تركيا تغمر معلماً أثرياً يعود إلى /900/ عام تحت مياه سد إليسو

نورث برس

 

أقدمت الحكومة التركية، على غمر المعلم الأثري المعروف بـ"القصر الصغير" في مدينة "حسنكيف" الأثرية جنوب شرقي تركيا تحت مياه سد إليسو.

 

وأفادت وكالة "ميزوبوتاميا"، أن مياه سد إليسو غمرت "القصر الصغير" بشكل فعلي بعد تدفق المياه إليه.

 

وخرجت لجان تابعة لوزارة الثقافة التركية للكشف على المنطقة بعد غمر جزء من المعلم الأثري تحت المياه، بحسب "ميزوبوتاميا".

 

وتعمل لجان البيئة المحلية على منع تدفق مياه السد بشكل أكبر إلى داخل القصر، بحسب الوكالة، التي لم تذكر أي تفاصيل إضافية عن الأضرار التي لحقت بالمعلم الأثري. 

 

وبدأ إقامة سد "إليسو" في عام 2006 في جنوب شرقي تركيا، بعد أن وافقت الحكومة التركية للمرة الأولى على إنشائه في عام 1997.

لكن عدداً من سكان المنطقة ومدافعين عن البيئة إضافة لمنظمات محلية ودولية أعربوا عن قلقهم إزاء تأثير هذا المشروع على البيئة وعلى تراث المنطقة.

 

ويعود تاريخ مدينة حسنكيف إلى /12/ ألف سنة خلت وتحوي آلاف المغاور والكنائس والمقابر.

 

وفور استكمال ملء السد بالمياه، من المتوقع أن يغرق الخزان، الذي تبلغ مساحته /300/ كيلومتر مربع مدينة حسنكيف المهمة، من الناحية الأثرية.

 

ويعود تاريخ القصر الصغير إلى عصر الأيوبيين أي حوالي /900/ عام. وقد تم إغراقه تحت مياه سد إليسو بعد ضخ المياه يوم أمس من قبل الحكومة التركية.

 

آثار كارثية

 

ونهاية أيار/ مايو الماضي، حذر تقرير حقوقي، من العاصمة المصرية القاهرة، من آثار كارثية يسفر عنها سد "إليسو" التركي على دول الجوار.

 

وسلط التقرير الصادر عن منظمة عضو بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الضوء على المخاطر الاقتصادية والمائية والثقافية التي سوف تعاني منها دول الجوار، وذلك ضمن الآثار السلبية والمخاطر الجسيمة الناتجة عن بناء السد التركي.

 

وبالإضافة إلى التأثيرات السلبية لهذا السد على التراث الثقافي والأثري في منطقة حصن كيفا التاريخية التركية والتي يعود تاريخها إلى /12/ ألف عام وتضم العديد من الآثار الأشورية والمسيحية والإسلامية التي تجعل من المنطقة ملتقى للعديد من الثقافات، سيؤثر أيضاً على منطقة الأهوار في العراق والتي تتعرض إلى الجفاف لتصبح صحراء نتيجة بناء هذا السد، لأنه سيمنع تدفق المياه إليها، وهي المنطقة المدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو كونها تتمتع بتنوع بيولوجي وتاريخ متعدد للثقافات، وفق التقرير الصادر عن مؤسسة "ماعت" للسلام وحقوق الإنسان.

 

كما أشار التقرير -الذي حصلت "نورث برس" على نسخة كاملة منه- في الأول من الشهر الجاري، إلى الأضرار الجسيمة على الحياة البيئية في دولة العراق نتيجة بناء هذا السد والمتمثلة في انخفاض منسوب المياه المتدفق إلى نهر دجلة وهو ما يترتب عليه أزمة في مياه الشرب والزراعة داخل العراق هذا إلى جانب زيادة ظاهرة التصحر والتلوث النوعي للمياه والتأثير على الصناعات العراقية بسبب انخفاض الطاقة المتولدة عن محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعتمد على المياه مع عدم توافر الظروف البيئة الملائمة لنمو الثروة السمكية مما سيؤدي إلى انخفاضها، الأمر الذي ينتج عنه أضرار اقتصادية أيضاً.

 

تجاهل الاتفاقيات الدولية

 

وأوضح التقرير التجاهل التركي للاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تحدد إنشاء المشروعات المائية، مثل معاهدة لوزان، ومعاهدة الصداقة وحسن الجوار، بالإضافة إلى اتفاقية الأمم المتحدة للعام 1997 بشأن استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية.

 

وأوضح التقرير الآثار السلبية الجسيمة التي تقع على دول الجوار جراء ملء هذا السد، سواء على مستوى السكان، أو على المستوى الزراعي، أو الاقتصادي، وكذلك على مستوى البيئة النهرية، بالإضافة إلى انخفاض الطاقة المتولدة عن محطات توليد الطاقة الكهربائية.

 

وفي الحادي عشر من أيار/ مايو الماضي، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستبدأ تشغيل أول عنفة في سد "إليسو" جنوب شرقي تركيا.

 

وقال أردوغان عقب اجتماع أسبوعي لمجلس الوزراء حينها، "سنبدأ في تشغيل واحد من ستة محركات لسد إليسو، أحد أكبر مشروعات الري والطاقة في بلادنا".

 

وتسبب السد، الذي وافقت عليه الحكومة التركية عام 1997، في تشريد نحو /80/ ألف شخص من /199/ قرية، وأثار قلق الحكومة في العراق الذي يخشى من تأثيره على إمدادات المياه لنهر دجلة، بحسب منظمات حقوقية.

 

وقال نشطاء في آب/ أغسطس 2019، إن السلطات التركية بدأت بتعبئة خزان سد "إليسو" المثير للجدل، والذي ستغمر مياه بحيرته الاصطناعية مدينة "حسنكيف" الأثرية التي يعود تاريخها إلى /12/ ألف عام، ويعتبر مصدراً للتوتر مع العراق المجاور.

 

وكشفت صور التقطتها أقمار اصطناعية بين 19 و29 تموز/ يوليو العام الماضي، ارتفاع منسوب المياه وراء السد المقام على نهر دجلة.

 

ويتخذ بناء سد "إليسو" بعدا جيوسياسياً أيضاً، لأنه يدخل في إطار مفاوضات حساسة بين تركيا والعراق بشأن مياه نهر دجلة.