روسيا تبحث عن بديل لحفتر.. ومحلل سياسي يكشف علاقة سيف الإسلام القذافي بذلك
اسطنبول ـ موسكو ـ نورث برس
كشف رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، المحلل السياسي الروسي "دينيس كوركودينوف"، الثلاثاء، عن نية روسيا التنسيق مع سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، بهدف تهيئته للمرحلة المستقبلية ما بعد الجنرال خليفة حفتر، الذي بدأ يخسر رضى الأطراف الدولية الداعمة له بسبب خسارته لعدد من المواقع الاستراتيجية.
وأواخر حزيران/ يونيو الماضي، ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية، أن "هناك شبكة من المؤامرات الرامية إلى تمكين سيف الإسلام القذافي من زعامة ليبيا، وإن خيوط تلك المؤامرات تقود إلى موسكو".
وأشارت الصحيفة إلى أن "هناك خطةً صادق عليها الكرملين لإعداد سيف الإسلام القذافي ليكون زعيماً لليبيا، بعد نحو عقد من الزمن على إطاحة الثوار بوالده".
وفي هذا الصدد قال "كوركودينوف" لـ"نورث برس"، إن "روسيا لم تؤكد رسمياً اتصالاتها مع سيف الإسلام، ومع ذلك وفي نهاية عام 2018، تحول الابن الأصغر لمعمر القذافي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطلب دعم ترشيحه لمنصب رئيس ليبيا، وبناءً على ذلك في تشرين الثاني/ فبراير 2019، وصل المستشاران السياسيان الروسيان مكسيم شوغالي وسامر سويفان إلى ليبيا، وكانا سيجتمعان مع سيف الإسلام وينظمان برنامجه الانتخابي".
وأضاف أن "هذا التطور للأحداث حقيقة، سهل أنه في عام 2019 ستجرى الانتخابات الرئاسية في ليبيا، ومع ذلك أدى هجوم القوات المسلحة لخليفة حفتر إلى تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، وتم القبض على مكسيم شوغالي وسامر سويفان من قبل أجهزة خاصة تابعة لحكومة الوفاق الوطني ووضعوا في السجن".
وتابع أن "هذا التحول الحاد في الصراع الليبي أجبر روسيا على تحويل انتباهها إلى خليفة حفتر، الذي كان من المتوقع أن يكون قادراً على التنافس مع فايز السراج وحماية المصالح الروسية في ليبيا".
وفي السياق ذاته كانت ذكرت "التايمز" البريطانية، أن "روسيا كانت تعلق الآمال على تحقيق نصر عسكري على حكومة الوفاق على يد حليفها حفتر، ولكن تلك الآمال ذهبت أدراج الرياح بعد الهزائم المتوالية التي منيت بها قواته".
وقال "كوركودينوف" إنه "الآن بعد أن واجهت قوات خليفة حفتر صعوبات كبيرة، وقد أصبح هذا ملحوظاً بشكل خاص بعد خسارة قاعدة الوطية العسكرية، تحاول روسيا مرة أخرى الاعتماد على سيف الإسلام، مما يخلق فرصة له للحصول على مهنة سياسية رفيعة المستوى".
دعم القبائل
ولفت إلى أنه "تحقيقاً لهذه الغاية تحاول موسكو أيضاً التأثير على أحمد قذاف الدم ابن عم معمر القذافي، والمسؤول السياسي لجبهة النضال الوطني الليبية، حتى يتمكن بمساعدة جهاز المخابرات العامة المصرية، من استئناف المفاوضات مع زعماء القبائل الليبية في القاهرة من أجل دعم سيف الإسلام".
وحسب التقارير الصادرة عن الصحيفة البريطانية فإن روسيا أعدت خطة لإطلاق حركة سياسية بزعامة "سيف الإسلام القذافي، أطلق عليها اسم "نهضة ليبيا" وتقترح الوثيقة مجموعة من الشعارات للترويج للحركة باللون الأخضر السائد في عهد القذافي، من قبيل "الرحمة والسلام، وليبيا الحازمة".
وفي هذا الجانب قال "كوركودينوف" إن "موسكو بحاجة إلى إنشاء سلطة مركزية قوية في ليبيا، والتي ستعترف بها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وفي هذه الحالة، سواء كان خليفة حفتر أو سيف الإسلام على رأس ليبيا هي قضية ثانوية لموسكو، الشيء الرئيسي هو أن الشخص الذي سيكون رئيس ليبيا الموحدة يحظى بدعم معظم القبائل الليبية".
ورأى أن "ترشيح سيف الإسلام مناسب جداً لمثل هذا الدور في ليبيا، فهو الوريث المباشر لمعمر القذافي، الذي يتمتع بسلطة كبيرة في الساحة الدولية ومحليًا، بالإضافة إلى ذلك، له تأثير على القبائل المحلية وهو على دراية بروسيا".
ولم تكن الصحيفة البريطانية وحدها من كشف عن تحركات الرياح الروسية صوب سيف الإسلام القذافي، بل إن وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية أيضا أشارت إلى أن شركة "فاغنر" الروسية تجري لقاءات مع سيف الإسلام بأوامر من القيادات العليا الروسية، بهدف تهيئته لتنصيبه زعيماً على ليبيا.
مصالح روسيا
وقال "كوركودينوف" إن "موسكو تعتمد من خلال سيف الإسلام، على المشاركة في مشاريع النفط والغاز الليبية، وكذلك على استعادة العقود الموقعة خلال فترة الجماهيرية، وخاصة بناء السكك الحديدية، ومن بين أمور أخرى فإن موسكو لديها مصلحة مباشرة في استعادة التعاون العسكري التقني واستخدام الموانئ الليبية لاستدعاء السفن الحربية الروسية".
وقال المحلل السياسي الروسي في نهاية حديثه لـ"نورث برس"، إن "خليفة حفتر يدعي أيضاً أنه زعيم وموسكو تحترمه، لكنه رجل عسكري، وهدفه الرئيسي هو مكافحة الإرهاب، في حين أن سيف الإسلام لديه خبرة في الحكم السياسي، وهو المرشح الرئيسي الجديد لمنصب رئيس ليبيا الموحدة، وعلى الرغم من ذلك فإن سيف الإسلام بالنسبة لموسكو هو شخصية بديلة في حالة تعرض خليفة حفتر لهزيمة ساحقة، وستواصل روسيا التعاون معه".
وتشهد الساحة الليبية تطورات متسارعة عنوانها الأبرز حالة عدم الرضى من قبل روسيا على التصعيد التركي والتدخل السافر في دعم طرف على حساب طرف آخر، يضاف إلى ذلك الدور المصري الرافض لأي تدخل أجنبي في ليبيا بمباركة من جامعة الدول العربية، الأمر الذي يزيد من ضبابية المشهد ويجعل الأمور أكثر تعقيداً، وسط غياب أي حلول تلوح في الأفق لإنهاء الصراع الدائر هناك.