مصدر ليبي: انطلاق تركيا نحو الهلال النفطي في ليبيا يشكل خطراً على مصر

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

قال مصدر ليبي، الاثنين، إن إعلان تركيا عزمها "احتلال" محور الجفرة -سرت، والانطلاق نحو الهلال النفطي وأن تكون تركيا قرب الحدود المصرية، كل ذلك شكل عامل خطر على مصر.

 

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تحدث عن أن تدخل الجيش المصري في ليبيا هو لحماية الأمن القومي المصري والليبي والعربي بأكمله، وهو حق بموجب القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة.

 

التدخلات التركية

 

وقال أستاذ القانون الدولي الليبي، الدكتور محمد الزبيدي، في تصريحات خاصة لـ "نورث برس"، إن "تركيا تعتبر ليبيا ولاية عثمانية، وأردوغان يقدم نفسه على أنه بطريقه لإحياء الإمبراطورية القديمة من جديد، وأن ليبيا وممتلكاتها وثرواتها ملك للإمبراطورية العثمانية، وخرج قبل أسبوعين أمام وسائل الإعلام وشرح على خريطة ليبيا المدن والقرى التي تسيطر عليها تركيا وتلك التي تسعى إلى السيطرة عليها".

 

ولفت "الزبيدي" إلى أن إعلان تركيا عزمها "احتلال" محور الجفرة -سرت، والانطلاق نحو الهلال النفطي وأن تكون تركيا قرب الحدود المصرية، كل ذلك شكل عامل خطر على مصر، التي دفعت بالحلول السياسية طيلة الفترة الماضية، لكن الآن "يبدو أن الحلول السياسية لم يعد لها مكان طالما أن هؤلاء (تركيا وحلفاؤها) مازال همهم الأكبر السيطرة على ليبيا وثرواتها".

 

وتكمن الأهمية الاستراتيجية لذلك المحور، كونه محور الهلال النفطي، فيما يشكل تواجد القوات التركية فيه تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، لاسيما أنه يبعد عن الحدود المصرية قرابة الألفي ونصف كيلومتر، ما استنفر القيادة المصرية للدفاع عن أمنها القومي، وبعث السيسي برسائل مباشرة محدداً الخطوط الحمراء لتركيا، وهي الرسائل التي حظيت بعدد من ردود الأفعال المؤيدة على الصعيد العربي والدولي، ممثلة بشكل خاص في بيانات الدعم من السعودية والإمارات، وموقف أمريكي مرن، ومواقف أوروبية مختلفة.

 

وقال الزبيدي: "الآن الأتراك يعربدون في ليبيا دون رادع، ولهذا السبب كان على مصر أن تقوم بواجبها ودورها المهم في حماية أمنها وأمن ليبيا والمنطقة العربية ككل، لاسيما أن الليبيين جميعهم -باستثناء الموالين لتركيا والمجاميع الإرهابية وفصائل الإسلام السياسي- يدعمون ويؤيدون الدور المصري".

 

سيناريوهات

 

ويختلف مراقبون حول "السيناريوهات" المرتقبة على المدى القصير جداً، فيما يخص ردة الفعل التركية، وما إن كانت أنقرة ستمضي في طريقها نحو محور سرت-الجفرة متجاوزة الخطوط الحمراء التي رسمتها مصر، أم أن رسائل مصر سوف تشكل ردعاً من أجل العودة الليبية إلى طاولة المفاوضات ووقف إطلاق النار وتقدم تركيا وحلفائها نحو المحور الأهم من الناحية الاستراتيجية بالنسبة لجميع الأطراف.

 

وبهذا الخصوص يرى بعض المراقبين، بأن "تركيا ستعمل أولاً على التصعيد من أجل اختبار مدى جدية التهديدات المصرية" ومن ثم تبني مواقفها التالية، لاسيما أن السياسة التركية دائماً ما تأتي في إطار ارتكاب الفعل ثم انتظار ردود الأفعال، كما سبق وفعلت من خلال التدخل في ليبيا، وبينما لم تجد رادعاً واصلت دورها. 

 

 

بينما يميل مراقبون آخرون إلى اعتبار أن تركيا سوف تعمد إلى تراجع استراتيجي، لاسيما أنها في حل عن أي مواجهة عسكرية قد تفتعلها مع مصر على الأراضي الليبية، باعتبار أنه من الناحية الاستراتيجية الأمر أسهل لمصر المجاورة إلى ليبيا، بينما تركيا ستضطر في حال المواجهة نقل عتاد وجنود عبر البحار وهو ما يضعف موقفها استراتيجياً في أية مواجهة قد تفتعلها مع مصر.

 

بدوره يلفت السياسي الليبي، محمد العباني، رئيس المؤتمر الوطني الليبي الجامع، والذي يعتقد بأن "الحرب" هي خسارة للجميع، وخاصة بالنسبة لليبيين، مشدداً على أهمية "الجلوس على طاولة الحوار (..) مع  تسليم القتلة والمجرمين للقضاء، من أجل مصالحة وطنية شاملة".

 

تطورات متسارعة

 

وشهد الملف الليبي خلال الشهور القليلة الماضية، تطورات متسارعة، تفتح الباب أمام نذر تغير واسع للصراع في المنطقة، وتموضع تركيا.

 

وبدأت تلك التطورات بشكل لافت مع التدخل التركي المباشر في ليبيا، حتى جاء الرد المصري -بعد اقتراب تركيا من الخطوط الحمراء الممثلة في محور سرت/ الجفرة- برسائل تهديد مباشرة بعث بها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لدى تفقده القوات المسلحة على الحدود الغربية بالقرب من حدود ليبيا، شملت التلويح بتدخل مصر، مستنداً على أساس من الشرعية الدولية، لحماية الأمن القومي.

 

وشهدت الفترة منذ التدخل التركي في ليبيا -والذي ضربت أنقرة من خلاله عرض الحائط بالقرارات الدولية ذات الصلة بالشأن الليبي- وبين الموقف المصري، محاولات لاسترداد الملف الليبي إلى الطاولة السياسية، بداية من مؤتمر برلين وحتى إعلان القاهرة الهادف لوقف إطلاق النار والشروع في العملية السياسية.

 

بينما بدا الدور التركي -بشهادة مراقبين- معرقلاً لمحاولات التوصل لصيغة حل سياسي توافقي، حتى صعدت أنقرة من دعمها لحكومة الوفاق والميليشيات في طرابلس بما أسهم في تراجع "الجيش الوطني الليبي"، مع اقتراب تركيا وحلفائها من محور سرت-الجفرة على مقربة من الحدود المصرية، فجاءت الوقفة المصرية.

 

ويعتقد مراقبون، بأن المجتمع الدولي الآن -وبعد الموقف المصري- عليه أن يعي أن المنطقة صارت أمام نُذر مواجهة قوية تهدد الأمن والسلم الدوليين، وعليه التدخل بإيجابية وبمواقف عملية من أجل حسم الملف من خلال الوقوف أمام انتهاكات القرارات الدولية في ليبيا على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، وبالتالي فإن الموقف المصري يأتي ليزيد سخونة المشهد ويحشد المجتمع الدولي ويضعه أمام مسؤولياته.