى أنه “بالرغم من طي طلبات الاحتياط حتى مواليد عام 1981، والعفو الرئاسي الذي صدر نهاية العام الماضي، والذي التحق بالاستناد له أكثر من /7/ آلاف شاب، غالبيتهم من الشباب الفرار من الخدمة العسكرية الالزامية والاحتياطية، يبقى هناك آلاف الشباب، الذين مازالوا ينتظرون أن تحل أزمتهم، دون أن يجبروا على الالتحاق”.
وبينت أن “اليوم لا يوجد بوادر عن حل هذا الملف بشكل جذري، وكل الاجراءات كانت هي للتخفيف من حجم هذا الملف، الذي لن يكون له حل كما نعتقد مثلما لا بوادر لحل الأزمة السورية”.