أردوغان يغلق أهم جامعة خاصة في اسطنبول أسسها خصمه السياسي أحمد داوود أوغلو
اسطنبول ـ نورث برس
أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الثلاثاء، قراراً يقضي بإغلاق جامعة "إسطنبول الشهير" الخاصة والتي أسسها رئيس الوزراء التركي السابق ورئيس حزب "المستقبل" المعارض أحمد داوود أوغلو.
ويرى مراقبون أن لقرار أردوغان هذا دوافع سياسية للضغط على أوغلو والانتقام من خصمه السياسي الأبرز على الساحة التركية.
ونشرت الجريدة التركية الرسمية، أمس الثلاثاء، قراراً موقعاً من أردوغان، يقضي بإغلاق جامعة "اسطنبول شهير" ونقل إدارتها إلى جامعة مرمرة التابعة للحكومة، إثر دعاوى قضائية تواجهها الجامعة على خلفية الأرض التي بنيت عليها، إذ يعتبر القرار ضربة لأحمد داوود أوغلو، بحسب مراقبين.
ويدعي حزب العدالة والتنمية الحاكم التابع لأردوغان، أن الأرض التي بنيت عليها الجامعة عليها أقساط بنكية من "خلق بنك" بقيمة /300/ مليون ليرة تركية، وأن الجامعة تأخرت بسدادها ما دفع بالبنك لرفع دعوى قضائية ضد داوود أوغلو.
دعاوى قضائية
كما رفعت غرفة المهندسين المعماريين الأتراك عدة دعاوى قضائية بشأن نقل أرض تابعة للدولة إلى الجامعة، ثم عرضتها الجامعة كرهن وحصلت على قرض من "خلق بنك" بمبلغ /300/ مليون ليرة تركية لبناء حرمها الجامعي، لكن مجلس الدولة أوقف الضمانات الائتمانية للجامعة ووضع يده على أصولها في جميع البنوك.
وبعد رفض الجامعة قرار الحجز على أموالها، قال "خلق بنك"، في بيان، إن الجامعة تأخرت في تسديد ديونها، وإنه أبلغ الجامعة، في 3 نيسان/ أبريل 2019، بتأخر سداد أصل القرض مع الفوائد، لكنها لم تتابع الموضوع.
وكان أردوغان قال في وقت سابق من العام 2019 عن قضية أرض الجامعة، "قمت بتخصيص الجامعة عندما كنت رئيسًا للوزراء، وعندما وصل داوود أوغلو لرئاسة الوزراء نقل ملكية الأرض إلى جامعة اسطنبول شهير، وهو الذي لم يحصل أبدًا في تركيا".
كما اتهم أردوغان القائمين على الجامعة بأنهم حاولوا الاحتيال على البنك وطلبوا قروضاً من البنك وقام البنك بمنحها، لكنهم لا يقومون بالسداد كما هو متفق عليه، وأن الديون المتراكمة على الجامعة /417/ مليون ليرة تركية.
رفض للاتهامات
من جهته رفض داوود أوغلو اتهامات أردوغان، مطالباً البرلمان التركي بالكشف عن أملاك جميع رؤساء الجمهورية ورؤساء الوزراء وجميع مديري مؤسسات الدولة، متسائلاً، أن ما كان قانونياً بالأمس لا يصبح مخالفاً للقانون عند الاختلاف بالآراء السياسية؟. في إشارة للخلافات الحادة بينه وبين أردوغان.
وعقب إصدار أردوغان للقرار أمس، خرج داوود أوغلو بتصريحات قال فيها إن "إغلاق جامعة اسطنبول شهير على يد حكومة حزب العدالة والتنمية بمثابة انقلاب على قيم الحرية والتعليم والشباب ومستقبل تركيا".
وأضاف أن "قرار إغلاق الجامعة بتوقيع من رئيس الجمهورية يظهر لنا رؤيتهم لمستقبل تركيا، وأن حزب أردوغان الحاكم لا يوجد عندهم مكان للاختلاف بالرأي ويريدون فرض رأيهم على الجميع دون قيد أو شرط".
وتابع أن "رئيس الجمهورية وكل من شاركوا بهذا القرار يعرفون جيداً أن الحجج التي تذرعوا بها لا تمت للحقيقة بصلة".
وقال أيضاً إنهم "أرادوا إغلاق الجامعة لأنهم يريدون عقلية الرجل الآلي في تسيير الأمور وبسبب عدم رضاهم عن استقلالية الجامعة، ولو كانت المشكلة مالية لكانوا استطاعوا إنقاذ الجامعة تحت بند دعم المؤسسات التعليمية في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، لكن الحقيقة غير ذلك".
مسألة سياسية
وتعليقاً على ذلك قال المحلل السياسي التركي "مهند أوغلو" لـ "نورث برس"، إن "هذه المسألة مسألة قضائية بخلفية بنكية، رغم محاولات البعض جعلها سياسية بخلفية خلافية بين الرئيس التركي ورفيق دربه السياسي أحمد داوود أوغلو، والقضاء التركي وبحسب المعطيات لديه فإن بعض الالتزامات المالية لم تسدد وعليه صدر الحكم بإغلاق الجامعة".
وأضاف أنه "مما لا شك فيه أن الخلافات في الرؤى السياسية لدى داوود أوغلو هي التي جعلته ينشق عن حزب العدالة والتنمية ومن ثم يؤسس حزبه الجديد (المستقبل)".
وأشار إلى أن "تصريحات داوود أوغلو ضد الحكومة التركية فيها جانب من الموضوعية وتوجد لدى الحكومة التركية بعض الأخطاء".
ورأى أن تلك التصريحات "ربما تكون أيضاً محاولة لاستقطاب بعض الشباب لصفوف حزبه الجديد والتهيئة للمعركة الانتخابية القادمة في عام 2023، ويحاول أن يضغط على الحكومة لإجراء انتخابات مبكرة، لكن أردوغان أكد أن الانتخابات ستكون في موعدها في 2023".
وتأسست جامعة "إسطنبول شهير" عام 2008 في ولاية اسطنبول وبدأت عامها الدراسي عام 2010/2011، وحضر حفل الافتتاح الرئيس التركي السابق "عبد الله غل"، ورجب طيب أردوغان عندما كان رئيساً للوزراء.
وأعلن داوود أوغلو، في 13 أيلول/ سبتمبر 2019، استقالته من حزب العدالة والتنمية رسمياً، وذلك بعد أسبوعين من قيام اللجنة التنفيذية في الحزب بإحالته وثلاثة أعضاء آخرين إلى اللجنة التأديبية في الحزب، تمهيداً لاتخاذ قرار بفصلهم نهائياً، ليعلن بعد ذلك عن إطلاق حزبه الجديد الذي حمل اسم "المستقبل".