باحث سياسي: بيان البرلمان الليبي أكد على أهمية وجود غطاء عربي يساند التدخل المصري

نورث برس

 

قال الباحث السياسي المتخصص بالعلاقات الدولية "بشار شيخ علي"، إن "البيان الصادر من برلمان طبرق، قد تضمن الإشارة المباشرة إلى عدة نقاط، أبرزها التأكيد على المصالح المشتركة بين الجانب المصري والليبي على صعيد الأمن القومي لكلا البلدين، ثانياً أهمية وجود غطاء عربي يساند هذا التدخل".

 

وحذر مجلس النواب الليبي المنتخب في مدينة طبرق (1300 كم عن العاصمة طرابلس)، في بيان، من "الاحتلال" التركي الذي يهدد ليبيا ودول الجوار وفي مقدمتها مصر، مانحاً القوات المسلحة المصرية الضوء الأخضر للتدخل عسكرياً في ليبيا لدحر "المحتل الغازي" وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.

 

معاني البيان

 

وأوضح "شيخ علي" في حديث لـ"نورث برس" أنه وإن خص البيان بالذكر دول الجوار، "فهو ينطوي على معنيين الأول معنى بتونس والجزائر والسودان، أم المعنى الآخر يشير إلى الدول التي تدعم الجانب المصري وهي الإمارات والسعودية، ذلك أن وجود الغطاء العربي سوف يضفي الشرعية الدولية لأي تحرك عسكري عربي مرتقب في ليبيا".

 

والنقطة الثالثة، أشار البيان إلى "دور الغزاة في المنطقة وميليشياتها أي تركيا وحكومة الوفاق الوطني، وأكد البيان في النقطة الرابعة على السيادة الليبية على ثروات البلاد المختلفة"، بحسب "شيخ علي".

 

وأضاف أنه "نجد أن هذا البيان يتطرق بشكل واقعي للوضع الليبي ومجرياته، أي أنه يشرح بالتفصيل ما يحدث في ليبيا، وغير بعيد عن هذا الواقع".

 

الدور المصري

 

ورأى أن "الدور المصري ليس بجديد في الساحة الليبية، فالدعم المصري منذ بداية الأزمة كان حاضراً وبقوة سياسياً وعسكرياً، والحديث عن التدخل العسكري المصري ليس بجديد، ذلك أن التدخل بدأ منذ قرابة الشهر على لسان عقيلة صالح رئيس برلمان طبرق، ولكن الأمر كان رهن التطورات على الأرض والتوازنات الدولية".

 

وتابع "ذلك أن السيطرة على خط سرت-الجفرة، قد شكلت عامل حسم في صدور هذا البيان، للأهمية الاقتصادية حيث تتركز آبار وحقول النفط والغاز حول سرت، ثم الجفرة على نفس الخط والتي تتضمن أكبر وأقوى قاعدة جوية عسكرية في البلاد، بالتالي فإن السيطرة على هذا الخط تتيح السيطرة على نصف ليبيا وهي بوابة نحو الشرق الليبي والحدود المصرية".

 

دفع دولي

 

ويضاف إلى ذلك، أن هذا البيان قد سبقه دفع دولي، على شكل دعم وتأييد خاصةً من الجانب الفرنسي والروسي للدور المصري في ليبيا مع صمت أمريكي معلن باستثناء التخوف من التدخل الروسي، وبالتالي جاء البيان نتيجة للأوضاع على الأرض الداعية لحسم هذه المعركة، ثم للميزة النسبية التي يمتلكها الجانب المصري والتي تجعله الأقرب للقيام بهذه العملية، ثم وجود دعم وتأييد دولي وإقليمي، حسب "شيخ علي".

 

وفي 5 تموز/ يوليو الجاري، طال قصف من طيران مجهول يعتقد أنه فرنسي أو مصري، التمركزات التركية في قاعدة "الوطية" العسكرية، ما تسبب بتدمير منظومة الدفاع الجوي التركية، الأمر الذي سارعت الديبلوماسية التركية لنفيه، مدعية عدم وقوع أي أضرار جراء القصف، لتعود مرة أخرى وتنفي مسألة القصف أساساً، في دليل واضح على حالة التخبط التي تمر بها تركيا جراء تدخلها السافر لدعم طرف على حساب الآخر.

 

بوادر التدخل المصري

 

وقال "شيخ علي" إن "بوادر هذا التدخل المصري، مع الغارة الجوية على قاعدة الجفرة التي استهدفت منظومات الصواريخ التركية قبل اكتمال تثبيتها، وعلى الرغم من أن الجهة التي قامت بتلك الغارة مجهولة، ولكنها تنحصر بين ثلاث دول، وهي مصر وفرنسا وروسيا".

 

وأضاف "لكن لابد من الاشارة أن التدخل العسكري المصري، سوف يشكل علامة فارقة في مجريات هذه المعركة، وذلك يعود للقوة العسكرية المصرية المتفوقة من حيث العتاد والتقدم الكبير الذي شهدته الترسانة العسكرية المصرية في الآونة الأخيرة، وكذلك الموقع الجغرافي الذي سوف يجعل مصر أقدر من الجانب التركي على خوض هذه المواجهة، وكذلك تركيز الجهود المصرية نحو هذه الأزمة بالذات، على عكس الجانب التركي المتغلغل في أزمات أخرى".

 

وبالتالي الجانب المصري، وحسب "شيخ علي"، يمتلك ميزة التفوق على الأرض مع دعم دولي، الأمر الذي يجبر الجانب التركي على التراجع فعلياً أو محاولة الالتفاف حول هذه المحاولة المصرية، على الجوانب السياسية أو في أزمات أخرى.

 

لا صدام عسكري

 

وقلل الباحث السياسي من احتمالية حدوث صدام عسكري مصري تركي في الساحة الليبية، وقال إن "العبرة يجب أن تأخذ من الدروس السابقة، ذلك أنه من غير المرجح بنسبة كبيرة الحديث عن صدام عسكري مباشر بين الجانبين، وأن هذا الصدام قد يقتصر على الأطراف الليبية مع وجود الدولتين خلف أسوار المعركة، وربما قد نتجه لسيناريو الهدن والحوار السياسي مثلما حصل في سوريا واليمن، كنوع من أنواع مجاراة أرض المعركة وتطوراتها، دون وجود حل جذري".

 

وأضاف أن "التدخل المصري سوف يعيد توازن القوى بين الطرفين، بل وسوف يجبر الطرف التركي على التراجع خطوة للوراء وإعادة الحسابات والتكاليف، والتي قد تكون كبيرة في حال الدخول بمواجهة مباشرة مع الطرف المصري".

 

وقال "شيخ علي" إن "موازين القوى حالياً، وخريطة الوضع، قد أغلقت الأبواب حالياً أمام الحلول السياسية والدبلوماسية، وربما يأتي التدخل المصري المدعوم دولياً لإعادة فتح هذه الأبواب أقلها، فحسم المعركة قد لا يعني نهاية الحرب بالضرورة".

 

ويرى مراقبون أن الملف الليبي يذهب باتجاه المزيد من التعقيد والضبابية، وسط تحول الساحة الليبية إلى "مركز بريد" لإرسال واستقبال الرسائل بين الأطراف المتصارعة، وآخر تلك الرسائل هي الغارات الجوية "المجهولة" على التمركزات التركية في ليبيا.