وصفت بأنها خطوة استفزازية.. تركيا تختبر منظومة (S400) على مقاتلات أمريكية

اسطنبول ـ نورث برس

 

أفادت أنباء واردة من القاعدة الجوية العسكرية التركية "مورتد" في العاصمة أنقرة، عن إجراء القوات المسلحة التركية اختبارات لمنظومة الدفاع الجوي (S400) على مقاتلات حربية أمريكية، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أن تركيا تعمل على إرسال رسائل استفزاز لعدد من الأطراف من وراء تلك الاختبارات.

 

ونقلت عدة مصادر عن صحيفة "Fighter Jets World" التركية، أمس الثلاثاء، بأن منظومة (S400) المرابطة في قاعدة "مورتد" الجوية التركية يتم اختبارها على مقاتلات "F-16 Viper" و"F-4 Phantom II" أمريكية الصنع.

 

وأضاف المصدر ذاته، أن المقاتلات الأمريكية لوحظت بالقرب المباشر من القاعدة الجوية، حيث يقع رادار مخصص لاكتشاف الأهداف الجوية السريعة المحلقة على ارتفاع منخفض في ظروف تأثير وسائل الحرب الإلكترونية، مشيرة إلى أن الاختبارات ستظل مستمرة حتى الـ 26 من شهر تموز/يوليو الحالي.

 

وعن تلك الخطوة التركية المثيرة للجدل، ومدى الجرأة التي تملكها تركيا لإجراء اختبارات على المقاتلات الحربية الأمريكية، أوضح المختص بالعلاقات السياسية المحلل التركي "إبراهيم آغا أوغلو" لـ"نورث برس"، أن "اختبار تركيا لمنظومات (S400) على مقاتلات أمريكية نقطة تحول في العلاقات بين أنقرة وواشنطن".

 

وأضاف، "فإلى جانب الكشف عن مدى فعالية كل من المنظومة الروسية وطائرة (F35) الأمريكية، ترى أنقرة نفسها مضطرة للحصول على البدائل في حال لم تحصل على تلك الطائرة الأمريكية؛ فبالنسبة لتركيا تقع اللائمة على حلفائها لأنهم لم يتركوا لها سوى خيار شراء المنظومة الروسية في ظل حاجة ملحة لضمان حماية حدودها، بينما رفض الأمريكيون تزويدها بمنظومة باتريوت الدفاعية".

 

وفي تموز/يوليو 2019 ، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تعليق مشاركة تركيا في برنامج مقاتلات (F35)، رداً على شراء أنقرة لمنظومة (S400) من روسيا.

 

وقال "آغا أوغلو"، إن "واشنطن أعلنت وقف تسليم طائرة (F35) لتركيا، لكن أنقرة تسعى للموازنة بين منظومة (S400) وطائرات (F35) باعتبارها شريكة بمشروع إنتاج هذه الطائرة وليست مجرد مشتريه، وكذلك تسعى للحصول على منظومة باتريوت الأمريكية، وبالتالي هي تحاول الموازنة في العلاقات بين واشنطن من جهة وموسكو من جهة أخرى بشكل بالغ الدقة".

 

وأضاف أنه وعلى الرغم من أن أنقرة ترى أنها لم تتعهد لأي طرف بعدم شراء ونشر المنظومة الروسية، إلا أنها لم تغلق جميع الأبواب في وجه الغرب وترى أنها بحاجة ماسة لحماية حدودها من جميع الجهات، وهنا تبرز علاقة تركيا بحلف الناتو "ولعلّ القضية الأكثر تأثيراً في مسار هذه العلاقات هي العمليات التركية في شمال شرقي سوريا والتي تعتقد تركيا أن مواقف حلفائها منها لم ترقَ للمستوى المطلوب".

 

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، قال في تصريحات سابقة، إن تركيا لا يمكن أن تستغني عن منظومة الدفاع الجوي(S400) والصفقة التي عقدتها مع روسيا في هذا السياق، مضيفاً أن أمريكا لم تعط تركيا منظومة الباتريوت، فعقدنا صفقة مع روسيا، ولا يمكننا أن نستغني عنها.

 

ووسط كل ذلك التعنت التركي لا تزال تداعيات تسلّم تركيا منظومة (S400) الروسية، تتفاعل بين واشنطن وأنقرة، في حين يرى مراقبون أن أمريكا لا تريد لتركيا الابتعاد عن الغرب والتقارب مع روسيا، إلا أن تركيا تواصل استفزاز واشنطن وقد ألمحت مرات عدة حول نيتها بشراء أسلحة من روسيا عقب أزمة طائرات (F35) مع أمريكا.

 

اقتراب من موسكو

 

ورأى "أغا أوغلو" أن "تعاطي الروس مريح أكثر بالنسبة لتركيا خصوصاً بعد تسلم منظومة الصواريخ واتفاقية سوتشي بخصوص سوريا، والرغبة المبطنة لتركيا بعقد صفقة لشراء طائرات سوخوي (35) و(57) الروسية، وهو ما سيعزز أكثر فأكثر ابتعاد أنقرة عن حلفائها الغربيين واقترابها من موسكو".

 

ويرى مراقبون أن ما تقوم به تركيا يندرج في إطار "تحديها" لأمريكا، الأمر الذي سيكون له تداعيات خطيرة على البيت الداخلي التركي، خاصة وأن الشارع التركي لم يعد يقبل بفتح أبواب الاستفزاز ما بين تركيا ودول المنطقة لما له من انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي التركي، وسط الأصوات التي تتعالى مطالبة أردوغان بالاهتمام بالشأن الداخلي بعيداً عن عقد تحالفات مع أطراف على حساب أطراف أخرى.

 

وفي هذا الجانب أشار "آغا أوغلو" إلى أن "صفقة (S400) تمثل بداية تحول استراتيجي في علاقات تركيا إذ باتت تعزز علاقاتها مع روسيا العدو التقليدي لحلف الناتو التي تحمل تركيا عضويته، وهو ما يفسر تعاون واشنطن اللين مع أنقرة حتى لا تدفعها أكثر لتعزيز علاقاتها مع موسكو".

 

وقامت تركيا في 25 تموز/يوليو 2019، بإتمام المرحلة الأولى من تسلم منظومة الدفاع الروسية (S400)، رغم التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة.