الصحافة الكردية في سوريا تنظّم نفسها عبر نقابات متعددة

القامشلي – إبراهيم إبراهيمي – عباس علي موسى – NPA
بات الحديث عن إعلام كردي وصحافة كردية في سوريا أو مناقشتها أمرا متاحا، وذلك بظهور عشرات المواقع الإلكترونية ومجموعة من الصحف والمجلات والوكالات والقنوات، حيث بلغ عددها أكثر من 54 وسيلة إعلامية مختلفة في مناطق الجزيرة (محافظة الحسكة-شمال شرق سوريا)، إضافة إلى عشرات الوسائل الإعلامية التي تعيّن مراسليها أو تفتتح مكاتبها في المنطقة، ومنها الفضائيات الكردية المتواجدة في إقليم كردستان العراق.
ويتوزّع الصحفيون الكرد في نقابات واتحادات صحفية هي (اتحاد الصحفيين الكرد السوريين – اتحاد الإعلام الحر – نقابة صحفيي كردستان سوريا – رابطة الكتاب والصحفيين الكرد)، كما تم تأسيس المجلس الأعلى للإعلام الذي ينظّم الإعلام ويمنح تراخيص مزاولة العمل في الإدارة الذاتية. 
وتقام في الثاني والعشرين من نيسان – ذكرى صدور أول صحيفة كردية – احتفالات لا يقتصر تنظيمها على النقابات الصحفية المختلفة فقط، بل تقوم به مختلف الفعاليات المدنية والأحزاب الكردية أيضا.
هامش حرية
ويأمل الصحفيون في الحصول على هامش حريات أكبر، بعيدا عن المقارنات مع النماذج الأسوأ، عبر مقارنة واقع الإعلام في مناطق الإدارة الذاتية مع باقي مناطق سوريا أو حتى مع دول الجوار، وهي تجربة يمكن البناء عليها طالما، حيث أنّها تتيح للصحفي أن يقوم بعمله في الحدود الدنيا من المضايقات والمعيقات. 
وهامش الحرية المتوفّرة يضيق في بعض المواقع، ومنها حرية الحصول على المعلومة، أو التمييز بين الصحفيين في منح المعلومة، وهذا ما يراه الصحفي جانو شاكر في تصريح لـ”نورث بريس” أنّ “حرية الحصول على المعلومة غير متوفر للصحفيين بنفس القدر، وهناك تمييز بين الصحفيين في هذا الإطار”.
وثمة بعض القضايا السياسية وحتى الاقتصادية والاجتماعية التي لا يجد الصحفي في نفسه قدرة في العمل عليها، وترتبط هذه الحالة بحسب شاكر بـ “عدم جرأة الصحفيين وعدم وجود تجربة من قبل هؤلاء الصحفيين في خوض موضوعات تعتبر إشكالية”، وهي رقابة ذاتية يفترض معها الصحفي أنّه لا يستطيع العمل في مجالها، ويبدو أنّ لها مبرراتها التي قد تكون واقعية أو شبه واقعية، لكن يبدو أنّها ليست وهما.
ويجد الصحفي نفسه أحيانا وهو مقيّد في متابعة قضايا حسّاسة وإشكالية بالغة الأهمية في المنطقة، وذلك بسبب “الممارسات السلطوية، والتي تترك أثرا سلبيا في تغطية العمل الصحفي” وذلك كما يجدها الصحفي جانو شاكر حيث أنّها تحتاج “إلى نوع من الجرأة من قبل الصحفي”.
ويذهب عبد الحكيم أحمد (عضو الهيئة الإدارية باتحاد كتاب كردستان سوريا) إلى أنّ الشرق كله مبتلى بتهميش الحرية، وأنّ الصحفي “ليس حرا في أن يقول ما يريده، ولا حرا في أن يكتب ما يريده”.
