تركيا تعترف أن النفط ما يهمها في ليبيا.. وباحثون: كشفت عن أطماعها وأهدافها

اسطنبول ـ نورث برس

 

ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، صراحة إلى الهدف من التدخل التركي في ليبيا، حيث نقل الإعلام الرسمي التركي على لسانه، أن "مدينة سرت (/450/ كم عن طرابلس العاصمة) ومحيطها مهمة جداً لوجود آبار نفط فيها".

 

وأثارت تلك التلميحات العديد من التساؤلات في وقت تقول فيه تركيا إن هدفها هو دعم حكومة الوفاق الوطني، وأنه لن يكون هناك أي أطماع أخرى، حسب مراقبين.

 

آمال وحشود عسكرية

 

وفي هذا الصدد قال بشار شيخ علي، الباحث السياسي السوري المتخصص في العلاقات الدولية، لـ نورث برس"، إنه "لم تمض أيام قليلة، على بزوغ بوادر أمل جديدة فيما يتعلق بالأزمة الليبية، مع إعلان المبادرة المصرية، ولكن يبدو أن الحسابات في الواقع لم تتم مراجعتها بشكل دقيق، إذ أن تلك الآمال أسقطتها حكومة الوفاق على الفور مع إعلان المتحدث العسكري باسم الحكومة العقيد "قنونو" عدم الحاجة إلى مبادرة جديدة واستمرار توجيه الحشود العسكرية إلى مدينة سرت الليبية بؤرة الصراع حاليا".

أوراق اللعبة

وأضاف أنه "مما لاشك فيه أن تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول مدى حساسية وأهمية مدينة سرت وذلك لوجود آبار النفط والغاز فيها، كشف أوراق اللعبة أمام الرأي العام العالمي ومدى أطماع التدخلات الخارجية، ويتوازى ذلك مع وجود تقارير تتحدث عن إرسال تركيا فرقاطة عسكرية ثالثة للمياه الليبية للمشاركة في معركة سرت".

 

ويقول الإعلام الرسمي التركي، إن هناك موجات نزوح من مدينة سرت بسبب الاشتباكات الدائرة في محيطها، إلا أن مصادر متعددة نفت هذا الأمر بشكل صريح، "ما يدل على أن هناك رسائل موجهة لترهيب السكان لإفراغ المدينة من أهلها"، بحسب مراقبين.

 

وأوضح "شيخ علي" أن "رفض حكومة الوفاق للمبادرة، يمكن القول إنه مرهون بعدة عوامل، وأهمها التدخل التركي الصريح عسكرياً ومادياً، ودفعه لحكومة الوفاق والمرتزقة للتقدم نحو جبهة سرت للأهمية الاستراتيجية التي تحدث عنها أردوغان".

 

وتتمحور النقطة الثانية، حول الخلل الحاصل في الجانب الشرقي من البلاد وذلك تكشف بعد تراجع الجيش الوطني الليبي عن حدود طرابلس وخسارته لـ"ترهونة"، وحالياً مشارف مدينة سرت باتت خارج نطاق السيطرة لصالح حكومة الوفاق.

 

سبب الضعف

 

ويجري الحديث عن أن "سبب الضعف بالأساس مقرون بشخص حفتر ومحاولة تصعيد عقيلة صالح لتحقيق بعضٍ من التوازن، وأن خوف حكومة الوفاق يتجلى بالأساس من أن الهدنة سوف تتيح للطرف الآخر العودة لتحقيق المكاسب وتدعيم الصفوف، مما يعني عدم توافر جو الثقة المطلوب للحديث عن هدنة أو مفاوضات"، بحسب "شيخ علي".

 

وقال إن "ذلك يدل على خروج الأمور عن سيطرة الليبيين تماماً، ذلك أن عدم دفع وإجبار الداعم الأساسي لقبول فكرة الحوار سيجعل أية محاولة للتفاوض تبوء بالفشل، وأن الداعمين بطبيعة الحال بينهم خلافات معقدة وشائكة في الكثير من القضايا، بالتالي ليبيا هي مجال لهذه الصراعات الإقليمية".

