ضربات متتالية تتعرض لها تركيا في ليبيا.. ومراقبون: استهداف الوطية خيبة أمل لأنقرة

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

كشفت الضربات المتتالية التي تلقتها تركيا في ليبيا بداية الأسبوع الجاري، عن تخبط واسع في صفوف أنقرة وحكومة الوفاق بقيادة فائز السراج.

 

والبداية كانت مع ضربات جويّة متتالية، من طيران "مجهول"، الجمعة، استهدفت منظومة دفاع جوي تركية داخل قاعدة الوطية (التي سيطرت عليها الوفاق مدعومة من تركيا والميلشيات في أيار/  مايو، والتي تعتبر نقطة استراتيجية مُهمة)، أسفرت عن تحييد المنظومة بالكامل.

 

واستهدفت الضربات (/9/ غارات جوية) بشكل مركز، رادارات ومنظومات دفاع جوي من طراز "هوك" ومنظومة "كورال" للتشويش، ليتم تدمير المنظومة التركية.

 

وطبقاً للمعلومات التي ساقها المفكر الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج (مدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية سابقاً)، في تصريحات إعلامية له، فإن المنظومة التي تم تدميرها "هي الأحدث عالمياً"، وأن تدميرها جاء بعد ساعات قليلة من تجهيزها، فيما يعد "ضربة على أعلى مستوى" بعد التشويش على الرادارات بضربة إلكترونية.

 

يأتي ذلك بالإضافة إلى عمليات تم خلالها تدمير آليات عسكرية تابعة للميلشيات التابعة لحكومة الوفاق في مدينة براك الشاطي (جنوبي ليبيا).

 

وتواترت أنباء بأن العمليات تجددت أمس الاثنين، واستهدفت القاعدة، إذ أسفرت عن مقتل عدد من الضباط الأتراك، وآخرين.

 

ونشطت مقاتلات سلاح الجو التابعة للجيش الليبي، خلال الأيام الماضية، وتمكنت من تكبيد الجانب التركي والعناصر المدعومة منه خسائر واسعة، طبقاً لشعبة الإعلام الحربي الليبي التابعة للقوات المسلحة الليبية. وذلك بعد تراجع القوات المسلحة الليبية قبل أسابيع بشكل مفاجئ، وهو التراجع الذي وصفته بـ "الاستراتيجي".

 

فعاليات مناهضة

 

وفي السياق، نشطت فعاليات شعبية مناهضة للتدخل التركي، عبّرت عنها التظاهرات داخل مدينة بنغازي، مؤخراً، والتي عكست افتقاد أنقرة للحاضنة الشعبية داخل ليبيا. وعبر المتظاهرون عن رفضهم لـ "الاحتلال التركي" ودعمهم لعمليات القوات المسلحة الليبية.

 

ويظهر الرفض الشعبي للتدخل التركي، والضربات العسكرية القاصمة التي تتعرض لها تركيا وحلفائها في الوطية من "طيران مجهول"، مدى تخبط تركيا وحلفائها في ليبيا بشكل واسع، بحسب مراقبين.

 

ويأتي هذا في الوقت الذي أقرت فيه تركيا بالعمليات الأخيرة، كما اتهمت حكومة الوفاق "طيراناً أجنبياً" باستهداف الوطية دون تحديد هويته.

 

وجاء توقيت الضربات بعد مباحثات تركية مع حكومة الوفاق، استمرت على مدار يومين (الجمعة والسبت الماضيين) للاتفاق على استخدام تركيا قاعدتين عسكريين في ليبيا (الوطية إحداهما).

 

واعتبر محللون تلك الضربات أنها "رسائل قوية" شعبية وعسكرية، لتركيا، لردعها عن أي تجاوز للخط الأحمر (سرت والجفرة) الذي سبق وتم تحديده من جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

 

رسائل

 

وطبقاً لعضو البرلمان الليبي، سعيد أمغيب، فإن خروج الشعب الليبي – في تظاهرات بنغازي- بعد تعرض قاعدة الوطية للقصف هو بمثابة رسائل مباشرة لعددٍ من الأطراف. الرسالة الأولى التي تحدث عنها هي رسالة لـ "تركيا" بأن تدخلها غير مقبول شعبياً وعليهم الخروج وأن الشعب الليبي لن يفرط في ذرة تراب واحدة.

 

والرسالة الثانية هي للمجتمع الدولي الذي عليه "احترام إرادة الليبيين" الرافضين لتركيا وحكومة الوفاق. بينما الرسالة الثالثة للوفاق التي وصفها بـأنها فرطت في سيادة ليبيا، وقال إنها رسائل بعدم شرعية تلك الحكومة.

 

ويأتي ذلك في الوقت الذي هددت فيه حكومة الوفاق، في بيان، بالرد "في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة" على قصف الوطية.

 

عمليات

 

وطبقاً لمصدر عسكري ليبي مسؤول، تواصلت معه "نورث برس" عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، فإن "العمليات التي حدثت، لن تكون الأخيرة من نوعها.. القوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر أكدت عدم تفريطها في ذرة رمل من تراب ليبيا، وسنلقن المحتل التركي وميلشياته ومرتزقته دروساً قاسية".

 

وتابع: "هذا حق شرعي وأكيد من حقوق الجيش الليبي، ونؤكد للشعب الليبي أن الجيش قادر عن حماية أرض الوطن"، مشيراً إلى التأييد الشعبي الذي تحظى به تلك العمليات، من منطلق الرفض الشعبي لـ "الاحتلال التركي" ومناداة الليبين بضرورة خروجه من ليبيا.

 

ولوحت تركيا، الاثنين، بخططها التي تتجاوز الخط الأحمر الذي حددته مصر (سرت والجفرة)، ونشر المكتب الإعلامي للرئاسة التركية، خريطة أوضح عليها "قاعدة الجفرة" واعتبرها ضمن الأهداف التركية في ليبيا، وقال إن القاعدة مع مدينة سرت هي "مفتاح للسيطرة على الموارد النفطية".

 

استنفار

 

وتأتي تلك التطورات في الوقت الذي تحشد فيه تركيا وحلفائها في ليبيا قواتها على خطوط التماس الأمامية في مصراتة وسرت، في الوقت الذي يعتقد فيه محللون بأن "تركيا غير قادرة على استفزاز الجيش المصري والدخول في مواجهة مباشرة معه بتجاوزها الخط الأحمر في سرت والجفرة" على أساس أن العوامل الاستراتيجية تصب في صالح الجانب المصري الذي تربطه حدود مع ليبيا.

 

واحتفى سياسيون وبرلمانيون مصريون بالضربات التي تلقتها القوات التركية في ليبيا، واعتبروا أنها بمثابة ردع لأردوغان. وقال البرلماني المصري مصطفى بكري، عبر تويتر: "أردوغان لا يزال في حالة فقدان توازن بعد تدمير كامل دفاعاته الجويه وقتل /53/ من ضباطه وجنوده ومليشياته في قاعدة الوطية..  عظمة الضربه أنها جاءت بعد ساعات قليلة من تصريحات وزير الدفاع التركي الذي قال  إن بلاده ستبقي إلى الأبد في ليبيا"، متسائلاً: "هل لا يزال أردوغان يفكر في الاستمرار في ليبيا؟".