تصاعد الاحتجاجات على مقتل أمريكي-أفريقي والشرطة ترد ب"عنف"

لوكاس تشابمان – نورث برس

 

اتسعت رقعة الاحتجاجات هذا الأسبوع إلى عدة ولايات أمريكية، على خلفية مقتل رجل أمريكي من أصول أفريقية على يد رجل شرطة في ولاية مينابولس، شمالي البلاد، نتيجة ما يراه المتظاهرون "استخداماً مفرطاً للقوة" من قبل الشرطة.

 

وقال احد النشطاء المحليين (مشارك في الاحتجاجات) من مدينة مينابولس، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ "نورث برس"، إن موجة الاحتجاجات الأخيرة بدأت بعد ظهر الثلاثاء الفائت عندما بدأ آلاف المتظاهرين- معظمهم من الشباب – من كافة المجموعات العرقية ممن "وحدتهم مشاعر الغضب"، بالتقدم نحو مبنى "دائرة الشرطة الثالثة".

 

ووفقاً للناشط، ما بين الساعة السابعة والثامنة مساءً، وصلت شاحنات بيضاء مليئة بعناصر "مكافحة الشغب" وبدأت بإطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين.

 

وسرعان ما تحول الاحتجاج إلى مواجهة مباشرة مع الشرطة، حيث استخدم المتظاهرون عربات التسوق كحواجز ورشقوا رجال الأمن بالحجارة، واستمرت المناوشات طوال الليل، لترافقها أعمال نهب على نطاق واسع استمرت حتى الخميس.

 

وساعد مسعفون وممرضون -خارج أوقات العمل- في إنشاء عيادات مخصصة لعلاج المتظاهرين الجرحى، وغالباً ما تضطر هذه العيادات إلى التنقل مع استمرار الشرطة في التقدم نحو المتظاهرين.

 

انسحاب وتعزيزات عسكرية

 

وذكر مصدر مشارك في الاحتجاجات (فضل عدم الكشف عن اسمه) لـ "نورث برس" أن الشرطة انسحبت إلى حد كبير من معظم أجزاء المدينة، باستثناء مركز المدينة، وقامت الشرطة بإخلاء الدائرة الثالثة قبيل اقتحامها من قبل المتظاهرين واضرام النار في المبنى ما بين الساعة الثامنة والتاسعة مساءً.

 

وتم ارسال قوات من الحرس الوطني الأمريكي (قوة عسكرية أمريكية احتياطية)الخميس، وشهدت المنطقة المحيطة بالدائرة الثالثة تواجدًا عسكريًا وشرطيًا مكثفًا مع مئات من الجنود والضباط والمركبات العسكرية.

 

وأفادت مصادر محلية لـ “نورث برس"، إن الشرطة "استخدمت القوة الجسدية ضد المتظاهرين، بما في ذلك الغاز المسيل للدموع والعصي والرصاص المطاطي"، وتم اعتقال آلاف المتظاهرين وأن الأحياء التي تشهد توتراً اكبر هي التي لا زالت تحت سيطرة الشرطة، فالناس "متحدون معاً ضد الشرطة على نطاق واسع" حسبما أفاد المصدر لـ "نورث برس".

 

وامتدت الاحتجاجات إلى عشرات المدن الأميركية الأخرى في الأيام القليلة الماضية، وتطورت بعضها إلى اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة، مما أسفر عن إصابات بين الطرفين.

 

"لا أستطيع التنفس"

 

وتداول العديد من رواد التواصل الاجتماعي منذ الاثنين الفائت مقطع فيديو، تظهر اعتقال رجل أمريكي من أصل أفريقي يدعى "جورج فلويد" (46 عاماً)، حيث يظهر الفيديو ضابط شرطة وهو يضغط بركبته على عنق الضحية لأكثر من سبع دقائق، رغم توسله للضابط مراراً قائلاً أنه يعاني من الألم و "لا يستطيع التنفس".

 

واستمر الضابط في الضغط بقوة على عنق "فلويد" لعدة دقائق، رغم احتجاجات وتوسلات المارة، وبعد ذلك تم الإعلان عن وفاة "فلويد" في المستشفى، لتبدأ بعدها موجة الاحتجاجات.

 

واتهم الضابط الذي ضغط بركبته على رقبة "فلويد" بـ "القتل من الدرجة الثالثة" (إحدى تصنيفات القتل المتعمد وفق قوانين بعض الولايات)، وقال أحد السكان المحليين لـ "نورث برس" إن المتظاهرين يعتبرون هذه الاتهامات "نكتة".

 

حوادث ليست بجديدة

 

ولا تعتبر مزاعم "وحشية الشرطة والاستخدام المفرط للقوة" بجديدة، حيث تعتبر الاحتجاجات الحالية الثالثة من نوعها خلال خمس سنوات في مينابولس.

 

في عام 2016، قتل رجل أمريكي من أصل إفريقي يدعى "فيلاندو كاستيل"، برصاص الشرطة أمام صديقته وابنته البالغة من العمر أربع سنوات خلال توقف مروري، وانتشر مقطع فيديو يوثق إطلاق النار على صفحات الفيسبوك مباشرة، وتمت تبرئة الضابط المسؤول عن الحادثة من جميع التهم، وأدى ما سماه السكان "بانعدام العدالة"، إلى احتجاجات واسعة النطاق في المدينة.

 

وشهدت الولايات المتحدة على مدى العقد الماضي احتجاجات عنيفة، رداً على إطلاق الشرطة النار على الأميركيين من أصل أفريقي، بما في ذلك الاضطرابات التي اندلعت في أوكلاند بولاية كاليفورنيا عام 2009، بسبب قتل الشرطة للشاب "أوسكار غرانت"، والاضطرابات التي اندلعت عام 2014 في فيرغسون بولاية ميسوري بسبب إطلاق النار الذي أسفر عن مقتل مايكل براون، وكذلك احتجاجات بالتيمور عام 2015 بسبب وفاة فريدي غراي، واحتجاجات سانت لويس عام 2017 عقب إطلاق النار على أنتوني لامار سميث.

 

وتأتي الولايات المتحدة بين قائمة الدول المتقدمة من حيث عمليات قتل الشرطة للمدنيين، ويعتبر الشباب الذكور ذي الأصول الأفريقية الأكثر تضرراً من غيرهم (حيث تُعتبر الشرطة مسؤولة عن 1,6٪ من وفيات الذكور ذي الأصول الأفريقية الذين قتلوا على يد الشرطة والذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاماً، مقارنة مع 0,5٪ من وفيات الذكور البيض من نفس الفئة العمرية، وفقاً لدراسة نشرتها الأكاديمية الوطنية للعلوم في عام 2019).