خبراء أمريكيون: نتائج انهيار أسعار النفط كبيرة في أمريكا وكارثية في الشرق الأوسط
واشنطن- هديل عويس- نورث برس
بعد حرب الأسعار والإنتاج بين السعودية وروسيا، والآثار المترتبة على انتشار فيروس كورونا، تستمر أسواق النفط الأمريكية في تسجيل أسعار سلبية، في وقت يتوقع فيه خبراء ودبلوماسيون أن تتركز آثار أزمة تهاوي أسعار النفط، في بلدان الشرق الأوسط، رغم أن دول مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية لن تكون بمنأى عن الخسائر، وإن كانت بدرجة أقل.
عوامل الخسارة الأمريكية
وبحسب خبير الطاقة "براندن سميث" فإن انتاج النفط في الولايات المتحدة أصبح خاسراً بعد أن باتت كلفة تخزين الكميات المكدسة أكبر من العائد.
لكنه يرى أن هناك عوامل أخرى أوصلت عقود النفط الآجلة في بورصة نيويورك إلى أدنى نقطة لها منذ العام ١٩٨٣، وهي تتعلق بانتشار فيروس كوفيد-١٩ وما ترتب عليه من عدم اليقين من المستقبل الاقتصادي، وما إذا سيكون هناك طلب قريب على النفط، مع عودة النشاط إلى حركة السفر والتنقلات.
ويضيف في حديث لـ"نورث برس" أن هذه العوامل مجتمعة تسببت في "صدمة غير مسبوقة في سوق أسعار النفط".
وبحسب شبكة "سي إن إن" فإن انهيار أسعار النفط سيقود بلا شك إلى خسارة عدد كبير من الشركات الأمريكية المنتجة للنفط لقسم كبير من رأس مالها، ما سيؤدي أيضاً إلى خسارة عدد كبير من العمال في قطاع النفط لأعمالهم، كما أن بعض الشركات ستغلق أبوابها إلى الأبد بسبب القروض المتراكمة عليها والتي كانت قد أخذتها في الماضي، لإجراء عمليات توسيع في الإنتاج.
التداعيات في الشرق الأوسط
ويقول" سميث"، إنه بالرغم من أن أسعار النفط في الولايات المتحدة تبدو أكثر كارثية من أسعار "خام برنت"، إلا أن تبعات هذا الانهيار في أسعار النفط هي أكثر كارثية على الدول المنتجة للنفط، والمعتمدة في مدخولها بشكل أكثر جذرية على النفط.
ويذهب الخبير الأمريكي إلى أن العراق الذي كان يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية ولا يملك عوائد مربحة غير النفط، سيكون من أكبر الخاسرين، بالإضافة إلى دول أخرى مثل روسيا، ذلك أن النفط يشكل ٥٢% من الميزانية الفيدرالية لروسيا، بينما يشكل عائد النفط ٨% من عائدات الولايات المتحدة.
ويوضح سميث أكثر أنه وبينما تبدو أسعار "خام برنت" المتراوحة حول الـ/٢٠/ دولاراً، أقل سوءاً من سعر النفط الأمريكي السلبي، إلا أن الدول المنتجة "لبرنت" والتي تعتمد بشكل أساسي على النفط لتمويل نفسها، تحتاج أن يكون سعر النفط حوالي الـ/٥٠/-/٦٠/ دولار على الأقل لئلا تخرج بميزانيات خاسرة.
أمريكا تنقذ نفسها
بينما في الواقع وبحسب الخبير فإن الولايات المتحدة قادرة اليوم على إنقاذ قطاع النفط من ميزانيات أخرى، فالرئيس ترمب دعا الحكومة الفيدرالية، يوم أمس الثلاثاء، إلى العمل على تخصيص ميزانية لإنقاذ صناعة النفط والغاز الأمريكي: "لن نخذل صناعة النفط والغاز العظيمة في أمريكا وسنوفر الأموال القادرة على الحفاظ على شركات النفط وفرص العمل بها".
ويتفق الدبلوماسي الأمريكي دينس روس مع رؤية "سميث"، حيث كتب في حسابه على موقع تويتر، "سيكون تأثير انهيار أسعار النفط حارق على الشرق الأوسط، فتخيلوا وجود أزمات في مصر أو الأردن مع أسعار نفط منهارة، وبالتالي لن تكون دول الخليج قادرة على إنقاذ مصر أو الأردن كما جرت العادة"، بحسب تعبيره.
أسعار النفط والسياسة العالمية
ويقول المحلل السياسي راين بوهل لـ"نورث برس" إن انخفاض أسعار النفط بهذا الشكل، بالإضافة إلى المستقبل الاقتصادي المبهم، سيؤثر بنسب متفاوتة على الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط.
ويرى بوهل أيضاً أن العراق سيكون حتماً من أكبر المتضررين لاعتبارات كثيرة وفي مقدمتها أن موارد النفط لم تكن قادرة أصلاً حتى قبل أزمة كوفيد – ١٩ على تلبية احتياجات البلاد الاقتصادية، وبالتالي قد تكون هناك تداعيات كبرى مثل تسريح أعداد كبيرة من الموظفين الحكوميين، وخفض المرتبات.
ويضيف: "لن يتوقف عند الاقتصاد وحده، بل سيقود إلى انعدام الاستقرار في البلاد".
انكفاء خليجي
بينما في دول الخليج الأكثر استقراراً من النواحي الأمنية والاقتصادية، يرى بوهل أنها ستشهد تداعيات كبيرة لانخفاض أسعار النفط ولكن بمقدار أقل من بلد مثل العراق، لأن دول الخليج تسلك سلوكاً سياسياً محافظاً، أشبه بسلوكها في نهاية التسعينات.
وهو ما يعني وفق المحلل أن دول الخليج لن تقوم بمحاولات كبيرة لدعم التحركات العسكرية والسياسية في دول أخرى، وبدلاً من ذلك سيكون تركيزها منصباً بشكل كبير على الداخل.
ويشير إلى أن أزمة كوفيد -١٩ أظهرت للأمريكيين أن الولايات المتحدة بحاجة فعلية لسياسات تضع مصالح المواطنين الملحة في مقدمة الاهتمامات، إذ أن هناك ضعفاً حقيقياً في النظام الصحي الأمريكي، لا بد من إصلاحه، وهذا أمر سيكون محور اهتمام الأمريكيين والحملات الانتخابية التي سنراها في السنة القادمة.