كوباني – فتاح عيسى/جهاد نبو – NPA
عُقد في مدينة كوباني/عين العرب يوم الجمعة الماضي، أول عقد لــ”عهد زواج” بين شاب وشابة بحسب أصول الدين المسيحي في كنيسة “الأخوّة” بحضور أقرباء الشابين إضافة إلى عدد من معتنقي الديانة المسيحية في كوباني.
وافتتحت كنيسة الأخوة في كوباني بشكل رسمي أيلول 2018، بعد حصولها على الترخيص من قبل الإدارة الذاتية لشمال و شرقي سوريا، حيث تنظم الطقوس فيها ليومين أسبوعياً.
الشاب غيفارا وزوجته الذان عقدا قرانهما، ينحدران من مدينة كوباني، وهما من معتنقي الديانة المسيحية أو ما يسمى بـ”المتحولين دينيا”، عبرا لـ”نورث برس” عن فرحتهما كونهما أول زوجين يعقدان قرانهما بالأصول المسيحية في كوباني.
وأضاف غيفارا أنهما اعتنقا الديانة المسيحية قبل زواجهما، وأرادا أن يكللاه بمراسم دينية.
متحولين دينياً وأرمن
ونظمت الكنيسة مراسم الزواج عبر الأصول المسيحية، حيث تم قراءة آيات من الكتاب المقدس “الإنجيل” عن الزواج ودور الزوج والزوجة في العائلة، ومن ثم مباركة راعي الكنيسة لهما، إضافة إلى عزف وغناء ترانيم الأفراح المسيحية لهما.
وأفاد راعي الكنيسة زاني بكر لـ”نورث برس”، أن مراسم عقد الزواج بهذه الأصول تتم لأول مرة في الكنيسة بعد نحو عام على افتتاحها.
ويعتبر وجود الكنائس المسيحية في كوباني، أمراً قديماً، حيث يذكر الكاتب حسين أمين حسين في كتابه (كوباني /عين العرب في مئة عام) وجود ثلاثة كنائس للطائفة الأرمنية في المدينة، فكانت تقرع أجراس النواقيس أيام الآحاد والمناسبات والأعياد، ولكن تهدمت معظم معالمها بعد هجرة أبناء الطائفة الأرمنية من المدينة إلى أرمينيا، أو باتجاه المدن السورية الأخرى وخاصة حلب.
ويقول عمر فراس، المسيحي و الأرمني الأصل لـ”نورث برس”، أنهم يعيشون منذ مدة طويلة في كوباني، وأنهم قدموا طلباً عليها تواقيع أبناء الطائفة لإعادة افتتاح كنيسة لهم في المدينة، التي شهدت وجود ثلاث كنائس أرمنية منذ تأسيسها.
ويضيف فراس أن أبناء كوباني المعمرين يعرفون أماكن وجود هذه الكنائس التي اختفت مع الزمن، بسبب هجرة أبناء الطائفة إلى أرمينيا بعد طلب الحكومة الأرمنية من الحكومة السورية إرسالهم لبلدهم، إضافة إلى تحول بعضهم للديانة الإسلامية.
ويقول فراس: “يوجد حالياً نحو عشرين عائلة مسيحية في كوباني، بينهم نحو عشرة عائلات من أصول أرمنية، يمارسون طقوسهم الدينية في الكنيسة الجديدة”.
معتقدات
تقع كنيسة “الأخوّة” في كوباني في حي “الشهيد فراس” على مقربة من جامع حاج خالد “المحل”، حيث يعيش المسلمون في منازل مجاورة للكنيسة، في مشهد يشير لانفتاح المدينة على حرية المعتقد والدين، والتي شهدت هجوماً عنيفاً من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” في أيلول/سبتمبر 2014، وتسبب بدمارها ونزوح سكانها ومقتل المئات من أبنائها خلال تصديهم لهجمات التنظيم.
وتشهد الكنيسة إقبال عدد من الشباب المعتنقين للمسيحية والمتحولين من الديانة الإسلامية في خطوة يعتبرها بعضهم رداً على ممارسات التنظيمات الإسلامية المتطرفة.
الشابة مارسا، اعتنقت المسيحية قبل أربع سنوات، تحضر طقوس الكنيسة بشكل دوري، وتؤدي الترانيم وتعزف على آلة الغيتار، تقول لـ”نورث برس” “قرأت الكتاب المقدس قبل أن أومن بالمسيحية، وآمنت بالمسيح لأني رأيت فيه المحبة الحقيقية، فإلهنا في الكتاب المقدس هو إله المحبة والسلام”.
وتضيف مارسا أن هناك أشخاص في مجتمعها يرفضون فكرة تغيير الدين ويعتبرونها نوعاً من “التمرد”، لكن ذلك لم يؤثر على قرارها وخاصة أن عائلتها لم تكن عائقاً أمام ذلك، معتبرة الإيمان الروحي والاعتقاد هو حرية شخصية يجب أن تكون مصانة لأن الله أعطى للإنسان حرية الإرادة والاختيار.
تأسست كنيسة الإخوة في كوباني والتي تعتبر كنيسة إنجيلية “بروتستانتية” بدعم من منظمة AVC انترناشيونال.
ويؤكد راعي الكنيسة زاني بكر المنحدر من مدينة عفرين، والذي اعتنق المسيحية منذ عام 2007 لـ”نورث برس”، أن معتنقي المسيحية كانوا موجودين قبل افتتاح الكنيسة، ويقارب عددهم /25/ عائلة، بينهم من أصول أرمنية وآخرون اعتنقوا الديانة المسيحية وآمنوا بها خلال السنوات الماضية.
وعن سبب تنظيم الطقوس الدينية في كنيسة “الأخوة” في يوم الجمعة و ليس الأحد، يوضح بكر أن السيد المسيح لم يحدد يوماً معيناً للعبادة، كما أن أغلب أهالي المدينة يمارسون أعمالهم بقية أيام الأسبوع، وتتضمن الطقوس “مواعظ دينية” وتسبيح وترانيم، وأدعية.
“المتحولون مرتدون”
وتعليقاً على انتشار الديانة المسيحية وافتتاح الكنيسة في كوباني، يقول إمام وخطيب جامع عثمان بن عفان المعروف بجامع “شيخ صحن” مصطفى أحمد نعسان لـ”نورث برس” “إن الأشخاص الذين قاموا بتغيير دينهم من الإسلام إلى المسيحية وتنصروا، هم مرتدون وليسوا بأهل الكتاب الذي تم ذكره في القرآن الكريم”.
ويضيف نعسان أن أهل الكتاب الحقيقيين هم من ولدوا من أباء وأمهات أرمن أو مسيحيين أو يهود، وهم أهل ديانتهم التي تربوا عليها، ومن حقهم وحدهم بناء كنيسة أو معبد لممارسة طقوسهم الدينية.
يذكر أن افتتاح كنيسة الإخوة في كوباني أثارت جدلاً واسعاً بين الرأي العام في المنطقة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بين رافضين لفكرة تحويل الدين من الإسلام للمسيحية، ومتقبلين للفكرة كونها تعتبر حرية شخصية.