تحليل – خيارات تركيا المحدودة في إدلب

موسكو – فرهاد باتييف – NPA
في  30نيسان/أبريل 2019,  بدأت القوات الجوية الروسية بحملة جوية في ادلب والتي تعتبر الأكبر خلال سنة.  استخدمت في حملة شمال حماة  وجنوب ادلب طائرات حربية مقاتلة ومروحيات هجومية .
المنطقة التي تم استهدافها تقع تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وجيش العزة. 
بحسب بعص المصادر الروسية, هناك مجموعات تابعة لتركيا في المنطقة المستهدفة.  بعد /6/ أيام من القصف الجوي المتواصل, بدأت قوات النظام  في  6  أيار/مايو بالحملة البرية, حتى الآن تم السيطرة على /10/ قرى  وبلدتين  وهناك العشرات من القتلى والجرحى من كلا الطرفين.
 السؤال الذي يطرح نفسه ويدور في بال الجميع هل ستستمر الحملة حتى تحرير ادلب بشكل كامل, أم سيتم السيطرة على بعض المناطق وتتوقف الحملة؟
في المرحلة الأولى للمعركة,  توضحت بعض معالم هذه العملية, وهي أن الحملة ستستمرفي المنطقة المنزوعة السلاح التي تم إنشاؤها باتفاق بين روسيا وتركيا وايران.
الجدير بالذكرأن الدول الثلاثة الضامنة لمباحثات آستانا (إيران وتركيا وروسيا), أبرموا اتفاق إنشاء منطقة المنزوعة السلاح في 4 أيار/مايو 2017, وأنشؤوا في حمص والغوطة الشرقية ودرعا والقنيطرة وإدلب وشمال حماة وشمال شرقي اللاذقية مناطق منزوعة السلاح.
إلى الآن باستثناء إدلب (مناطق خفض التصعيد التي تضم شمال حماة وشمال شرقي اللاذقية), تم طرد المسلحين من جميع مناطق المنزوعة السلاح.
 ما يحصل الآن في إدلب تعتبر صفقة كبيرة. موقف روسيا وبالأخص موقف إيران في هذا ىالموضوع واضح المعالم منذ البداية. كان من المفترض أن يتم طرد جميع المسلحين من إدلب.
 إيران وروسيا كانتا تخططان لبدء حملة عسكرية على إدلب في خريف 2018,  لكن الموقف الصارم للدول الغربية والضغط أن الحكومة السورية ستستخدم الأسلحة الكيماوية حال دون ذلك,  لتجبر روسيا وإيران على تأجيل الحملة وإيجاد صيغة جديدة للحملة.
وأوضح رئيس روسيا فلاديمير بوتين ملامح تللك الصيغة الجديدة  في 17 أيلول/سبتمبر 2018 في طهران عقب اجتماع مشاركي مرحلة آستانا.  وبحسب تللك الصيغة فقد تم الاعلان عن إقامة منطقة المنزوعة السلاح في إدلب ومحيطها بعمق يتراوح بين/ /15-20كم وتقع على خطوط التماس بين قوات الحكومة السورية وبين فصائل المعارضة, على أن تقوم تركيا بدورها  بنزع الأسلحة من الفصائل المتواجدة هناك, إضافة إلى فصل الفصائل المتشددة عن المعتدلة، وذلك وفق زمن محدد.
 وعند السؤال: لماذا أعطيت تلك المهمة لتركيا؟ فالجواب بسيط جدا: لأنه هناك فصائل موجودة في تلك المنطقة تتحرك وفقاً لتعليمات تركيا, كما أن هناك فصائل بسبب احتياجاتها اللوجستية,  تضطر اعطاء آذاناَ صاغية لأنقرة.
الوقت الذي كان محدداً لتركيا لتقوم بتلك المهمة, مُدد لأكثر من مرة, والسبب الرئيسي كانت المهمة تحتاج إلى وقت أطول لتنفيذها, أما السبب غير الرسمي أنه لا نية لتركيا بترك تلك المناطق.
كانت تركيا تأمل من الدول الأوربية أن يعيقوا الحملة مرة أخرى وعملت جاهدة لتأجيل الحملة العسكرية على ادلب حتى مرحلة الانتخابات المحلية في تركيا.
مماطلة تركيا بنزع الأسلحة من الفصائل المتواجدة في منطقة المنزوعة السلاح كانت تشكل انزعاجاً لدى كل من إيران وروسيا إلا أن الأخيرتين وافقا على تأجيل  النقاشات المتعلقة بادلب حتى انتهاء الانتخابات المحلية في تركيا.
لكن خسارة كلا من الحزبين AKP (حزب العدالة و التنمية), وMHP (حزب الشعب القومي) التركيين في انتخابات 31أذار/مارس2019 كانت السبب في تعميق الأزمة السياسية في تركيا, كما أكسبت روسيا وإيران موقفاً قوياً في ادلب.
 بعد النقاشات التي دارت في اسطنبول حول إعادة الانتخابات, سارعت كل من روسيا وإيران بتفيذ الحملة العسكرية على إدلب, دون أن تعطيا أنقرة فرصة أخرى في تمديد المرحلة.
في الوقت الذي كانت حكومة “العدالة و التنمية” و”الشعب القومي” مشغولة في إعادة اسطنبول إلى حكمها بعد أن خسرتها في الانتخابات المحلية, كانت الطائرات الروسية والحكومية السورية تقصف مناطق المنزوعة السلاح.  وعندما صدر في السادس من أيار قرار إعادة اللجنة العليا للانتخابات في اسطنبول, بدأت قوات الحكومة في الحملة البرية.
 وحاولت كل من ألمانيا وبلجيكا و الكويت في اجتماع مجلس الأمن التنديد بالحملة العسكرية على ادلب, إلا أن تصريحات التنديد لا تشمل روسيا والتي تمتلك حق فيتو. 
ولإيقاف الحملة العسكرية على إدلب كان هناك احتمال فقط, وهو أن تتخذ الدول الغربية وتركيا موقفاً  عسكرياً صارماً تجاه الحملة، لكن  ليس هناك أرضية سياسية لتلك الخطوة (سابقاً اتهام روسيا والحكومة باستخدام الاسلحة الكيماوية في حملة ادلب واتهام الاستخبارات الروسية بتسميم العميل الانكليزي كانت أرضية) , إضافة لعدم وجود أرضية عسكرية. 
وحتى تستطيع تركيا مع شركائها  الذين يتقلص عددهم يوماً بعد يوم , التفكير في كيفية الخروج من هذا الموقف, فإن روسيا والحكومة السورية تمتلكان الوقت الكافي للسيطرة على إدلب وطرد الفصائل المسلحة منها.
ويرى المسؤولون السوريون أن الحملة العسكرية ستستمر لتشمل كافة مناطق إدلب وهم على يقين أنه سيتم طرد الفصائل منها والسيطرة عليها من قبل قوات الحكومة السورية.
في حال لم تطرأ تغييرات دولية، فسيبقى الوضع على حاله, ومطالب إيران وروسيا واضحة في هذا الخصوص, أما تركيا العالقة في الأزمة السياسية فإنها تخسر رويداً رويداً الحكم والسيطرة على ادلب.
هل من الممكن أن تقع تركيا في المواجهة مع إيران وروسيا من أجل ادلب؟ إن فعلتها تركيا فهي مثل الذي يقوم بعملية انتحارية. الطريق الأسهل لتركيا في ظل انعدام  مساندة الدول الغربية هي الانسحاب من إدلب والخطوة الأولى لذلك هي ترك منطقة المنزوعة السلاح.