الديموقراطيون يمضون في عملية عزل ترامب بتهمة “إساءة استخدامه للسلطة”
واشنطن – هديل عويس – NPA
وافقت اللجنة القضائية في مجلس النواب, اليوم الجمعة, على التهم الموجهة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قضية عزله وهي إساءة استخدامه للسلطة وقيامه بعرقلة عمل الكونغرس بعد مداولات صباحية انتهت بتمرير التهم مع التوقع بعرض التهم على كافة أعضاء مجلس النواب للتصويت عليها الأسبوع المقبل.
وسيؤدي تصويت الأسبوع المقبل، حيث يثق الديموقراطيون من امتلاكهم الأصوات الكافية في مجلس النواب لتمرير القرار، إلى جعل ترامب, الرئيس الأمريكي الثالث في التاريخ الذي سيتم عزله في مجلس النواب الأمريكي وهو أحد غرفتي الكونغرس.
وعلى الرغم من حظوظ قرار العزل شبه المضمونة بالمرور في مجلس النواب، أعلن الجمهوريون على لسان ميتش ماكونيل، زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ بأن القرار لا يملك أي فرص بالمرور في مجلس الشيوخ بغالبيته الجمهورية، وبالتالي من الصعب أن يتم ازاحة ترامب من البيت الأبيض عبر عملية العزل التي تحتاج لكي تمر؛ موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ عليها بعد تمريرها في مجلس النواب.
لماذا يصرّ الديمقراطيون على عملية العزل؟
يتهم بعض الجمهوريون الحزب الديموقراطي بأنه يصرّ على عملية العزل أو يتحدّث عنها على الأقل منذ أن فاز ترامب بدورته الرئاسية الأولى، ليلتقط أخيراً الديموقراطيون مضمون المكالمة بين الرئيس الاوكراني فلاديمير زلنسكي والرئيس ترامب والتي بلّغ عنها رجل من المجتمع الاستخباراتي الأمريكي بعد ما اعتبره بأنه محاولة من ترامب استخدام سلطته للضغط على الرئيس الأوكراني بشأن المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا مقابل مطالبة الرئيس زلنسكي بفتح تحقيق علني في تهم فساد محتملة يتورط بها هنتر بايدن، نجل جو بايدن، المرشح الرئاسي لانتخابات 2020.
ويرى البعض أن الديمقراطيون مستاؤون من شعبية ترامب وفوزه الساحق بانتخابات 2016، مع عدم ثقتهم بأنهم سيهزمونه في انتخابات 2020 اذا مرّت بسلاسة, وبالتالي يدفعون لعملية العزل في محاولة للتخلص منه بطريقة غير عادية، معوّلين على تشويه صورته ووصمه بإساءة استخدام سلطاته ومخالفة قوانين الدستور الأمريكي وبالتالي عزله في مجلس النواب على الأقل, فيستيقظ الشعب الأمريكي في الأشهر الأخيرة التي تسبق انتخابات 2020 على فضائح كبيرة تحيط بالرئيس ترامب ما سيقلل فرصه بالفوز في انتخابات 2020.
في نهاية المطاف، ومع عدم إمكانية تأمين الأصوات الجمهورية لعزل ترامب في مجلس الشيوخ، يعوّل الديموقراطيون على حملة رأي عام كبرى تضرب شعبية الرئيس الأمريكي خلال الأشهر التي تسبق الانتخابات, لجني مكسب معنوي يقوده إلى الهزيمة، حيث لا يملك مجلس الشيوخ خياراً بعد التصويت على قرار العزل إلا فتح تحقيق جديد في التهم الموجهة لترامب, الامر الذي سيبقي الحديث عن قضية العزل والأدلة المرتبطة بالتهم الموجهة له خبراً أولاً في الاعلام الأمريكي للمزيد من الأشهر في العام 2020.
