"سد النهضة".. تطورات سلبية تهدد مهمة "الاتحاد الأفريقي" بالفشل

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

رغم دخول "الاتحاد الإفريقي" على خط الوساطة لحلحلة أزمة "سد النهضة"، وسعيه من أجل إيجاد حل توافقي يرضي الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، من خلال تشكيل لجنة فنية وقانونية لمناقشة القضايا العالقة، إلا أن تطورات سلبية شهدتها الأيام الماضية تكشف عن أن مُهمة الاتحاد مُعرضة للفشل، وتعيد للواجهة الحديث عن سيناريوهات جديدة تغلف مستقبل الأزمة.

 

وتمثلت تلك التطورات في إعلان الجانب المصري عن أن المفاوضات تراوح مكانها، في ظل استمرار الخلافات، في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، عن أن بلاده "سوف تواصل بناء السد وملء الخزان"، وأن الاضطرابات الأمنية الأخيرة التي شهدتها أديس أبابا عقب حادث مقتل مغنٍ بارز لن تثني بلاده عن المضي قدماً في ملف السد.

 

وإلى ذلك، حذّر وزير خارجية مصر، سامح شكري، من مغبة أي قرار أحادي بخصوص السد. في الوقت الذي ذكر فيه المتحدث باسم وزارة الري، محمد السباعي، أن "الجانب الإثيوبي لا يزال متعنتاً". مشيراً إلى استمرار الخلافات بين الدول الثلاث. كما أعلن عن أن بلاده قد حددت موعداً "الأحد المقبل" كحد أقصى لإنهاء المفاوضات حال عدم التوصل إلى اتفاق.

 

وما زاد الملف تعقيداً، إعلان القيادي السوداني بقوى الحرية والتغيير محمد وداعة، عن أن أديس أبابا "بدأت ملء السد بشكل سري"، مشيراً إلى "قلة المياة الواردة إلى السودان في شهر تموز/ يوليو الجاري".

 

فيما نفى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، بالأدلة، بدء أديس أبابا ملء سد النهضة، واعتبر أن هذه الأخبار ربما من أجل الاستهلاك الداخلي، لتهدئة الشارع الإثيوبي بعد مقتل المطرب الأورومي، واعتقال زعيم المعارضة هناك. وأوضح أن كل شيء مرصود بالأقمار الصناعية.

 

وقال إن الخلاف بين الدول الثلاث لا يزال قائماً، بينما الحوار جارٍ ومستمر، "لا يوجد توافق حتى الآن في المفاوضات التي يحضرها /11/ خبيراً بالإضافة إلى اللجنة الثلاثية المشكلة من الدول الثلاث، وكانت تلك الدول قد عرضت أمام الخبراء لإحاطتهم برؤية كل دولة، وتمت مناقشة النقاط الخلافية الفنية والقانونية، تبع ذلك لقاءات ثنائية بين الخبراء مع كل دولة على حدة"، ملمحاً إلى أن "المفاوضات قد تمتد بعض الشيء، والأهم ألا يبدأ الملء حتى تنتهي بالتوافق".

 

ويرى مراقبون أن ذلك السيناريو يفتح باب الحديث عن سيناريوهات بديلة، أولها ما أكدته القاهرة بخصوص إعادة الملف لأروقة مجلس الأمن، ليقوم بدوره في حماية الأمن والسلم الدوليين حال فشل مهمة "الاتحاد الإفريقي".

 

فيما عدّ مراقبون مصريون أن "اللجوء إلى المفاوضات من جديد وإلقاء الكرة بملعب الاتحاد الإفريقي كان نوعاً من المراوغة الدبلوماسية من أديس أبابا للتعامل مع قضية وصول الملف لمجلس الأمن من جانب مصر والسودان".

 

انهيار السد

 

وإلى ذلك، حذّرت مصر من انهيار "سد النهضة" وما يشكله ذلك من تهديد بإغراق السودان بأكلمه.

 

وقال وزير الموارد المائية والري الدكتور محمد عبد العاطي، في تصريحات تلفزيونية، إن "انهيار السد سيتسبب في موجة فيضان تدمر السودان كاملاً، وفقاً لدراسات وأبحاث أجرتها مصر، حيث ستكون الموجة بارتفاع /26/ متراً في الخرطوم وبعرض /150/ كيلومتراً".

 

وفي هذا الصدد، فندت دراسة للخبير السوداني الدولي في مجالات المياه والنقل والطاقة البروفيسور محمد رشيد قريش، حصلت "نورث برس" على نسخة كاملة منها عبر البريد الإلكتروني،  العوامل التي قد تدفع بانهيار السد، وحددت الآليات المختلفة لفشل السدود المحتمل في الظروف العادية، في تسعة أسباب، هي: (تسرب الأساس والأنبوبية في السد الخرساني، التسرب الركامي والأنبوبية في السد السروجي، التشوهات (العيب الشكلي)، الانزلاق، التدفق المؤدي إلى التآكل، الأضرار بحماية المنحدر، التردي، فشل البوابات).

 

وشددت الدراسة على أنه "إن كان  السد بالنسبة لأثيوبيا مسألة تنمية، ولمصر مسألة حياة (كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي)، فهو  للسودان قضية وجود".

 

ورصدت الدراسة "أمارات وعلامات" لانهيار السد، "تبدأ بالسمة الظرفية التي يشيد فيها، كعدم اليقين، والمخاطر التي تلفه كاختيار الموقع الخاطئ، مروراً بالدراسات الغائبة، والمعلومات غير المكتملة عن الأحمال، والظروف البيئية، وانتهاءً بتقويض سلامة السد، ثم وصولاً للانهيار المحتمل للسد، ومن ثم الفيضان الكسري بطعم /60/ مليون فدان-قدم".