تعويلٌ على القمة المصغرة و"مجلس الأمن".. سيناريوهات ما بعد تعثر مفاوضات سد النهضة

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

 اختتمت أعمال جلسة المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، الاثنين، دون نتائج تذكر، في الوقت الذي يتبادل فيه الطرف المصري والإثيوبي الاتهامات بالتعنت، بينما أعلنت القاهرة عن مضيها قدماً في المسار القانوني والدبلوماسي، واستكمال تحريك الملف بمجلس الأمن الدولي الذي سبق وعقد جلسة قبل أسابيع حول الأزمة بناءً على شكوى مقدمة من القاهرة.

 

ولا تزال السيناريوهات "الضبابية" ذاتها تفرض نفسها على ملف الأزمة، بعد فشل الدول الثلاث في تجاوز الخلافات الفنيّة والقانونية المرتبطة بسد النهضة، وعدم التوصل لاتفاق، وفي الوقت الذي لا تزال تلوح فيه إثيوبيا بملء السد بقرار منفرد، بينما تعتبر القاهرة والخرطوم أن ذلك الموقف من شأنه أن يشكل تهديداً على أمنهما القومي.

 

وأعلنت الخارجية المصرية وفي أول تعليق لها على عدم التوصل لاتفاق، عن أن مصر ماضية في السبل التفاوضية والدبلوماسية وأن غايتها التوصل لاتفاق.

 

وكشف وزير الخارجية سامح شكري، في تصريحات إعلامية له مساء الثلاثاء، عن أن هناك قراراً متداولاً بمجلس الأمن باللون الأسود حول سد النهضة، مشدداً على ثقة القاهرة في آليات مجلس الأمن وأدواته، لاسيما أنه مطلع أولاً بأول على المفاوضات ونتائجها.

 

الخطوة التالية

 

والخطوة الإجرائية التالية بعد فشل المفاوضات في التوصل لاتفاق، يرصدها أستاذ الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، وهي محددة في أن تُرفع مذكرة نهائية إلى دولة جنوب إفريقيا (رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي)، وعليه تتم الدعوة لعقد قمة مصغرة بمشاركة رؤوساء الدول الثلاث (مصر والسودان وأثيوبيا) بالإضافة إلى كل من (كينيا والكونغو ومالي وجنوب إفريقيا) باعتبارهم دول المكتب الفني بالاتحاد.

 

لكنّه في السياق ذاته، شكك في مدى إمكانية توصل الرؤساء إلى اتفاق خلال تلك القمة، مع تعثر المفاوضات الفنية والقانونية، فيما رأى أنه من المتوقع أن يكون هنالك سعي لإقناع الجانب الإثيوبي بالعودة إلى المفاوضات من جديد، وأن تقدم أديس أبابا تنازلات للتوافق مع دولتي المصب.

 

ووضع فشل المفاوضات، الاتحاد الإفريقي، في مأزق شديد، ذلك بعد أن فشلت آلياته في حمل الأطراف الثلاثة على الاتفاق، بعد أن تمسك بدوره كمنظمة إقليمية قادرة على حلحلة الأزمات التي تواجهها دول القارة، وطلب ملف سد النهضة من مجلس الأمن بعد أن رفعته مصر والسودان إلى المجلس للبت فيه.

 

ولم تحدد لجنة التفاوض الخاصة بسد النهضة في مصر، موعداً لانعقاد القمة المصغرة، وقال عضو اللجنة د.علاء الظواهري، إن "الاجتماع سيكون قريباً". 

 

سيناريوهات في الأفق

 

ويعتقد رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث الإفريقية، الدكتور عباس شراقي، بأن هناك سيناريوهين رئيسيين في الأفق، السيناريو الأول مرتبط بانعقاد قمة مصغرة مع الاتحاد الإفريقي، على غرار القمة الأخيرة التي عُقدت برئاسة جنوب إفريقيا وتمخض عنها بدء جولة المفاوضات الأخيرة، يتم خلالها الاتفاق (على مستوى القادة) بدء اجتماعات فنية وقانونية جديدة، تتسم بالمرونة، مع وضع شرط عدم بدء الجانب الإثيوبي بملء السد.

 

بينما السيناريو الثاني، وهو الأكثر تعقيداً، فمرتبط بتعثر انعقاد القمة المصغرة، نتيجة الخلافات المستمرة، ومن ثمّ تستكمل مصر ما كانت قد بدأته قبل تدخل الاتحاد الإفريقي، وذلك من خلال السير بمسار "مجلس الأمن الدولي" باعتبار أن إصرار أديس أبابا على اتخاذ قرارات أحادية في هذا الشأن "يعتبر عدواناً على المصريين"، على حد قوله، بما يستلزم اتخاذ قرارات ملزمة بعدم الملء قبل الاتفاق.

 

ويُعول على "مجلس الأمن" الاضطلاع بمسؤولياته إزاء حفظ الأمن والسلم الدوليين، لما تمثله تلك الأزمة من تداعيات سلبية تنعكس على القارة بأكملها، وفي ظل حالة "عدم اليقين" من الآثار المحتملة للسد، الذي تحدثت بعض الدراسات عن احتماليات انهياره، ومع اعتبار القاهرة أن الإضرار بمصالحها المائية "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه، بما يتيح لها استخدام السبل المتاحة كافة لحفظ أمنها القومي.