كيف يواجه ترمب التهم والحملة الديموقراطية لعزله ؟
لا يكتفي ترامب بالتعويل على انقاذه المتوقع من عملية العزل في مجلس الشيوخ ذو الغالبية الجمهورية، بل يشن حملة مضادة تهاجم الديموقراطيين بأسلوبه الشعبوي الذي أوصله إلى البيت الأبيض من خلال التواصل غير التقليدي مع ناخبيه عبر منصة تويتر وذلك من خلال عشرات التغريدات التي يطلقها يومياً يكرر فيها ذات العبارات واصفاً مكالمته مع زلنسكي بأنها مكالمة ممتازة خالية من أي عيب، وأن الديموقراطيين يقودون حملة كراهية ضده ومؤامرة انتزاع الشرعية التي اختارها الشعب الأمريكي عبر صناديق الاقتراع, واصفاً عملية العزل بأنها مؤامرة و"مطاردة ساحرات" بسبب يأس الديموقراطيين من هزيمته عبر صناديق الاقتراع.
هل خفت شعبية ترامب بالفعل ؟
احتفل ترامب يوم الخميس بفوز المحافظين في بريطانيا، كما ترددت لهجة سخرية واسعة في الولايات المتحدة من الديموقراطيين واليسار البريطاني الذي قاد في بريطانيا حملات لإظهار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والمحافظين كطيف عنصري يفقد الشعبية ليفاجئ المحافظون في بريطانيا العالم بفوز ساحق وهزيمة واسعة لليسار البريطاني, الأمر الذي رآه أمريكيون على أنه مؤشر آخر على المناخ العام العالمي والذي لا تستثنى منه الولايات المتحدة والتوجه نحو المحافظين رغم الحملات اليسارية، وربط جونسون بترامب تحديداً حيث كان ينعته اليسار البريطاني بأنه "ترامب بريطانيا".
في الولايات المتحدة، لم تكن الحملات المضادة لترامب أمر جديد بل بدأت قبل انتخابه ليفاجئ ناخبو ترامب بفيديو سربه الديموقراطيون ينقل بالصوت والصورة حديث ترامب وتفاخره بالتحرش بالنساء اضافة إلى تصريحات عنصرية انتشرت له قبل انتخابات 2016, لم تزده الا شعبية انتهت بفوزه وبالتالي من غير المضمون حتى الآن إذا ما كانت مغامرة الديمقراطيين ستنجح فعلاً في تشويه ترامب أمام نوعية الناخبين الذين أوصلوه إلى البيت الأبيض بعد حملاته ضد المهاجرين ومنعه مواطني دول إسلامية من الدخول إلى أمريكا ودعواته لبناء الجدار وتضييق العيش على الطبقة الفقيرة والأقليات الأقل حظاً من خلال إلغاء بعض المساعدات التي كانت تقدمها الحكومة الفيدرالية.
وحتى الآن لا يوجد مؤشر ملموس على أن شعبية ترامب تدمرت في أوساط مؤيديه، حيث أظهر اخر استطلاع للرأي نشرته قناة "فوكس نيوز" المقربة من الجمهوريين يوم الأربعاء الماضي بأن 50 % من الأمريكيين يؤيدون عزل ترامب إلا أنها النتيجة ذاتها تقريباً منذ تشرين الثاني /نوفمبر الماضي, أي قبل بدء الجلسات العلنية لتوجيه التهم ضد ترامب في قضية العزل. وهؤلاء هم من يسميهم الرئيس الأمريكي "Never Trumper" أي أنهم لم يكونوا أبداً مع ترامب منذ بداية ظهوره ورغم ذلك لم ينجحوا في هزيمته في انتخابات الـ 2016 أما قاعدته الشعبية, فلم تتأثر بقضية العزل!.
بينما نشرت صحيفة "ذا هيل" استطلاعات برؤية مختلفة رأت أن نسبة قبول ترامب بين الناخبين المستقلين تدنت إلى 39 % وهم الفئة التي ترجح عادةً كفة احد المرشحين من الحزبين، إلا أن الاستطلاع ذاته أظهر نسبة قبول للرئيس ترامب في الحزب الجمهوري تتخطى الـ 85%.
من جانب اخر كتبت صحف أمريكية الخميس عن مؤشر خطير بالنسبة للحزب الديمقراطي من خلال اشارات إلى تدني شعبية كافة المرشحين الديموقراطيين لمنافسة ترامب على كرسي الرئاسة في العام 2020, الأمر الذي يحدث بسبب كثرة عدد المرشحين الديموقراطيين ووقوفهم للتنافس في الانتخابات الأولية في مناظرات طويلة يقل عدد المتابعين لها مع الوقت.