أميد توفيق – أربيل/العراق – NPA
بعد ثماني سنوات من بدء الأزمة السوريّة وما رافقتها من تغيّرات جيو-سياسية، يُلقى الضوء دولياً واقليمياً في الآونة الأخيرة على منطقة الشمال السوري التي تم تأمينها من هجمات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من قبل قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكّل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري.
يدور السؤال الآن حول إدارة تلك المنطقة من قبل مواطنيها، وخاصة بعد انتهاء حربهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية على آخر جيوب التنظيم في ريف دير الزور الشرقي من سوريا.
ضبابية علاقة الولايات المتحدة الأمريكية
العلاقة التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية، كأقوى دولة متدخلة ميدانياً في سوريا، بالإدارة الذاتية في شمال وشرق البلاد “ليست واضحة”، ولكن “معالمها اتضحت قليلاً بعد قرار ترامب بسحب قواته في كانون الأول/ديسمبر الماضي” بحسب محلل سياسي مختص.
وكان قد قوبل قرار ترامب حينها بالمعارضة من قبل أبرز أعضاء الكونغرس الأمريكي وبعض الأطراف الأخرى.
يقول المحلل السياسي والباحث في العلاقات السياسية مسعود عبدالخالق، لوكالة “نورث بريس”: “توجد ثلاث مصطلحات في قاموس السياسة الأمريكية؛ التحالف، الشراكة، والتعاقد”.
موضّحاً: “أن التحالف تبرمه أمريكا مع الدول الأوروبية، ولها علاقة شراكة مع بعض دول الشرق الأوسط, أمّا العقد المشابه لعلاقتها مع إقليم كردستان العراق ليس ذا أهمية سياسية”.
ويضيف: “رأينا نتيجة كارثية بعد هجوم القوات العراقية على كركوك بمباركة من الدول الإقليمية، ولم تتصرف الولايات المتحدة وقتها على أساس التزاماتها العقدية التي زعم مسؤولو إقليم كردستان إبرامه مع الإدارة الأمريكية منذ زمن”.
وبيّن عبدالخالق أن المطّلع على شؤون إقليم كردستان العراق وعلاقات الإقليم مع الولايات المتحدة الأمريكية، يرى أن تلك العلاقة مع سلطات الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا “علاقة عقدية لكن ببنود مختلفة ربما”.
ويدعم مسعود عبدالخالق رأيه بـ”معارضة” مسؤولي الإدارة الأمريكية، وأعضاء الكونغرس لقرار ترامب بسحب قواته من سوريا، “لذا يمكن القول أن طبيعة تلك العلاقة قوية سواء مبنية على الشراكة أو العقد”.

مخاطر متبادلة
يربط بعض السياسيين ومعارضو الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وجود الولايات المتحدة بـ”مصالحها القائمة في سوريا”، ويجدون أن “الكرد هم مجرد أداة لتحقيق تلك المصالح”.
يرى د.سلام عبدالكريم، الباحث في شؤون الثورات الكردية، في حديث مع وكالة “نورث بريس”، “من الواضح الآن أن أمريكا مستمرة في دعم الإدارة الذاتية، والخطر يحدق بمصالح كليهما، وأيضا الأرضية مهيأة في سوريا لنمو العنف من جديد”.
ولم يستبعد أيضاً “أن يأتي يوم تتقاطع فيه مصالح كليهما”.
ويعتقد الباحث الكردي أن “طبيعة مصالح الدول المنخرطة في الشأن السوري متضاربة وتختلف من دولة لأخرى، ولكن بالنسبة للفترة الحالية من المستحيل أن يترك المجتمع الدولي وأمريكا، الكرد.”
و”ليس خفياً”، برأي الدكتور عبدالكريم، أن “العلاقة بين المجتمع الدولي والكرد ظهرت بداياتها منذ ظهور خطر تنظيم الدولة الاسلامية وحتى انتهاء وجوده الأخير جغرافياً”.
“لكن توجد مخاطر أخرى أكثر تأثيراً على الأمن الدولي والإقليمي من تنظيم الدولة الإسلامية، والقوات الموثوقة لردع هذه المخاطر هي القوات التي اعتمدتها أمريكا حليفاً على الأرض لمحاربة التنظيم” حسب رأيه.

واقع جديد ومناطق آمنة
مع التطورات الأخيرة الحاصلة تقاطعت بعض الرؤى الكردية مع المجتمع الدولي، وهذا ما ساعد الإدارة في شمال وشرق سوريا بالاستمرار في تطبيق مشروعها السياسي بدعم مبطّن من دول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
ويرى المختص في السياسة الدولية، مسعود عبدالخالق، “أخطاء كثيرة (للإدارة الذاتية)”.
ويضيف: “يجب (على الإدارة) ألّا تفتح جبهات القتال أو الاشتباك مع الدول الإقليمية”.
فـ”المعطيات الدولية الأخيرة، ولّد واقعاً جديداً في سوريا ولا أعني واقعا كردياً”، هذا ما قاله المحلل السياسي، مشخل كولوسي، مستدلاً بقرار دونالد ترامب حول الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، لإنشاء منطقة آمنة داخل الجنوب السوري.
يقول مشخل كولوسي:”إنشاء منطقة آمنة يعني أنها ستكون خارج إدارة الحكومة السورية (حكومة دمشق)، أي أنه توجد منطقة أخرى مختلفة سياسياً وجغرافياً”.
ويطرح كولوسي سؤالاً حول مدى استعداد الكرد في الشمال السوري لهذه التطورات، ويرى أنهم محصورون “بين الرؤية الدولية العامة لسوريا موحدة، وقرار ترامب الأخير الذي كان بطبيعة الحال ضد وحدة الأراضي السورية”.