السياسة والصحافة
ومع أنّ المنشورات الحزبية أو الجرائد الناطقة بأسماء الأحزاب غير مصنّفة ضمن الصحافة المستقلّة، إلا أنّ الصحافة الكردية تتأثر بالتيارات السياسية، وليس الأمر مرتبطا فقط بالجهات الراعية للوسيلة الإعلامية، فانتماء الصحفي إلى جهة سياسية يجيّر الإعلام والوسيلة الإعلامية صوب تيارات سياسية معيّنة، وتزداد هذه التأثيرات بغياب المهنية الصحفية والاحتراف في العمل، وخاصة إذا ما علمنا أنّ قسما كبيرا من العاملين في الإعلام دخلوا إلى المهنة كفرصة عمل.
كما تمتلك الأحزاب مجموعة من الصحف والمواقع والتي تتبع إليها بشكل مباشر أو غير مباشر، تسهم في مجملها ببروز إعلام حزبي أو شبه حزبي، يؤثر في الحالة الإعلامية ككل.
حيث يرى الكاتب السياسي نايف جبيرو في تصريحه لـ”نورث بريس” أنّ “الصحافة الكردية لا تزال تحت تأثير الأحزاب السياسية الكردية”.
وتحاول مختلف الأحزاب السياسية الكردية الاستفادة من الصحافة في تمرير سياساتها وأن “تُخضِع الصحافة الكردية لأجنداتها”، حيث تقوم أحزاب سياسية كردية بتنظيم حفلات توزيع جوائز على صحفيين ووسائل إعلامية في خطوة ومحاولة لاستمالة الإعلاميين أو الوسائل الإعلامية.
نقابات صحفية متعددة
ويتوزّع الصحفيون الكرد في مناطق الإدارة الذاتية بين أربع مؤسسات، وينظّم عملها المجلس الأعلى للإعلام، ويضم كلّ منها مجموعة كبيرة من الصحفيين والعاملين في الإعلام، وهذه الأطر تعبر عن حالة انقسام في الوسط الصحفي والإعلامي، فمكتب نقابة صحفيي كردستان سوريا هو في عاصمة إقليم كردستان أربيل، ويعمل هناك بشكل رئيسي، فيما يعتبر اتحاد الصحفيين الكرد  السوريين نفسه إطارا للصحفيين ذوي الخلفية الأكاديمية، بحيث لا يقبلون بصحفيين غير حاصلين على الشهادة الأكاديمية في الصحافة.
 بينما يحاول اتحاد الإعلام الحر أن يكون مظلّة للصحفيين العاملين في مناطق الإدارة الذاتية، إلا أنّها تعتبر نفسها نقابة صحفية، في وقت كانت فيه في بداية تأسيسها تلعب دورا يشبه إلى حد بعيد دور المجلس الأعلى للإعلام، حيث تمنح تراخيص ومهمات مزاولة العمل.
ويضم اتحاد الإعلام الحر 320 صحفيا بحسب أفين يوسف (الرئيسة المشاركة لاتحاد الإعلام الحر)، والتي ترى واقع العمل الإعلامي جيدا، حيث تقيس الأمر بعدم تقدّم الصحفيين لشكاوى أو تعرّضهم للسجن على خلفية صحفية، حيث أنّ الإحصائية السنوية للانتهاكات لم تضمّ حالات ضرب أو سجن، باستثناء حالة واحدة بحق الإعلامي أحمد صوفي، حيث ورد في بيان أصدره اتحاد الإعلام الحر “نطالب الجهات المعنية بالكشف عن ملابسات هذا الموضوع وتبيان الحقيقة من خلال إصدار بيان رسمي، والعمل على حماية الصحفيين وضمان أمنهم وسلامتهم”.
وفي تقريره ذكر اتحاد الصحفيين الكرد السوريين /30/ حالة انتهاك للصحفيين في المناطق الكردية (الإدارة الذاتية) لكنّها كانت بالمجمل من قبل الفصائل المسلّحة في عفرين أو ناتجة عن العمليات القتالية ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وتحتفل المؤسسات المعنية بالصحفيين والعاملين في الإعلام بيوم الصحافة الكردية في 22 نيسان/أبريل من كل عام، إحياء لذكرى صدور أول صحيفة كردية لمؤسّسها مقداد بدرخان منذ /121/ عاما في القاهرة، ويعتبرها الكرد بداية انطلاق الصحافة الكردية.