نورث برس
تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا الجديد (COVID-19) في إيطاليا حتى يوم الاثنين، 23 مارس،/ 5400/ شخصاً، واستجابة للانتشار السريع للفيروس في جميع أنحاء البلاد، قامت الحكومة باتخاذ سلسلة من الإجراءات الصارمة لإبطاء تفشي الوباء. فيما رصدت "نورث برس الأوضاع في المقاطعات الشمالية الأكثر تضرراً في إيطاليا نتيجة انتشار بالوباء.
التدابير الحكومية
وكانت الحكومة الإيطالية قد واجهت انتقادات من مواطنيها حول ما وصفوه بـ"الاستجابة البطيئة"، كما يرى آخرون أن هناك خطأً في معالجة الحكومة وتعاملها مع الأزمة.
وتوضح "إليانور فينلي"، المقيمة في مقاطعة "فريولي فينيسيا-جوليا" الشمالية بإيطاليا، لـ"نورث برس" أن إيطاليا واجهت انتقادات حول أنها استجابت بشكل بطيء جداً للأزمة، وأن الناس لا يزالون يخرجون"، معربة عن اعتقادها أن "هذه الانتقادات غير دقيقة، ذلك أن إيطاليا كانت أول دولة تحظر الرحلات الجوية إلى الصين. وأول دولة تطبق الحجر الصحي على نطاق واسع. كما كانت استجابة الحكومة جيدة إذا ما راعينا الظروف بعين الاعتبار"، بحسب قولها.
ونفذت إيطاليا إجراءات صارمة، شملت المقاطعات الشمالية أولاً، لتتّبعها فيما بعد في جميع أنحاء البلاد. وفي يوم الاثنين، 9 أذار/مارس الجاري، وصل الحظر كامل البلاد مع فرض حظر للسفر وتوقف جميع الأعمال غير الضرورية، كما أقامت الشرطة نقاط تفتيش في الشوارع لتنفيذ الحظر التام.
وتقول الصحفية "بينيديتا أرجينتيري" المقيمة في مركز تفشي المرض في مقاطعة "لومباردي" عن الإجراءات المتبعة في المنطقة "إذا ما التقيت برجال الشرطة، فسيتم ايقافك وسؤالك عن وجهتك. و إذا كنت مسافراً في رحلة طويلة، فيجب أن تملك إخطاراً مفاده أنك لست مريضًا".
وتضيف الصحفية أن السيارات المجهزة بمكبرات صوت تجول الشوارع في مقاطعة "فريولي-فينيسيا-جوليا"، محذرة السكان برسالة مفادها: "أنتم مسؤولون عن صحتكم وصحة الآخرين، حفاظا على سلامتكم، الرجاء البقاء في المنزل." ليس هذا فقط، يمكن أن تشمل عقوبة خرق الحجر الصحي غرامات، تصل إلى ثلاثة أشهر في السجن.
ويبدو أن الناس في إيطاليا يأخذون خطورة الفيروس على محمل الجد، كما أن الكثير منهم يحتاطون ويعتبرون اللامبالاة من قبل البعض و مواصلة حياتهم الطبيعية خلال الوباء، أشبه بالسير على حافة الهاوية، إذ تقول "أرجينتيري" لـ"نورث برس"، "عندما تخرج، ينظر الجميع إليك بقلق، ويتسألون 'لماذا لا يوجد لديك قناع؟ لا تقترب كثيرًا'. يمكنك أن تستشعر الخوف … العدو غير مرئي، يمكن لأي شخص أن يكون حاملاً للفيروس".
شمال إيطاليا: مركز تفشي الجائحة
ومن بين جميع المقاطعات الإيطالية، تم الكشف عن الشمال كنقطة بداية لتفشي الوباء. إذ شهدت مقاطعة "لومباردي" وعاصمتها "ميلانو" انتشاراً سريعاً للمرض.
وتعتبر "ميلانو" مركز الاقتصاد الإيطالي، وكذلك مركز اقتصادي رئيسي لجميع دول أوروبا، وعندما بدأ فرض الحظر التام، بدأ العديد من الإيطاليين الذين كانوا يعملون في "ميلانو" العودة إلى ديارهم في مناطق أخرى من البلاد، حاملين معهم الفيروس.
وتوضح "فينلي" أن لإيطاليا والصين أيضًا روابط قوية جدًا من خلال التجارة والهجرة، خاصة في صناعة المنسوجات، وميلانو هي مركز "الموضة السريعة" لإنتاج العلامات التجارية للأزياء غير المكلفة والسريعة الصنع مثل H&M و Zara، وهذا ما يجلب العديد من المهاجرين الصينيين الباحثين عن عمل في إيطاليا، مما ساهم في تفشي المرض.
كما لعبت السياحة أيضًا دوراً في وصول الفيروس إلى إيطاليا. إذ شهدت مدن أخرى، مثل فينيسيا (البندقية)، تفشياً كبيراً، لذا من المحتمل أن يكون ذلك مرتبطًا بكثافة السياحة في هذه المناطق.
وفي رأي "ارجنتيري"، تشترك مقاطعة "لومباردي" على وجه الخصوص في العديد من أوجه التشابه مع مقاطعة "ووهان"، كمركز تفشي للمرض في الصين، فكلاهما مراكز صناعية رئيسية، وكلاهما يحتوي على قدر كبير من التلوث؛ وتعتبر "لومباردي" واحدة من أكثر المناطق تلوثاً في أوروبا، وبسبب ذلك وارتفاع معدل التدخين بين سكان إيطاليا، يعاني العديد من الأشخاص بالفعل من حالات مرضية سابقة في الرئتين، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بفيروس "كورونا".
كورونا.. "سيمحو جيلًا كاملًا"
وتؤكد كل من"إليانور فينلي" و"ارجنتيري"، أن جيلاً من سكان إيطاليا سيتضرر بشدة، بشكل لا يصدق مع احتدام الوباء في جميع أنحاء البلاد، كما هو الحال في مناطق أخرى من العالم، ومن المرجح أن يعاني كبار السن من الأعراض وقد يموتون بسبب المرض.
ووفقاً لكتاب حقائق العالم لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، فإن أكثر من /22 ٪ /من سكان إيطاليا يتجاوزون /65/ عامًا.
وتقول فينلي: "عندما يتعلق الأمر بإعادة بناء إيطاليا، ستكون هناك مسألة إعادة اسكان قرى بأكملها"، وعلى نفس المنوال، تذكر "أرجينتيري" ايضا أن الفيروس "سيمحو جيلًا كاملًا".
وفيما لا يزال الحظر التام مستمراً تذهب "أرجينتيري" إلى أنه "من المفترض أن تنتهي هذه الأنواع من الإجراءات القاسية في 3نيسان/ أبريل القادم، إلا أن الجميع يعلم أنها لن تنتهي في ذلك الحين".
ويرى الكثيرون أن إيطاليا كما الكثير من بلدان العالم، لم يشهدوا من قبل أزمة بهذا المستوى من الخطورة.
وترى "فينلي" أن سكان شمال وشرق سوريا عاشوا "الحرب والنزوح و الموت"، وقد يكون هناك من يعتقد بأن كل شيء سيكون بخير، لكنها تؤكد على خطورة هذا المرض، وتود أن يصل صوتها إلى السكان في مناطق شمال وشرق سوريا كي تقول لهم "هذه مسألة حياة وموت، رجاءً ابقوا في منازلكم."