باحث أمريكي لـ نورث بريس: الخلاف حول الشمال السوري يؤثر على العلاقة التركية – الأمريكية
واشنطن – NPA
أفسد بيان الخارجية الأميركية، “الخطاب الشعبوي وحملات التهديد التي تقودها الحكومة التركية من خلال التوعّد بشن عملية في الشمال السوري”، بحسب مراقبين, ، حيث حذر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، خلال لقائه في واشنطن، الأربعاء الماضي، نظيره التركي مولود جاويش أوغلو من “التداعيات المدمِّرة المحتملة” لأي عملية عسكرية تركية أحادية في شمال شرق سوريا.
كما أكد روبرت بالادينو، نائب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية، على أن “أيّ تحركات أحادية” سيقوم بها أيّ طرف شمال سوريا، خاصة بوجود الأفراد الأميركيين في المناطق المجاورة يسبب “قلقاً كبيراً” للجانب الأميركي.
وأضاف بالادينو، في مؤتمر صحفي” نتواصل مع حليفنا في الناتو (في إشارى إلى تركيا) ، و شريكنا الأساسي في التحالف ضد داعش (في إشارة إلى قوات سوريا الديموقراطية) للتأكيد على الحاجة إلى وقف أيّ تصعيد في المواقف”.
وكتبت مجلة “نيوز ويك” الأميركية، الجمعة، أنه “على الرغم من التحديات الوجودية التي تواجه سكان شمال سوريا مع الإعلان الأميركي بسحب ٢٠٠٠ جندي، إلا أن الشراكة التي خاضها سكان المنطقة مع الولايات المتحدة لم تعزز النصر ضد داعش و حسب، بل مكّنت الجماعات المكونة لقوات سوريا الديموقراطية من السيطرة على ربع مساحة سوريا، الأكثر استقراراً في البلاد التي ضربتها حرب أهلية دامية، بما في ذلك بسط السيطرة على جزء هام من الموارد الزراعية والطاقة”.
وفي حديث خاص، لوكالة “نورث بريس”، قال الباحث الأمريكي من مركز الدراسات الأمنية والمختص في شؤون الشرق الأوسط، ماتيوس برودسكي: “الخلاف حول شمال سوريا يلقي بظلاله على كل جوانب العلاقة التركية – الأمريكية وهذا ما نراه من خلال التصعيد من الطرفين حول شراء تركيا لمنظومة الدفاع الروسية S400، حيث تعتبر الحكومة التركية أن العالم الغربي و الولايات المتحدة لم يعاملا تركيا كحليف موثوق في سوريا، كما تلقي تركيا باللوم على إدارة أوباما لأنها لم تمنحها صفقة صواريخ باتريوت لنشرها على حدودها مع سوريا، الأمر الذي تراه أنقرة مبرراً لشرائها المنظومة الدفاعية الروسية، إلا أن هذا خط أحمر بالنسبة لأمريكا ولا رجوع عنه إذا تم فعلاً.”
ويؤكد، برودسكي، على أن الموقف الأمريكي في سوريا يظهر جلياً في إصرار الإدارة على عدم التنازل عن المسلمات، فــ”حتى آخر لقاء، وجدنا وزير الخارجية بومبيو يحذر نظيره التركي بشكل مباشر من أي تحرك غير مسؤول في الشمال السوري”، كما يرى برودسكي خطوة شراء المنظومة الدفاعية من روسيا “محاولة تقارب من أنقرة مع موسكو صاحبة النفوذ الكبير في الأراضي السورية.”
وحول إبقاء ٢٠٠ جندي أميركي في الشمال السوري، يقول برودسكي: “هذا كفيل برسم خط أحمر لأي قوى معادية تحاول نشر أي عمليات عنيفة في الشمال والشرق السوري، فالإدارة الحالية تنسحب لتحقيق مكسب سياسي قبل انتخابات ٢٠٢٠ وهو تنفيذ الوعد بإعادة الجنود الأميركيين الى بلادهم، الا أنها بالتأكيد لن تقايض هذا المكتسب بخسارة المناطق الشاسعة التي انتصر التحالف على “تنظيم داعش الإرهابي” فيها لأن حدوث ذلك من شأنه أن يكون فشل سياسي لأي رئيس أمريكي. “
ويرى الباحث الأمريكي، المختص في شؤون الشرق الأوسط، أن الجانب الأميركي، سواء الإدارة أو البنتاغون، يدركون حساسية المنطقة، كما يدركون طبيعة الميليشيات التي تعتمد عليها تركيا وعدم أهليتها لقتال تنظيم الدولة الاسلامية، إضافة إلى استحالة ملء الفراغ الهائل الذي قد يخلقه محاربة قوات سوريا الديمقراطية أو محاولة حلّها، “إذ تجاوز عدد هذه القوات عدد أكبر الجيوش التي تقاتل على الأرض السورية، كما لا يوجد انفتاح لدى أي من المؤسسات الأمريكية, سواء الجناح التنفيذي أو التشريعي, لتنفيذ ما تطلبه تركيا منذ السنة الأولى من الحرب في سوريا وما تسميه بـ”المنطقة الآمنة” الخاضعة لسيطرة تركية كاملة، فواشنطن ترى في هذا اقتطاع واحتلال لأرض سورية رفضته إدارة أوباما وترامب رغم تذرع تركيا بالظروف الانسانية الصعبة للسوريين آنذاك، وكذلك ستفعل أي ادارة قادمة بناءاً على استنتاجات البنتاغون.”
ويتوقع برودسكي أن يكون ابقاء الجنود الأميركيين الـ /200/، مقدمة رمزية لمنطقة آمنة لسكان شمال سوريا، تضع أمريكا قواعد اللعبة فيها وتمنع اقتراب أي نفوذ يخسّر الولايات المتحدة مكتسباتها في سوريا سواء كان النفوذ الايراني المعاقب، أو نفوذ تركيا وميليشياتها.
ويختتم حديثه، حول هذا الموضوع مع “نورث بريس”، بالقول ؛” إن الإدارة الأمريكية لن يكون من صالحها السياسي، التسبب بالفوضى في المنطقة التي انطلق منها داعش أخطر التنظيمات الإرهابية على الاطلاق والذي قام بعمليات إرهابية نشطة داخل مدن غربية، وبالتالي عدد القوات الأمريكية في الشمال من غير المتوقع أن يقل وقد يتم تعزيزه بقوات أخرى ترسلها عدد من الدول الأوروبية. “