 

وأشار إلى أن الوضع الحالي "ينذر بالتصعيد العسكري وقد تكون معركة طويلة الأمد في حال استمرار توجه الحشود إلى تلك المدينة، بالتالي الحديث عن هدنة في جو عدم الثقة الذي يخيم بظلاله على الأزمة الليبية لن يأتي بشيء في وجه لغة السلاح والعسكرة المستمرة والتدخلات الخارجية في الوضع الليبي".

 

النفط والغاز

 

ومن الردود الغاضبة عقب تلك التصريحات ما أفاد به الصحفي المغربي "محمد واموسي" والذي نشر على صفحته في "فيسبوك" أن "أردوغان لا يهمه من ليبيا سوى النفط والغاز، وفي سبيل ذلك يرسل إليها جنوده ومرتزقته وبوارجه وطائراته الحربية".

 

لكن المشكلة الآن ليست في أردوغان "فالرجل واضح وأطماعه في ثروات ليبيا يقولها بشكل علني، المشكلة في حريمه (حريم السلطان) الذين يباركون له نفط ليبيا، يسرقه ويبيعه ويبتلع عائداته كما يشاء، وإن قلت لهم ليس من حقه سرقة نفط الليبيين يردون عليك: "وماذا عن جمال خاشقجي؟"، بحسب "واموسي".

 

رفض وتعنت

 

وقال الباحث السياسي المصري "محمود أبو حوش" لـ "نورث برس"، إنه على خليفة مبادرة إعلان القاهرة، وما لحق ذلك من ردود فعل دولية وإقليمية ترحب بالمبادرة، إلا أن حكومة الوفاق أخذت نهج السياسة التركية في عدم الرضوخ لأي تسوية سلمية ورفضت المبادرة وتعنتت بموقفها أكثر مما كانت عليه في السابق "ظننا أنه من الممكن أن تتمدد أكثر بميليشياتها في مناطق سيطرة الجيش الليبي".

 

وأضاف أنه "في الحقيقة موقف الوفاق المتعنت يأتي بدافع تواجد الميليشيات التركية، ولذلك كان من الجدير أن يذكر المشير خليفة حفتر والرئيس السيسي ضرورة انحساب الميليشيات التركية قبل الجلوس على طاولة التفاوض مع الوفاق، وهذا شرط أساسي لتسوية الخلاف الليبي، لأنه ليس من الطبيعي أن تكون هناك هدنة طالما تشعل تركيا الصراع على الأراضي الليبية، لأهداف سياسية في تدعيم مشروع الإخوان المسلمين في المغرب العربي والذي تجد منه في ليبيا أرضاً خصبة للنمو بعد فشله على الأراضي المصرية".

 

وتابع أن "لتركيا أهداف اقتصادية تكمن في استغلال الثروات الليبية في البحر المتوسط وجعل ليبيا سوقاً لمنتجاتها، ودعم مشروع إعادة الأعمار بالشركات التركية لتعزيز التواجد في الشط الجنوبي من البحر المتوسط".

 

كما أن لها أهداف استراتيجية، وربما أهداف تركيا في ليبيا تكمن في تهديد النفوذ المصري بالمنطقة وزعزعة استقراره، وهي الآن ترى في تواجد الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في الجبهة الشرقية عائقاً لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، حسب "أبو حوش".

 

وأضاف أن "مبادرة القاهرة من الممكن أن ترى النور في حالة خروج ميليشيات تركيا المهددة لاستقرار ليبيا، في هذا التوقيت لن تجد حكومة الوفاق مفرّاً من الرضوخ لطاولة التفاوض".

 

ويلقى التدخل التركي في ليبيا حملات تنديد واسعة من جهات عربية وغربية، مطالبين تركيا بسحب قواتها والمقاتلين الأجانب الذين استجلبتهم للقتال في ليبيا، فيما يؤكد مراقبون أن تركيا هي الطرف الرئيس في تأجيج الصراع داخل ليبيا.