اللاجئون السوريون في تركيا.. ضحية مهربي البشر للوصول إلى أوروبا
تركيا – NPA
“طريق تهريب مضمون إلى أوروبا”، إعلان يبحث عنه السوريون اللاجئون في دول الجوار أو من هم داخل سوريا، والذين عادة ما يكونون ضحية عمليات احتيال ومخاطر تصل حد الموت.
وتضج بعض المجموعات الخاصة باللاجئين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا، بعشرات المنشورات لـ”مهربي البشر” كما تحلو تسميته للسوريين.
وتروج هذه المجموعات عن طريق منشوراتها، لرحلات التهريب والتي غالباً ما تكون عملية احتيال وخداع للسوريين الحالمين بالوصول إلى أوروبا.
مالك الدمشقي( 35 سنة رفض الكشف عن اسمه الصريح) من مدينة دوما بريف دمشق، يقول لـ”نورث بريس”: “هُجرنا من قبل قوات النظام إلى الشمال السوري، وبعد محاولات عديدة استطعنا دخول الأراضي التركية.”
ونظراً لصعوبة الحياة داخل تركيا قرر الدمشقي أن يفكر بفرصة للخروج إلى أوربا.
ويضيف الدمشقي الذي يسكن في مدينة اسطنبول، أنه بعد عمليات البحث عن طريق للوصول إلى أوروبا، قرأ في إحدى المجموعات المعنية باللاجئين السوريين منشوراً يتضمن: “يوجد طريق مضمون لأوروبا، مع وجود رقم للتواصل.”
ويضيف “ما بدد بعض مخاوفي هو تعليقات لشخصيات أخرى تؤكد أمانة وضمان الوصول إلى أوروبا”.
يتابع الدمشقي حديثه لـ”نورث بريس” بحزن، “كانت هنا بداية خطة الاحتيال التي حيكت لي من قبل هؤلاء الأشخاص” إذ اتضح له أنهم مجموعة يتفقون فيما بينهم لخداع السوريين الباحثين عن الاستقرار من خلال وصولهم إلى أوروبا.
رفض المهرّب منح مالك التفاصيل عن طريق الهاتف وقررا الالتقاء في مقهى بمنطقة “أكسراي” حيث شرح له تفاصيل الرحلة موضحاً أنه سيوصله إلى اليونان وستوصله مجموعة أخرى إلى ألمانيا.
واشترط المهرب أن يتم تقسيط المبلغ المطلوب, والبالغ /10/ آلاف دولار على دفعات, تُسلّم الدفعة الأولى البالغة /5/ آلاف دولار لشخص ثالث (مكتب صغير لتأجير العقارات في منطقة أكسراي), لقاء الوصول إلى اليونان والتعهد بعدم دخول الكامب ومن ثم سيسلّم المبلغ المتبقي في حال الوصول إلى ألمانيا.
وينوه الدمشقي، “فوجئت في اليوم المحدد لبداية الرحلة أنني لم أكن الوحيد, حيث تواجدت /5/ عائلات بينهم أطفال بالإضافة لشخصين مسؤولين عن تهريبنا ووصولنا إلى اليونان.”
وبعد رحلة استغرقت عدة ساعات عبر الغابات التي تفصل اليونان عن تركيا، فوجئوا بفرار المهربين الاثنين ووقوعهم بيد حرس الحدود اليوناني، وتسليمهم فيما بعد لحرس الحدود التركي.
وينهي الدمشقي حديثه، “عشرات آلاف الدولارات كانت قيمة ما تم نصبه من قبل هؤلاء المهربين مني ومن تلك العائلات، ولم يكن من المفاجئ أن يقوم “الشخص الثالث” بإغلاق المكتب الصغير والفرار إلى جهة مجهولة.”
“البلم”
وفي حكاية تشابه حكاية الدمشقي، يتحدث عمر المحمد، لاجئ سوري (33 عاماً) يعيش في ولاية غازي عنتاب، عن وقوعه هو الآخر ضحية مهربي البشر. و باختلاف طريق التهريب، تتشابه قصته كثيراً مع الدمشقي.
يقول المحمد لـ”نورث بريس”، “البداية كانت عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، لكن ما أكد لي صدق كلام الشخص المهرب، هو وصول أحد أقاربي إلى الجزر اليونانية عن طريقه.”
ويشير المحمد، “بعد مفاوضات مع المهرب مع مجموعة من أصدقائي بلغ عددنا 22 شخصاً، بدأت رحلتنا من مدينة مرسين، مقابل مبلغ 2500 دولار للوصول إلى اليونان، واتفقنا أن يتم الدفع بعد ركوب القارب المطاطي(البلم).”
وبعد ساعة من الانطلاق, يقع المحمد ورفاقه بيد خفر السواحل التركي وتمت إعادتهم إلى مرسين. أما المهرب فقد تنصل من إعادة الأموال واختفى خشية الوقوع بيد الأمن التركي.
وينهي المحمد حديثه، بحرقة “الحمد لله, كثيرون غيرنا غرقوا بالبحر وانتهت أحلامهم بالبحث عن ملاذ آمن.”
وأكدت آخر إحصائية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في كانون الثاني/ يناير من هذا العام، أن عام 2018 كان “الأكثر دموية في العالم من حيث عبور البحر”، إذ توفي ما يقارب 6 أشخاص يومياً أثناء محاولتهم الوصول إلى أوربا عبر المتوسط.
وقدَّرت المفوضية عدد الأشخاص الذين ماتوا أو فُقدوا في البحر المتوسط في عام 2018 بنحو /2275/ شخصاً.
التهريب من سوريا لتركيا
“وكأن الموت يلاحق السوريين أينما حلوا” يقول لاجئ سوري(27 عاماً رفض الكشف عن اسمه) متواجد في ولاية غازي عنتاب ، أنه بعد عدة محاولات لدخول تركيا من سوريا وتعرضه لخطر الموت فيها، وصل أخيراً إلى أنطاكيا على الحدود مع سوريا.
ويضيف ” ينشط مهربي البشر من سوريا إلى تركيا، حيث توجد مجموعات على تطبيق ‘تلغرام’ تعمل بحرية مطلقة ودون خوف من التبعات القانونية، نظراً لعدم وجود رادع لهم داخل الأراضي السورية”
ويؤكد أن عشرات الأشخاص يحاولون العبور يومياً من الأراضي المتاخمة لتركيا بريف إدلب، مقابل مبالغ مالية تصل حتى 400 دولار للشخص الواحد.
ويضيف اللاجئ “هنا أنت معرض لخطر الموت والتشليح في أي لحظة بسبب الإجراءات الصارمة التي يفرضها حرس الحدود التركي، والذي لا يتوانى للحظة عن إطلاق النار باتجاه أيِّ تحركات من داخل الأراضي السورية، إضافة إلى تعرض سوريين لتشليح من قبل المهربين والذين عادة ما يحملون أسلحة.”
وينهي حديثه مع نورث بريس، أنه بعد 3 محاولات فاشلة, نجحت أخيراً بدخول تركيا.
وبلغ عدد السوريين اللاجئين في دول الجوار /5.6/ مليون لاجئ حتى نهاية الـ 2018 وتجاوز عددهم في تركيا /3.563/ مليون لاجئ، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.